ناشد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي المسؤولين والسياسيين “الا تخيبوا مرة أخرى آمال شعبنا، ولا ترغموهم على العودة من جديد إلى الشوارع والساحات، من بعد أن حييتم حراكهم ورأيتم فيه دفعا أساسيا باتجاه وضع الورقة الإصلاحية”.
وقال الراعي في عظته: “الإيمان والمحبة هما ركنان لحسن استعمال السلطة في العائلة والكنيسة والمجتمع والدولة. وإليهما يرمز “سلطان الحل والربط” الذي سلمه الرب يسوع لسمعان بطرس وللكنيسة. عندما قال لتلاميذه: “من أراد أن يكون الأول فليكن خادما للجميع” وشجب في الوقت عينه “تسلط أسياد الأمم على شعوبهم” (مر43:10)، أراد القول إن السلطة هي لخدمة الناس، لا لاستغلالهم، والتسلط عليهم، وإهمال حقوقهم. هذا المفهوم للسلطة يفترض عند الرؤساء والمسؤولين الكثير من التجرد والتواضع والتحرر من الأنانية التي هي أصل الفساد الذي تعاني منه مؤسسات الدولة وإداراتها، والذي يحميه أصحاب النفوذ ممن هم في السلطة، إذ يغطون فساد جماعتهم. يعلنون وجوب مكافحة الفساد، وعندما يحاول القضاة القيام بهذا الواجب، يتدخلون في عملهم عن غير وجه حق، ويأمرون بالحد من ممارسة صلاحياتهم، وهم بذلك يخالفون أصول المحاكمات بالإفراط في استعمال سلطتهم. إنهم بذلك يقوضون القاعدة الجوهرية لقيام الدول: “العدل أساس الملك”.
وأضاف: “الشباب الذي قام بالحراك الحضاري، الرافض للفساد لدى الجماعة السياسية، والمطالب بحكومة جديدة توحي الثقة، وتحقق الإصلاحات اللازمة في الهيكليات والقطاعات، والنهوض الاقتصادي والمالي، والعدالة الاجتماعية، وتضمن مستقبله في وطنه، لا يقبل بأنصاف الحلول، ولا يصدق بعد الآن الوعود. وقد قال بالفم الملآن المعتصمون في جميع المناطق اللبنانية بشبابهم وكبارهم، أن لا ثقة لهم بالسياسيين. فلم يجرؤ أحد من هؤلاء على الانضمام إليهم. الشعب يطالب بحكومة حيادية مصغرة من شخصيات لبنانية معروفة بقيمها الأخلاقية وإنجازاتها الكبيرة، وبتحررها من الروح المذهبية والطائفية والانتماء الحزبي والسياسي. فتباشر للحال في تنفيذ الورقة الإصلاحية. فيا أيها المسؤولون والسياسيون لا تخيبوا مرة أخرى آمال شعبنا، ولا ترغموهم على العودة من جديد إلى الشوارع والساحات، من بعد أن حييتم حراكهم ورأيتم فيه دفعا أساسيا باتجاه وضع الورقة الإصلاحية.”
وتوجه الى المعتصمين بالقول: “أنتم، أيها الشباب والكبار الذين اعتصمتم كمواطنين موحدين تحت راية الوطن، ومتجاوزين كل انتماء طائفي ومذهبي وحزبي، لا تخسروا هذا المكسب الكبير. أرفضوا كل اصطفاف ينال من وحدتكم، وتصرفوا بحكمة وفطنة تجاه كل من يستدرجكم للعودة إلى الانقسامات الفئوية. فمطالبكم والقضية اللبنانية توحدكم، ولبنان يعلو فوق كل اعتبار، لأنه بدولته القادرة يؤمن الخير للجميع، والخير الفائض. كلهم يخشون نهاية مصالحهم، أما أنتم فتخشون القضاء على بلدكم ووطنكم” .
وختم الراعي: “إننا نلتمس من الله ان يلهم المسؤولين في إيجاد السبيل الأفضل إلى تشكيل الحكومة الجديدة في أسرع ما يمكن، حكومة حيادية توحي الثقة لشعبنا وقادرة على القيام بالإصلاح المنشود، والنهوض الاقتصادي والمالي، لخير جميع اللبنانيين. ونرجو بذلك أن يتمجد الله الآب والابن والروح القدس، الآن وإلى الأبد”.