كتبت إيفا أبي حيدر في صحيفة الجمهورية:
يبدو أنّ أزمة المحروقات لم تنته فصولها بعد، ولقد انتقلت الخلافات أمس من أصحاب المحطات وأصحاب الشركات المستوردة للنفط مع المصارف الى ما بين أصحاب المحطات وأصحاب الشركات المستوردة للنفط. فما الذي حصل؟ وهل سيتحمّل المواطن وحده وزر هذا الخلاف؟
ما ان تهدأ جبهة المحروقات حتى تعود لتشتعل مجدداً، ويتهافت بنتيجتها المواطنون للاصطفاف على محطات المحروقات لتخزين البنزين في سياراتهم. والمطلوب اليوم من المواطنين أن يحتاطوا لأزمة قد تتخذ منحى التصعيد اعتباراً من يوم الاثنين المقبل، إذا لم تعمل الأطراف المعنية على حلها.
إنها أزمة تسعير الدولار مجدداً التي دفعت أصحاب محطات المحروقات الى تنفيذ وقفة احتجاجية أمس بعد تأزّم الخلاف بينهم وبين أصحاب الشركات المستوردة للنفط، وطالبوا مجدداً بـ»ضرورة إصدار الفواتير للمحطات والموزّعين بالليرة اللبنانية».
وفي هذا السياق، اعتبر رئيس مجموعة محطات البراكس جورج البراكس «انّ هناك بعض الشركات المستوردة للنفط تريد أن تلعب بالنار في الأوقات الصعبة التي تمر بها البلاد». وقال لـ«الجمهورية»: «إنّ أزمة المحروقات بدأت قبل بدء الحراك، لكننا توصّلنا وقتذاك الى آلية اتفاق برعاية رئيس الحكومة مع مصرف لبنان والمصارف من جهة والشركات المستوردة للنفط ومحطات المحروقات من جهة أخرى. وتنصّ الآلية التي جرى الاتفاق عليها على أن يؤمّن مصرف لبنان الدولارات للشركات المستوردة للنفط من خلال اعتماد مصرفي مخصّص لذلك. وهناك اتفاق بين مصرف لبنان والشركات المستوردة للنفط يتعلق بطريقة احتساب القيمة الاجمالية للاعتماد، وقد تبيّن لنا أنّ هناك إشكالية على نسبة العمولة بين هذين الطرفين، لا علاقة لها بأصحاب المحطات.
إضافة الى ذلك، تمّ الاتفاق على دفع ثمن المخزون المتوافر اليوم في خزّانات النفط بالليرة اللبنانية من قبل أصحاب المحطات، على أن يؤمّن مصرف لبنان من خلال الاعتمادات قيمته بالدولار، بسعر صرف 1515 ليرة. وقد بدأ أصحاب المحطات بشراء النفط من الشركات على هذا الاساس، لكن ما لبثت أن بدأت الاحتجاجات في الشارع، وأقفلت المصارف على أثرها، فعمدت الشركات المستوردة للنفط الى قبول الدفع بالليرة اللبنانية من قبل أصحاب المحطات والموزعين بالأمانة، على أن يصدر ذلك بفواتير بالليرة اللبنانية يحافظ من خلالها أصحاب المحطات على جَعالتهم. لكنّ أصحاب الشركات الموزّعة للنفط أبقوا على تسعيرة فواتيرهم بالدولار على أساس انّ الدولار 1507.5، وعندما حان موعد قبض ثمن الفاتورة بالليرة اللبنانية، احتسبوا الدولار بـ 1515 وأخذوا بذلك 150 ليرة من جعالة أصحاب المحطات.
ومع ذلك أقدم أصحاب الشركات المستوردة للنفط على إعطاء أصحاب محطات المحروقات إيصالات انهم قبضوا ثمن المحروقات بالليرة اللبنانية وليس بالدولار، على رغم أنهم قبضوا الثمن وفق تسعيرة دولار 1515 ليرة، وعمدوا الى تجميع كل الفواتير الصادرة بالليرة اللبنانية معهم بالأمانة على أساس أنّ المصارف مقفلة.
وأمس، ومع فتح المصارف أبوابها، أبلغنا أصحاب الشركات المستوردة للنفط أنهم سيعمدون الى احتساب الفواتير الصادرة بالليرة اللبنانية على أساس 1530 ليرة، عازين ذلك الى أنّ المصارف أخذت من هذه الشركات عمولة 0.5%، وهم يريدون تجيير هذه الكلفة الاضافية لتحميلها الى أصحاب المحطات».
هذه المعضلة كانت مدار جدال أمس الاول بين أصحاب المحطات وأصحاب الشركات المستوردة للنفط، الذين طلبوا مراجعة الموضوع مع مصرف لبنان.
ووفق البراكس «أفضى الاجتماع مع رئيس تجمع الشركات المستوردة للنفط جورج فياض الى لقاء سيجمعه يوم الاثنين مع مسؤول مدير القطع في مصرف لبنان والمسؤول عن ملف المحروقات، وفي ضوء ما سينتج عن هذا الاجتماع يجتمع أصحاب الشركات المستوردة للنفط وأصحاب المحطات مع وزيرة الطاقة ندى البستاني. إلّا أنّ ما تم الاتفاق عليه مع فياض منذ يومين، لم تلتزم به الشركات المستوردة للنفط، بحيث عادت الأمور صباح أمس الى التصعيد مجدداً، فقد رفض بعض أصحاب الشركات المستوردة للنفط تزويد أصحاب المحطات بالمحروقات إلّا اذا دفعوا ثمن البضاعة نقداً وبالدولار، كما رفضوا قبول الشيكات المصرفية، وأبلغونا انّ كل الايصالات السابقة التي دفعناها بالليرة اللبنانية خلال فترة الحراك سيتم احتسابها على أساس الدولار بـ 1530 ليرة».
وبناء على هذه المعطيات، أكد البراكس انه «في حال لم يتم التوصّل الى حلول يوم الاثنين، فلن يكون أمامنا سوى التصعيد الكبير». وناشَد المسؤولين «التدخّل، إذ لا يجوز أن تبقى الدولة في موقع المتفرّج».
وفي السياق نفسه، طالبَ ممثل موزّعي المحروقات فادي ابو شقرا وزيرة الطاقة والمياه في حكومة تصريف الاعمال ندى بستاني بـ»حل الاشكال بين الشركات المستوردة للنفط والمصارف، وتخفيف الاعباء التي يتحمّلها المستوردون، والتي تنعكس على أصحاب المحطات والموزعين». وأكد «ضرورة إصدار الفواتير للمحطات والموزعين بالليرة اللبنانية، وفقاً لِما طالب به أصحاب المحطات في وقفتهم الاحتجاجية صباح أمس».
وفي السياق، تعذّر الاتصال بأيّ مسؤول في الشركات المستوردة للنفط، للوقوف على وجهة نظر الشركات حيال هذه الأزمة.