في 13 تشرين الأول الفائت، هدد رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل أمام جمع من المناصرين والمحازيبين بقلب الطاولة في وجه الجميع، بمجرد أن يضرب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يده على الطاولة نفسها، مطلقا في الوقت عينه إشارات عن عدم رضى على مآل التسوية الرئاسية. كان هذا قبل الثورة الشعبية التي دفعت الرئيس سعد الحريري إلى قلب الطاولة في وجه الشركاء والحلفاء، على السواء، استجابة لمطالب الشارع المحتقن الذي ملأ الساحات داعيا إلى استقالة الحكومة. خطوة لم تنزل بردا وسلاما بطبيعة الحال على رئيس الجمهورية ولا على التيار الوطني الحر الذي لم يتأخر في إعطاء إشارات تفيد بأن الاستقالة فاجأت الأوساط البرتقالية. لكن الأهم أن الأمور باتت اليوم في مكان مختلف يرسمه التيار العوني بوضوح: بالنسبة إليه، الرئيس الحريري بدا أمس كمن يسحب يده من يد شريكه على غفلة. لكن هذا لا ينفي احتمال عودته إلى السراي، خصوصا إذا قرر الشريك السابق مده بجرعة دعم برتقالية. لكن الأهم يكمن في أن عهد رئيس الجمهورية وما بقي منه لن يتأثر بهذه “الصدمة ” التي أرادها الحريري ايجابية، فالأولوية لمكافحة الفساد.
وفي تعليق على الصورة السياسية منذ أن فجّر الحريري قنبلة استقالته في وجه الجميع، واضعا إياها “بتصرف الرئيس عون والشعب اللبناني”، أوضحت مصادر في تكتل لبنان القوي لـ “المركزية” “أننا ما زلنا تكتلا نيابيا عريضا من 27 نائبا (بعد انسحاب النائبين شامل روكز ونعمت افرام على وقع ثورة 17 تشرين الاول)، وسيأتي يوم يحدد فيه الرئيس ميشال عون موعدا للاستشارات النيابية، لنبني على الشيء مقتضاه”.
وشددت المصادر على “أننا اليوم أمام أناس سحبوا يدهم من يدنا بشكل مفاجئ، ونعني هنا الرئيس الحريري”، لافتة في المقابل إلى “أننا توقعنا خطوة من هذا النوع عندما كثر الكلام عن تراجع في زخم الحراك الشعبي، لأننا كنا على يقين أن التحركات بهذا الزخم لا يمكن إلا أن تنتهي إلى شيء. لكن الرئيس الحريري لم ينسق استقالته معنا”.
وعما إذا كان لدى التيار بديل من الحريري لرئاسة الحكومة في وقت بدا المشهد في البيت الوسط، خصوصا من حيث حضور مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان، معطوفا على البيان الذي أصدره رؤساء الحكومات السابقون، تأكيدا للتأييد السني العارم لزعيم “المستقبل”، أوضحت مصادر لبنان القوي “أننا لم نجتمع بعد لاتخاذ القرار في هذا الشأن”، مشددة على أن “هذه التجربة علمتنا أن من المفترض تغيير طريقة إدارة الملفات، خصوصا في ما يتعلق بمكافحة الفساد التي سجلنا فيها تساهلا كبيرا، وهذا ما ستكون عليه الأمور في النصف الثاني من ولاية الرئيس عون”.
وفيما أكثر التيار والمحسوبون عليه من إشارات رفض قيام حكومة من الاختصاصيين في هذا التوقيت السياسي الحساس، طبقا لما يطالب به المتظاهرون في الشارعـ، على اعتبار أن هذا النوع من الحكومات لا يمكن أن يأخذ القرارات السياسية “الكبيرة” التي تحتاج إليها البلاد راهنا، لااكتفت المصادر البرتقالية بالاشارة إلى أن “تكتل لبنان القوي مؤلف من 27 نائبا ولا يمكن القفز فوقه في هذا الشأن، علما أن هناك أكثر من 100 نائب يمكن الحديث معهم عن حكومة الاختصاصيين”، مشيرة إلى “أننا نحن من نقرر إذا كان الوزير جبران باسيل استفزازيا أو لا، لكن لا قرار في شأن الحكومة بعد”.