فيما تتواصل انتفاضة الشعب العراقي ضد الفساد والوضع المعيشي المزري وضد التدخلات “الاجنبية” في شؤون البلاد وشجونها، سجّلت “الثورة” مساء امس فصلا جديدا لافتا للانتباه، وفق ما تقول مصادر دبلوماسية لـ”المركزية”.
فقد حاصر مئات المحتجين ليل الأحد مقر القنصلية الإيرانية في مدينة كربلاء جنوب العاصمة العراقية بغداد، ذات الاغلبية الشيعية، وأضرموا النيران في جزء من جدارها ورشقوها بالحجارة، وذلك قبل سماع أصوات طلقات نارية. ورفع متظاهرون العلم العراقي على سور القنصلية الإيرانية في كربلاء، وهتفوا ضد إيران وطالبوا بمغادرة موظفي القنصلية العراق، حيث رددوا هتاف “إيران برا برا، وكربلاء تبقى حرة”.
المحصّلة كانت ثقيلة حيث قتل خمسة متظاهرين بالرصاص خلال الاحتجاجات التي تخللها عنف، حسبما أعلنت مصادر طبية لوكالة عالمية. وقد أطلقت قوات الأمن العراقية الرصاص الحي باتجاه المحتجين الذين يتهمون الجهمورية الاسلامية بأنها خلف النظام السياسي العراقي “الفاسد” الذي يطالبون بـ”اسقاطه”.
قبل تطورات كربلاء، كان شباب عراقيون قاموا مساء السبت، بتغيير تسمية شارع الخميني في محافظة النجف إلى شارع “شهداء ثورة تشرين”. وبحسب صورة تداولها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر متظاهرون وهم يمسحون اسم شارع الخميني ويعلقون لافتة كتب عليها “بأمر الشعب.. شارع شهداء ثورة تشرين”. وقال معلقون على تويتر إنه “من غير المنطقي تسمية الشارع الذي يؤدي إلى مطار النجف الدولي باسم الخميني”.
على الصعيد عينه، قال المرجع الشيعي آية الله علي السيستاني في خلال خطبة في مدينة كربلاء منذ ايام “ليس لأي شخص أو مجموعة أو جهة بتوجه معين أو أي طرف إقليمي أن يصادر إرادة العراقيين أو يفرض رأيه عليهم”. وحذر من “الاقتتال الداخلي والفوضى والخراب” إذا شنت قوات الأمن أو الفصائل شبه العسكرية حملة على الاحتجاجات.
هذه المستجدات كلّها، تؤكد وفق المصادر، ان الشارع العراقي بات يرفض بقوة مظاهر الحضور الايراني في بلاد الرافدين، وهو ينتفض ضد طهران مطالبا الجمهورية الاسلامية بكفّ يدها عن الوضع العراقي، وبوقف تدخلاتها في شؤونه، السياسية منها والعسكرية والاقتصادية.
وبحسب المصادر، فإن طهران لا تنظر بعين الرضى الى الانتفاضات التي تحدث في أكثر من دولة في المنطقة، وتحديدا في لبنان والعراق، سيما وان عددا لا بأس به من الشيعة يشاركون فيها في هذين البلدين، رافعين الصوت في وجه الواقع القائم حيث تبدو طهران بفعل أذرعها العسكرية التي تنشرها فيهما، من حزب الله الى الحشد الشعبي، تسعى الى الهيمنة على قرارهما السياسي والاستراتيجي واختزالهما. وفي معظم الاحيان، جرّتهم الى حروب ومواجهات كانت مكلفة لهم اقتصاديا ومعيشيا و”انسانيا”. وأبرز دليل الى انزعاج ايران مما يجري كان على لسان مرشد الثورة علي خامنئي الذي وصف منذ ايام “الاحتجاجات الشعبية المستمرة في العراق ولبنان منذ أسابيع بأنها “أعمال شغب تديرها أميركا وإسرائيل وبعض دول المنطقة”، حسب تعبيره.
وسواء نجحت ايران في احباط الانتفاضتين ام لا، فإن المصادر تعتبر ان يبدو واضحا ان النفوذ الايراني في المنطقة، دخل مرحلة جديدة سيكون عنوانها التراجع والتقلص، تختم المصادر.