كتب ألان سركيس في “نداء الوطن”:
لا يقتصر رفع الصوت داخل الكنيسة على الإكليروس الماروني بل تعدّاه إلى بقية الطوائف المسيحية الأخرى وكل أطياف المجتمع، خصوصاً أن الصرخة الشعبية عارمة ولا حدود لها.
أمام كل هذه الوقائع الشعبيّة وتعنت السلطة، تبقى العين على لبنان مع كل ما يحصل من ثورة شعبية، وفاجأ كلام قداسة البابا فرنسيس أمس الاول الجميع، ودلّ على متابعته الوضع اللبناني، وقد دعا إلى سلوك طريق الحوار لإيجاد حلول عادلة في الأزمة السياسية والاجتماعية التي يمرّ بها لبنان، وقال إن أفكاري مع الشعب اللبناني العزيز، خصوصاً الشباب الذين أسمعوا في الأيام الأخيرة صرختهم في وجه التحديات والمشاكل الاقتصادية والإجتماعية في البلاد.
من هنا يفهم الجميع أن الفاتيكان لا يترك لبنان بل يتابع أخبار إنتفاضته الشعبيّة. وتؤكّد مصادر قريبة من الفاتيكان لـ”نداء الوطن” أن البابا هو الثائر الأول، ويسير على خطى السيّد المسيح الذي كان أول من ثار على الظلم وأحدث ثورة إنسانيّة وغيّر مسار البشريّة جمعاء.
وتوضح المصادر أنّ البابا، ومنذ أن استلم سدّة البابوية أطلق حرباً شرسة على الفساد، وقد بدأ من البابويّة من ثمّ انطلق نحو الكنيسة جمعاء، وقد دعا إلى إجراء إصلاح شامل في الكنيسة بعد أن ضجت الأخبار عن فساد بعض رجال الدين في كنائس عدّة بدل أن تكون تلك الكنائس لمساعدة الفقراء والجياع في العالم”.
وإنطلاقاً من كلّ ما ذكر، تشدّد المصادر على أن الفاتيكان يتابع الوضع اللبناني عن كثب، وهو لا ولم يهمل هذا الملف أبداً، خصوصاً أن البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي كان يضعه بصورة دائمة حول ما يجري في لبنان من شلل للإقتصاد وإستشراء للفساد وهدر للمال العام وبطالة وهجرة للشباب من كل الطوائف، وسط ازدياد الضغط على الكنائس والأديرة لتلبية حاجات الناس بدل أن تكون الدولة هي المرجعيّة في ذلك.
وتضيف المصادر: يتابع الكرسي الرسولي عبر سفيره البابوي لحظة بلحظة ما يحصل في لبنان، ويبارك إنتفاضة الشعب الثائر والجائع، ولا يدخل بالحسابات السياسيّة الضيّقة أو بتصفية الحسابات بين السياسيين اللبنانيين، بل كل ما يهم الفاتيكان أن يعبر لبنان هذه اللحظة الصعبة ويتم تحقيق أحلام الشعب اللبناني وآماله، ويعتبر أن كل ثورة على الظلم ستنتصر”.
وتحصل لقاءات بين رجال دين مسيحيين لمتابعة تطورات الثورة على الأرض وتتوالى المواقف المؤيّدة لتحرّك الشعب، حيث لا يمكن فصل ما يحدث عن تراكمات السنوات الماضية وما جلبت على لبنان من كوارث.
ويعتبر تبني الراعي للثورة والصلاة على نيتها كل يوم بمثابة الموقف الطبيعي للكنيسة، حيث لا يمكنها إلا أن تكون بجانب شعبها وترافقه في هذه الأوضاع الحرجة.
وبعد مواقف البابا والراعي ومتروبوليت بيروت للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة والمطارنة، لم يعد “التيار الوطني الحرّ” قادراً على القول إن “القوات” هي من حرّكت الشارع لمواجهته ومواجهة العهد، كذلك لا يمكنه القول أيضاً إنّ السفارات هي من حركتهم أو إنه توجد مؤامرة لضرب العهد، بل إنّ ما يحصل هو صرخة حقيقية خرجت من أفواه الناس ولا يزال المسؤولون يصمّون آذانهم عن سماعها.
وفي هذه الأثناء، تراقب الدول الكبرى تطورات الوضع اللبناني، وهي تؤكّد حماية المتظاهرين السلميين وعدم قمعهم واستعمال القوة في وجههم، لكن في المقابل لم يخرج حتى الساعة أي موقف من الدول الكبرى يدعو إلى رحيل الحكومة وتأليف حكومة بديلة.
وبحسب التأكيدات الرسمية، فإن الدول الكبرى تركّز الآن على تمرير الإصلاحات وعدم السماح للوضع اللبناني بالإنهيار، لأن أي إنهيار مالي قد يرافقه إنهيار أمني تطاول شظاياه دول المنطقة وقد تصل إلى أوروبا.
من هنا، فإن الفاتيكان يبدي كل الحرص على استقرار لبنان وأمنه، وأن يجتاز هذا البلد المحنة التي يمرّ بها، وأن تتحقق مطالب الشعب الثائر.