في اليوم الثاني من عودة العمل الطبيعي إلى أروقة المصارف، حافظت مشهديّة النشاط المصرفي وإقبال المودِعين والمواطنين على هدوئها وطابعها المنتظم، على رغم ضغط المعاملات التي علِقت في حبال الجمود طوال ثلاثة عشر يوما من الثورة الشعبية.
وخَتَم على ذلك ما أكده رئيس جمعية مصارف لبنان سليم صفير أن “المصارف اللبنانية لم تشهد أي تحرّكات غير عادية للأموال يوميّ الجمعة والسبت، بعدما ظلت مغلقة لمدة أسبوعين بسبب الاحتجاجات في مختلف أنحاء البلاد”. وقال، في معرض حديثه لوكالة “رويترز”: “كانت ردّة الفعل متوقعة تقريبا. وعلى رغم ذلك، الناس جميعهم يطرحون الكثير من الأسئلة، ومن جهتنا قدّمنا أكبر قدر ممكن من التطمينات”.
مصدر مصرفي رفيع اعتبر، لـ”المركزية”، أن “انسيابيّة النشاط المصرفي بين الأمس واليوم، ونجاح المصارف في تلقف هذا الضغط – بعيداً من أي استثناء يخدش ثقة اللبنانيين بقطاع طالما كان الداعم والسند – لم يأتِيا هباءً ولم يُخلقا من عدم، بل من رَحِم التلاصق المتين والراسخ بين مصرف لبنان وعلى رأسه الحاكم رياض سلامة، وجمعية المصارف برئاسة سليم صفير، تنسيقا مستمرا وتعاونا جبّارا في ظروف بالغة الدقة”.
وأضاف المصدر: “الأول شهدت له السنوات الطوال من السرّاء والضرّاء، محليا ودوليا، حيث كان رافدا للثقة وباعثا للطمأنينة إلى نقدٍ مستقر لم تزعزعه السياسات ولا الحروب ولا الشائعات التي لم يَجف حِبرها حتى اليوم. والثاني الذي لم يمضِ على انتخابه شهورا حتى أثبت أنه أمين على مسيرة أسلافه، مُحكِم الإمساك باستقرار العمل المصرفي وتألّقه، بقبضةٍ اتّسمت بالحكمة والوعي اللذين رسما خطوط النجاح في السير بين ألغام العقوبات الأميركية والحركات الثورية والتحديات السياسية وما أكثرها”.
ولفت المصدر نفسه إلى أن “التحديات التي تلوح في أفق الاستحقاقات المنتظرة على اختلافها، لن تكون أقل حدّة ودقة من سابقاتها، خصوصا أن البلاد مقبلة على استشارات نيابية ستفضي إلى تسمية رئيس حكومة وصولا إلى التشكيلة الوزاريّة التي لم تتظهّر صورتها حتى الساعة، بين سياسية أو تكنوقراط أو تكنو – سياسية”.
وفي غمرة تلك الاستحقاقات، طمأن المصدر إلى أن “السلطتين النقدية والمصرفية تتسلّحان اليوم، كما في الأمس، بسياسات مالية نقدية مصرفية ناجعة أثبتت التجارب صحّتها ودرايتها والتسجيل لها بأنها نجحت في إنقاذ البلاد من أتون الانهيار الذي يهدّد اقتصاده بين الفينة والأخرى”.
في سياق هذا العرض، خَلص المصدر إلى أن “لبنان، بجناحيْه النقدي والمصرفي، قوي ما يكفي لتخطي أعتى الأزمات، وقادر بامتياز على الوصول إلى شاطئ الأمان حيث يستطيع حينها استقطاب ما يصبو إليه من استثمارات، وتعزيز ما يرغب من عجلة الإنتاج فالصادرات”.