كتبت بولا أسطيح في صحيفة “الجمهورية”:
أثار قرار «التيار الوطني الحر» رفع السرية المصرفية عن حسابات مسؤوليه سجالاً بين مؤيديه ومعارضيه، فيما اعتبر حقوقيون أن الخطوة تبقى غير قابلة للتنفيذ وناقصة ما دام القوانين اللبنانية لا تسمح بالتخلي عن حق السرية المصرفية بالمطلق وتربطه بحالات معينة.
وبعد اجتماع عقدته الهيئة السياسية في «التيار» يوم أمس الاثنين، برئاسة وزير الخارجية جبران باسيل، أعلن عضو «تكتل لبنان القوي» النائب إدي معلوف أن جميع وزراء ونواب «الوطني الحر» قاموا بتوقيع كتب مصدقة من كتّاب العدل، رفعوا بموجبها السرية المصرفية عن حساباتهم وتنازلوا تنازلاً كلياً عن التذرع بها بمعرض أي دعوى قضائية مرتبطة بالاستيلاء على المال العام أو بهدره، وربطوا ذلك بصدور طلب عن هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان و-أو عن السلطات القضائية اللبنانية المختصة.
وأشار معلوف إلى أن هذه الخطوة هي «بداية مبادرات من التيار الوطني الحر كان بدأها رئيسه قبل سنتين وسيكثفها التيار في المرحلة القريبة المقبلة وصولا إلى كشف فوري لحسابات كل المسؤولين السياسيين والموظفين المتعاطين بالمال العام، وإجراء تحقيق خاص بأي شبهة تظهر في هذه الحسابات»، مشدداً على أن «الهدف الأساس هو الوصول إلى إقرار منظومة القوانين المتعلقة بالفساد: استرداد الأموال المنهوبة، رفع الحصانة ورفع السرية المصرفية، المحكمة الخاصة بالجرائم المالية، الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، وذلك لكي يتم استرداد أموال الدولة المنهوبة والموهوبة ولكي تتم محاسبة الفاسدين والسارقين وتنجلي الحقيقة أمام الشعب اللبناني بدل موجة التضليل والافتراء والكذب السائدة».
إلا أن الخطوة التي قام بها «الوطني الحر» قد تكون غير قابلة للتنفيذ، بحسب رئيس منظمة «جوستيسيا» الحقوقية الدكتور بول مرقص الذي يشير إلى أن المادة 2 من قانون سرية المصارف تحمي العميل من أي تعرض لخصوصياته، إلا إذا صدر عنه إذن واضح ومحدد ومباشر بذلك، موضحا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «بالقانون لا إمكانية للتنازل عن حق السرية المصرفية بالمطلق، والأمر يبقى منوطاً بشخص ومصرف وحساب معين». وأضاف مرقص: «الحل لرفع السرية بشكل كامل وقابل للتنفيذ على أرض الواقع يكون بإصدار قانون جديد يعدّل قانون سرية المصارف المعمول به حالياً على أن يشمل رفع السرية المصرفية تلقائياً عن حسابات كل المسؤولين سواء النواب أو الوزراء أو غيرهم من الموظفين الرسميين وعن حسابات أقاربهم أقله من الدرجة الأولى».
وكان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون حثّ على وجوب رفع السرية المصرفية عن حسابات كل من يتولى مسؤولية وزارية حاضراً ومستقبلاً لاعتباره أن تعميم الفساد على الجميع فيه ظلم كبير.
وسقط في مجلس النواب مشروعا قانون لرفع السرية المصرفية عن حسابات المسؤولين الذين هم على تماس مع أموال عامة. الأول تقدم به «الوطني الحر» والثاني النائبة بولا يعقوبيان.