عشية الكلمة التي يلقيها الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عند الثانية والنصف من بعد ظهر غد الجمعة في حفل تأبيني للسيد جعفر مرتضى العاملي، تكثر الاسئلة حول ما ستتضمّنه اطلالته من مواقف في شأن التطورات الداخلية المتسارعة. فاللعبة الحكومية تبدّلت وانقلبت رأسا على عقب، منذ كلمته الاخيرة يوم الجمعة الماضي. في ذلك اليوم، كان نصرالله جدد اللاءات التي رفعها منذ أول ايام الثورة الشعبية، رافضا استقالة الحكومة الحالية واسقاط العهد والانتخابات النيابية المبكرة. غير ان تشدده هذا، لم يجد صداه في بيت الوسط، حيث قرر الرئيس سعد الحريري، الثلثاء، بعد ان بلغت اتصالاته لمحاولة الخروج من الأزمة حائطا مسدودا، اعلان استقالته، واضعا القوى السياسية كلّها وعلى رأسها الفريق الرئاسي وحزب الله أمام مسؤولياتهم. هذه الخطوة وان كان نواب الحزب اعلنوا انهم كانوا في صورتها، أربكت الاطراف كلّها. فوفق ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية”، الضاحية منذ انسحاب الحريري، خلية نحل لا تهدأ وتشهد اتصالات داخلية ومع المقار الرئاسية المعنية والحلفاء، للتدارس في الخيارات والسيناريو الافضل للمرحلة المقبلة. واذ تستبعد ان يخرج نصرالله بموقف نهائي وحاسم من التكليف والتأليف في كلمته غدا، المصادر الى ان ثمة عوامل كثيرة يأخذها في الاعتبار، الا وهي ضرورة تشكيل حكومة تؤمن له غطاء داخليا يقيه الرياح العاتية التي تهب عليه من كل حدب وصوب ولا سيما من الولايات المتحدة الاميركية على شكل عقوبات، آخذة بالاشتداد حول عنقه وآخرها صدر امس عن الخزانة الاميركية. وكوادر الحزب هنا يسألون “هل من شخصية سنية قادرة على حمايتنا أفضل من الحريري؟ وهل يمكن لحكومة تكنوقراط اختصاصيين خالية من الحزبيين، لا ممثل لنا فيها، أن تساعدنا في هذا المجال؟ ام على العكس، ستكشف ظهرنا امام “الاعداء”؟ وهل يمكن ان تكون حكومة من لون واحد تضم فقط أفرقاء 8 آذار، حلا في هذه المرحلة؟ لا جواب واضحا بعد لدى حزب الله، تضيف المصادر. وهو في رأيها، قد يرى ان خيار استمرار الحكومة المستقيلة في تصريف الاعمال هو الانسب اليوم، فيكون بذلك أثبت أحقية ما كان حذّر منه “البديل لن يكون متوافرا بسهولة”، وفي الوقت عينه، أبقى التوازنات السياسية الراهنة على حالها.
وسط هذه الاجواء، تقول المصادر ان من الضروري ان ينصت الحزب للشارع ولما يريده ثوار 17 تشرين، فهُمْ باتوا الرقم الصعب في التأليف، ويطالبون بحكومة اختصاصيين حيادية. وفي وقت أثبتت الوقائع في الساعات الماضية، ان الترهيب والترغيب لم يثبّطا عزيمة المنتفضين بل على العكس، بدليل انهم عادوا الى الطرق والساحات وتحديدا رياض الصلح رغم غارات التكسير والضرب التي تعرضوا لها على يد حزبيين منذ يومين، ورغم المسيرات الدرّاجة التي حاولت استفزازهم، تسأل المصادر “هل سيستمر الحزب في المكابرة وفي طرح خيارات لا تتلاقى وما يطلبه الثوار، مع ما يعنيه ذلك من تذكية لغضبهم وتحرّكاتهم على الارض، وقد كانت الليلة الماضية “بروفا” لما يمكن ان يحصل”؟ وهنا قد تتوسع أهدافه لتطال العهدَ كلّه. ام سيخفّض نصرالله غدا سقفه ويقدّم لبيئته أوّلا، ما تطلبه”؟ لننتظر ونرَ تقول المصادر، علما ان مواقف مرشد الثورة الايرانية علي خامنئي هنا لا تحمل على التفاؤل كثيرا، وقد دعا امس “المتظاهرين في لبنان والعراق إلى اتباع الأطر والهيكليات القانونية في بلادهم لتحقيق مطالبهم”، معتبرا ان “أكبر ضربة يمكن أن يوجهها الأعداء إلى أي بلد هي أن يسلبوه الأمن”، مضيفا “أوصي الحريصين على العراق ولبنان أن يعالجوا أعمال الشغب وانعدام الأمن الذي تسببه في بلادهم أميركا والكيان الصهيوني وبعض الدول الغربية بأموال بعض الدول الرجعية”. اما المستشار الخاص لرئيس مجلس الشورى الاسلامي حسين امير عبداللهيان فرأى ان “النسخة الجديدة للارهاب السياسي في العراق ولبنان مصيرها الفشل”.