Site icon IMLebanon

استقالة الحريري ضربة قوية للضاحية وشبكة أمانها!

أعلن الرئيس سعد الحريري استقالته في خطوة “نوعية” لم يتوقّعها شركاؤه في الحكم الذين راهنوا على شخصيته المرنة وعلى ميله الدائم نحو أخذ الصعوبات والتحديات في صدره. فحلّ قراره “المفاجئ” على هؤلاء كالصاعقة، وحشرهم جميعا في الزاوية. بحسب ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية” فإن بعبدا والتيار “الوطني الحر” و”حزب الله” وحركة “أمل” إضافة إلى تيار “المردة”، أُربكت كلّها بعد رمي الحريري استقالته في وجهها. وبعد “الصدمة”، ستباشر – أو باشرت- اتصالات في ما بينها للتباحث في الخيارات الواردة أمامها للمرحلة المقبلة.

هذه الخيارات ليست كثيرة، تتابع المصادر. فتحت ضغط الشارع، سيتعين على المسؤولين سريعا، تحديد الخطوة المقبلة وإلا عاد الثوار إلى الطرقات. سيكون عليهم أولا، تحديد موقفهم من تكليف الحريري من جديد. فإذا أرادوا أن يعود إلى السراي سيكون عليهم السير بشروطه، أي حكومة اختصاصيين خالية من أي أسماء استفزازية.. فهل يرضون، خاصة وأن أحد أهم أسباب إعلان الحريري استقالته كان تمسّك هذه القوى بحكومة “سياسية”، رافضين استبعاد أي شخصية نافرة منها؟

الخيار الثاني، هو ذهابهم نحو اختيار شخصية جديدة لتأليف الحكومة. لكن مهمّتهم لن تكون سهلة. فمَن هو الطرف السني الذي سيرضى بلعب هذا الدور بعد أن التفّت المرجعيات السياسية والروحية السنّية حول الرئيس الحريري في بيت الوسط، في أعقاب استقالته؟ وهنا، يجب أخذ عامل مهم في الاعتبار إلا وهو أن “حزب الله” يبحث عن حكومة “تحميه” وتؤمن له غطاء شرعيا في ظل الاستهداف الدولي الذي يتعرض له. وللغاية، تمسّك حتى اللحظة الأخيرة بالحريري رئيسًا للحكومة ورسم خطوطا حمراء حول سقوطها. فهو يدرك أن الرجل، بشبكة علاقاته العربية والدولية الواسعة، قادر على إعطائه ما يعجز سواه عن تأمينه. وقد شكّلت استقالة الحريري ضربة قوية للضاحية وشبكة الأمان التي كانت تنسجها حول نفسها.

على أي حال، وإذا افترضنا أن الفريق الحاكم وجد بديلا من الحريري، فأي حكومة سيشكّل؟ حكومة سياسيين من لون واحد هو لون 8 آذار بطبيعة الحال، بعد أن أعلن رئيس الحزب “الاشتراكي” وليد جنبلاط أنه لن يشارك في أي حكومة لا يرأسها الحريري وهذا يعني وضع لبنان في وجه المجتمع الدولي بأسره، ومساعدات مؤتمر سيدر الموعودة في مهب الريح (وأيضا خسارة “حزب الله” الاحتضان اللبناني الذي كان ينعم به في مجلس الوزراء الحالي)؟ أم سيشكل حكومة تكنوقراط ربما مطعّمة ببعض السياسيين، خاصة وأن قوى كبرى وأبرزها التيار “الوطني الحر” ترفض التخلي عن وزراء “ملوك” بالنسبة إليها.

الصورة على هذه الضفة يجب أن تتبلور في الساعات المقبلة التي ستحفل بمباحثات مكوكية مكثفة بين المعنيين. لكن ثمة عاملا جديدا يجدر بهؤلاء أخذه في الحسبان هذه المرة، إلا وهو ثوار17 تشرين. فإسقاط الحكومة أتى بضغط منهم وهم مصرون على حكومة اختصاصيين حياديين. وهُم، وإن خرجوا من الطرقات اليوم إلا أنهم سيعودون إليها في حال لم تكن التركيبة الجديدة على قدر طموحاتهم، وإذا لمسوا أن ثمة مماطلة في التكليف والتأليف.

فهل اتّعظ الأطراف السياسيون من الانتفاضة واستقوا منها العبر؟ أم أنهم سيستمرون في المكابرة وفي تقديم مصالحهم الفئوية والشخصية، مديرين ظهورهم للشارع و”مستخفّين” بمطالبه فيشعلون من جديد نار الثورة التي لا تبدو في وارد التراجع عن خريطة طريقها: تشكيل حكومة تكنوقراط، فالتحضير لانتخابات نيابية مبكرة، فاسترجاع الأموال المنهوبة؟