Site icon IMLebanon

كلمة منتصف ولاية الرئيس.. خريطة طريق تحتاج قرارًا

بمعزل عن أراء القوى السياسية الموالية والمناهضة للعهد وسيده وكيفية تلقف الشارع الثائر مضمون الكلمة التي وجهها رئيس الجمهورية ميشال عون إلى اللبنانيين لمناسبة الذكرى الثالثة لانتخابه وما تضمنته من “كشف حساب”، لا بد من الإقرار، وبعيدا من الأحكام المسبقة التي امتهن فريق من اللبنانيين إطلاقها تبعا للولاءات السياسية، أن رئيس الجمهورية نجح في مكان ما في كسب ودّ الشباب الطامح إلى التغيير، وتحديدا تغيير الوجوه التي ألفها في الحكومات السياسية على مدى عقود والمسؤولة عن حال الهريان التي وصلت إليها البلاد لتحقيق إصلاح لم يتحقق منه حتى الساعة إلا ندرة بسيطة. فهو لامس في أكثر من محور بعض تطلعاتهم لاسيما بإشارته إلى أن على الحكومة المقبلة إعادة ثقة اللبناني بدولته ويجب اختيار الوزراء وفق كفاءاتهم وخبراتهم وليس وفق ولاءات سياسية أو استرضاء الزعامات وبالتوجه اليهم مباشرة بقوله “أوصلتم صوتكم رغم الضجيج الذي حاول خنقه وتحويله عن مساره، وأنتم نواة شعب لبنان العظيم وقلبه النابض ولا تسمحوا بتهاوي أحلامكم أمام توظيف واستغلال”.

في الكلام الرئاسي الكثير من الصدق والإرادة الحقيقية للخروج من الأزمة والعبور إلى بر الإمان الذي أراده الرئيس عون منذ اللحظة الأولى لتبوئه سدة الرئاسة ساعيا إلى بناء دولة القانون والمؤسسات التي انبثق منها والكفيلة إذا ما تحققت بأن يسجل تاريخ لبنان الحديث له عهدا هو الأنجح إثر طي صفحة الحرب البغيضة.

وفيما رسم الرئيس عون خريطة طريق الحل والمحاسبة، قالت أوساط سياسية مراقبة لـ”المركزية”: “لا يشكّن أحد من اللبنانيين في نيات الرئيس وإرادته لنقل الوطن إلى مصافِ الدول الآمنة التي يطمح إليها كل مواطن، وليس فقط من هم في الساحات غير أن الظروف المحيطة بالبلاد منذ ثلاثة أعوام كان لها اليد الطولى في عدم تمكنه من تحقيق الإنجازات التي يتطلع إليها وفي مقدمها محاسبة الفاسدين ومن توالوا على نهب المال العام وخيرات البلاد وحالوا من دون دفع الاقتصاد إلى الأمام، فمن ناحية اصطف بعض القوى السياسية على جبهة مواجهة العهد وعمدوا إلى عرقلة مشاريعه ومن ناحية أخرى غرقت البلاد في موجة من الانقسامات على خلفية التطورات الإقليمية التي سعى الرئيس عون كما وعد في خطاب القسم إلى إبعاد البلاد عنها من خلال النأي بالنفس والحياد الإيجابي إلا أن إرادة البعض بعدم الاستجابة لهذا القرار شكلت حائلا من دون تحقيقه.

وفيما أملت الأوساط أن “يتمكن الرئيس عون في النصف الثاني من ولايته من نقل الأقوال إلى أفعال وترجمة الوعود التي أطلقها في خطاب القسم وكلمة نصف ولاية العهد”، اعتبرت أنه “كان يمكن لسيد البلاد إلا يكتفي بمواقف عامة في كلمته بل يغوص أكثر في اللحظة لاستيعاب صرخة الشارع من خلال تقديم ضمانات ليس أقلها الإشارة إلى عزمه على تشكيل حكومة تكنوقراط يعلن أنه سيكون أول من يبادر إلى عدم تسمية أي وزير من فريقه السياسي فيها تتولى مهمة تنفيذ الورقة الإصلاحية التي أعدتها “إلى العمل”. حكومة توحي بالثقة للشعب الثائر على الطاقم السياسي بأكمله إذ خلاف ذلك يعني الرفض المطلق شعبيا واهتزاز ما تبقى من ثقة بالرئاسة التي ما زال الكثير الكثير من اللبنانيين يعّولون عليها دربا وحيدا للخلاص، واعتبرت أن مجرد إعادة طرح تشكيل حكومة سياسية أو حتى مطعّمة بالسياسيين وفق ما درج على تسميته حكومة تكنو سياسية، بحسب ما يسعى بعض القوى في السلطة سيعيد الثورة إلى الشارع والناس إلى الانتفاضة، كون الطبقة المشار إليها عاجزة عن تنفيذ الأجندة الإنقاذية الموعودة.

وأكدت الأوساط أن “بعد خطاب الرئيس بات المطلوب بإلحاح إقران القول بالفعل وترجمة فورية لخريطة الطريق التي رسمها عبر تحديد آلية التكليف والتأليف من خلال عدم تحكم الاعتبارات السياسية نفسها بها، وإلا فإن إسكات الثوار بعدها قد يخرج من السيطرة ويتفلت من كل القيود”.