كتب أنطوان عامرية في جريدة الجمهورية:
رغم استنكار أبناء الفيحاء عروس الثورة الحادثة الدموية التي حصلت في منطقة البداوي بين الجيش والمتظاهرين، إلّا أنّهم أصرّوا على مواصلة الحراك، فنزلوا لليوم الحادي عشر الى ساحة الثورة (النور)، بأعداد فاقت الأيام العشرة السابقة، مؤكدين أنّ من حقهم العيش بكرامة، وأنّهم والجيش اللبناني والقوى الأمنية واحد في مواجهة الضائقة التي يعيشونها نتيجة ما سمّوه التسلّط والهيمنة على إرادتهم وحياتهم، لافتين الى أنّهم سيمضون الأيام والليالي في الساحات والشوارع غير آبهين بما تخبّئ لهم السلطة، في حين ردّد بعضهم «نحن لسنا مكسر عصًا وما منقبل نتدعوس»، ورغم البيان الذي أصدره الجيش اللبناني حول الحادثة، أكّدوا على ضرورة ألّا تحاول قوى الامر الواقع توريط الجيش بدماء المتظاهرين .
إستمر توافد المتظاهرين مساء السبت وطوال الاحد الى «ساحة الثورة»، مؤكدين مواصلة الثورة حتى تحقيق المطالب باستقالة الحكومة وتأليف حكومة اختصاصيين تعمل على قانون جديد للانتخابات واجراء انتخابات نيابية مبكرة ومحاسبة الفاسدين وناهبي المال العام. وبعد ظهر الاحد توافد المئات الى الاوتوستراد الجنوبي للمدينة ليشكلوا سلسلة بشرية امتدت كيلومترات وصولاً الى بلدة القلمون ليلاقوا المتوافدين من قرى وبلدات الكورة وبشري رافعين الاعلام اللبنانية ومرددين شعارات الثورة وسط الأغاني الوطنية التي كانت تُبثّ عبر مكبرات الصوت المنقولة على السيارات. خلال اليومين العاشر والحادي عشر شهدت ساحة الثورة في طرابلس توافد عدد كبير من السيدات والصبايا من جمعيات وهيئات اهلية من مختلف المناطق والطوائف مؤكدات انّهن من «عناصر الثورة» التي تحاكي مختلف طبقات الشعب اللبناني . كما حمل ابناء الكورة العلم اللبناني الذي وقع عليه اكثر من 500 مواطن وسلموه الى المعتصمين في الساحة ليرفع الى جانب المنصة في بناية غندور.
الى ذلك، ومع تشعّب المطالب لدى المتظاهرين يومياً بدأت تظهر بعض المجموعات المشاركة في الحراك كمجموعة اطلقت على نفسها اسم «نبض لبنان»، عقدت اجتماعاً في الميناء استعرض خلاله المجتمعون عناصر القوة ومكامن الضعف وناقشوا الفرص المتاحة والتحديات في سبيل إيجاد معادلة تضبط وتيرة سرعة انهيار الفاسدين من الطبقة السياسية الحاكمة كي لا يقع الوطن في الفراغ المطلق كما أشارت المجموعة في بيان صادر عنها.
وكان للتحالف البيئي المدني المشكّل من أكثر من 100 جمعية وحركة وناشطين في مجال البيئة وعلومها إعلان وجهوا فيه التحية الى انتفاضة الشعب التي تلاقي وقوف التحالف البيئي في وجه كلّ من شوّه بيئة لبنان، مطالبين بوضع التشريعات البيئية اللازمة وتفعيل دور النيابات العامة المركزية وإقرار استراتيجية كاملة ومستدامة لإدارة النفايات وضرورة الانتقال السريع من مصادر الطاقة التقليدية الى الطاقة المتجددة دون المسّ بالطبيعة والبيئة ووضع استراتيجية شاملة تحدّد الحاجات الحقيقية لقطاع المقالع والمرامل والكسّارات ومعامل الترابة عبر سنّ قوانين ناظمة، وتبنّي سياسة بيئية عادلة لإدارة الشواطئ واستراتيجية وطنية لإدارة الموارد المائية والتخلي عن السدود الجبلية غير المجدية، وتشريع خاص لإدارة الموارد الحرجية وثروة الغابات والتشدّد بتطبيق إلزامية دراسة الأثر البيئي.
وكما قال أحد الناشطين تبقى آمال كلّ المشاركين في الاعتصامات معلّقة على مواصلة الحراك في كلّ المناطق اللبنانية بالزخم نفسه والوتيرة نفسها حتى تحقيق المطالب ولو اختلف البعض حول العناوين العريضة لها لأنّها تبقى ثورة الجياع والمقهورين في وجه سلطة أمعنت في الفساد وأوصلت البلاد الى الهاوية.
تجدر الإشارة الى انّ المعتصمين في كفرحزير يواصلون قطع طريق الكورة مفسحين المجال لمرور السيارات على طريق جانبية، كما يستمر قطع اوتوستراد شكا والبترون مع ترك مجال لعبور السيارات على مسلك واحد بحضور عدد من عناصر قوى الأمن الداخلي. وبحضور عناصر الجيش يواصل أبناء البداوي قطع الطريق في أوقات متقطّعة من النهار.