كتب مايز عبيد في صحيفة “نداء الوطن”:
أصبح لأيام الثورة تاريخها وأصبحنا نتحدث عن اليوم الأول والثاني والثالث، حتى اليوم السابع فالثامن عشر من عمر هذه الثورة الفتية.
وفي اليوم السابع عشر من أيام هذه الثورة، كانت مدينة طرابلس على موعد مع ثوار الساحات، من بيروت والمناطق، الذين تداعوا عبر مواقع التواصل الإجتماعي ومجموعات “الواتساب” للنزول إلى ساحة النور والتجمع فيها.
قبل وصول الثوار من بيروت انطلقت مسيرة لهيئات المجتمع المدني من ساحة النور وجابت بعض الشوارع في المدينة. حمل المشاركون في المسيرة شعارات ولافتات الثورة مثل: “يسقط النظام الطائفي”، “الضمان خط أحمر والسكن خط أحمر”، سفاراتنا لبنانية وسفاراتكن أجنبية”، وغيرها من الشعارات الثورية الشعبية.
وحضرت إلى ساحة النور (ساحة الثورة) في طرابلس وفود من البقاع وبيروت والعديد من المناطق اللبنانية، وصلوا مساء السبت إلى الساحة، وذلك من أجل التضامن مع المتظاهرين في الشمال وفي مدينة طرابلس “عروس الثورة”. وصلت مواكب الثوار إلى طرابلس والتحم ثوار المناطق مع ثوار طرابلس والشمال الذين استقبلوهم بحفاوة لافتة ليبدأ الجميع ليلاً جديداً من ليالي الإعتصامات والثورة المدنية السلمية من عاصمة لبنان الثانية وعروس ثورة الشعب اللبناني، “مدينة طرابلس”.
ليلة حلم
في هذا اليوم عاشت طرابلس ليلة من أجمل ليالي الثورة. إنها ليلة من التاريخ والحلم اللبناني، تستحق أن تؤرّخ في تاريخ طرابلس ولبنان. عشرات الآلاف من اللبنانيين من مختلف المناطق جمعتهم ساحة النور تحت ظلال العلم اللبناني والهتافات على أنغام الموسيقى الوطنية والثورية، فكانت هي النور الذي غطى شعاعه سماء هذا الوطن الباحث عن الحرية والسيادة والكرامة الوطنية. في هذه الليلة حضر الفنان زياد عيتاني من بيروت ليشارك آلاف الطرابلسيين والشماليين ثورتهم، وسط انتقادات واسعة طاولت الإعلام المرئي اللبناني الذي امتنع عن البث الحي لهذه التظاهرة كما كان يحصل في أول أيام الثورة. وخلال جولة لـ”نداء الوطن” بين المحتشدين في ساحة النور من زوارها من بيروت، كان تأكيد على أن “طرابلس أعطت خلال أيام الثورة صورتها الحقيقية، مدينة للسلام والعيش الواحد، ونحن هنا لنتضامن مع أنفسنا من قلب طرابلس”.
أحد الضغط
في اليوم الثامن عشر على الثورة أو ما سمي بأحد الضغط، بدأ ظهراً تجمع المعتصمين من أبناء طرابلس والشمال، عند مستديرة النيني للإنطلاق إلى ساحتي الشهداء ورياض الصلح. شاركت أيضاً وفود شبابية من عكّار والمنية والضنية وانطلقت جميعها إلى ساحات النضال في العاصمة بيروت للمشاركة بأحد الضغط على السلطة.
مواطنون آخرون فضّلوا البقاء في ساحة النور من أجل المشاركة في فعاليات وأنشطة المعتصمين وفي التحرك الشعبي الذي بدأ بجلسات حوارية في خيم حيث تطرح التساؤلات حول مصير التحرك وآفاق المرحلة المقبلة.
كما نفّذ الفنان عمران ياسين جدارية بعنوان “مستمرون”، وهي من إعداد مجموعة من الفنانين التشكيليين على قماش قياس 10×2 متر عند أحد جدران الساحة، وتأتي هذه الخطوة من ضمن فعاليات أيام الثورة في طرابلس التي لا تقتصر فقط على الأغاني الثورية والإحتفالات، إنما هناك الكثير من الفعاليات التي تقام على هامش التظاهرة في ساحة النور للعديد من الجمعيات الأهلية والمنتديات. ولا تخلو ساحة النور من المظاهر الطرابلسية المعروفة التي تشتهر بها طرابلس كالأسواق الشعبية التي تنتشر فيها البسطات والبائعون، حيث تحولت مصائب القادة السياسيين الذين يثور الشعب ضدهم إلى فوائد بالنسبة إليهم. يقول أحد بائعي الذرة “الحمد لله الوضع منيح عم نبيع أحسن من إيام قبل، بدنا نعيش والله يحمي هالوطن”.
مساء الأحد في ساحة النور بدأ المواطنون من طرابلس والشمال الإحتشاد في ساحة النور في مشهد يومي أصبح مألوفاً منذ بداية الثورة، تحت إدارة وتنظيم مجموعة “حراس المدينة” التي استلمت المنصّة إضافة إلى الأمور اللوجستية في ساحة النور، وأقامت المسرح الجديد وأجرت كل التعديلات اللازمة لهذه الغاية، بخلفية كبيرة هي العلم اللبناني مكتوب عليه على جدار مبنى الغندور “طرابلس مدينة السلام… مستمرون لإسقاط رئيسي الجمهورية ومجلس النواب”، في تعبير واضح وصريح عن أن هؤلاء الثوار لم تكن الحكومة ورئيسها هما الغاية وحدهما إنما شعار الثورة كان ولا يزال “كلّن يعني كلّن”.
يوم الأحد ذاك شهد مشاركة وفود من طرابلس ومناطق شمالية أخرى انطلقت باتجاه بعبدا للمشاركة في تظاهرة يوم الوفاء للرئيس ميشال عون التي نظمها “التيار الوطني الحر”.