كتبت مريم سيف الدين في صحيفة نداء “الوطن”:
بينما يعِد المسؤولون بالبدء بالمحاسبة والإصلاحات، تستمر مخالفة القوانين والأنظمة العامة والأعراف من موظفين محسوبين على أحزاب وقوى سياسية. مشهد يطرح تساؤلاً حول جدية الوعود الجديدة بالإصلاح، في وقت يعجز فيه خاطفو السلطة عن الإلتزام بأبسط القوانين. فكيف سيكافح من يخالف القوانين الفساد والسرقة؟ ومن يعجز عن معاقبة موظف لارتكابه خطأ مسلكياً؟ التجاوزات دفعت بالموظفين العامين إلى استغلال الفرص وإظهار ولاءاتهم الحزبية، وهم الذين تفرض عليهم الوظيفة العامة التخلي عن أية مهمة حزبية، وعدم إعلان المواقف السياسية. فهؤلاء لن يفكروا بالعقاب طالما يتطلعون إلى المكافأة التي يلوح المسؤولون بها.
تظاهرة مناصري “التيار الوطني الحر” أمام قصر رئاسة الجمهورية في بعبدا، والتي قيل أنها لدعم الرئيس بينما تبين أنها لتعويم رئيس “التيار” والوزير في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، شابها العديد من التصرفات التي تطرح تساؤلات حول قانونيتها. بدءاً بالمعلومات الإعلامية التي تردد أن باسيل يقيم في القصر الجمهوري، مروراً بالصور التي أظهرت تولّي عناصر من الحرس الجمهوري أمن باسيل وحمايته، بينما يفترض بها تولي حماية الرئيس. وصولاً إلى مشاركة المدير العام للجمارك بدري ضاهر في التظاهرة، ولا تقف أيضاً عند اليافطة المسيئة للنائبة ستريدا جعجع والتي قيل أن رافعها هو عنصر في الحرس الجمهوري من دون إثبات الأمر. وسبق ذلك مشاركة محافظ الشمال رمزي نهرا في تحرك “الوطني الحر” في البترون. ولم نسمع أي رد على التساؤلات التي طرحت من الجهات المعنية بالمحاسبة. من جهته أكد ضاهر لـ”mtv” أن “قانون الموظفين يسمح له بالانتماء إلى الأحزاب وليس المشاركة في التظاهرات فقط”. بينما ينص قانون نظام الموظفين (المادة 14) بوجوب أن “يتخلى الموظف كلياً، في حال إنتمائه إلى الأحزاب أو الهيئات أو المجالس أو الجمعيات السياسية أو الطائفية ذات الطابع السياسي، عن أية مهمة أو أية مسؤولية في هذه الاحزاب أو الهيئات أو المجالس أو الجمعيات”.
من الناحية القانونية، يقول المحامي والأستاذ في القانون الدولي الدكتور أنطوان صفير لـ”نداء الوطن” إن “المرسوم الاشتراعي الصادر سنة 1959 الذي يُعرف بنظام الموظفين في لبنان، يحدد المسؤولية الواقعة على الموظف، ويحظّر عليه القيام بها، من ضمنها أن يكون عضواً فاعلاً في جمعيات طائفية أو في مؤسسات أو أحزاب سياسية. لذلك من هذه الزاوية، أي المادة 14، وبناءً على المادة 15 من نظام الموظفين والتي تشير بشكل واضح إلى أنه يحظر على الموظف القيام بعراضات وإضرابات، فإن المشاركة في التظاهر يحظرها القانون، وتقع على الموظفين مسؤوليات وعقوبات تأديبية وعامة، يصدرها رئيسه أو الوزير حسب المخالفة أو الجرم. فلا يجوز للموظف أن يظهر في تظاهرات أو اجتماعات سياسية أو ذات مغزى سياسي أو حزبي من أي نوع”. وينطبق على نهرا القانون نفسه.
أما بالنسبة إلى الشاب الذي قيل أنه عنصر في الحرس الجمهوري، (وفق منشورات لصحافيين على مواقع التواصل الاجتماعي)، وشارك في التظاهرة رافعاً اليافطة المسيئة، فـ”الموضوع يتعلق بقيادتي الحرس الجمهوري والجيش، وهنا يخضع للإمرة العسكرية والقوانين التي ترعى عمل هذه المؤسسة، والنظم التي تحظر على القوى الأمنية القيام بأي تحرّك ذي مغزى سياسي وتتخذ تدابير من المؤسسة”، وفق صفير.
لكن المسألة الأهم والتي تحمل دلالات سياسية كثيرة إضافة إلى أماني باسيل الشخصية وأحلامه، تكمن في تولي الحرس الجمهوري حماية باسيل المقيم في بعبدا، وفق العديد من المعلومات. ويعتبر صفير الموضوع إدارياً “ويمكن للحرس الجمهوري أن يواكب أي شخص طالما التكليف آت حسب الأصول من قيادة الحرس الجمهوري، وفق القوانين والأنظمة التي ترعى عمل المؤسسة العسكرية ونشاطها. أما لجهة إقامة الوزير باسيل في بعبدا فلا أعتقد أن هذا الموضوع رسمي، لأن الموضوع هنا عام أو إعلامي. القصر الجمهوري هو مكان إقامة رئيس الجمهورية والإدارات التابعة له، وأي وزير يقيم في القصر الجمهوري عليه أن يستحصل على إذن رئيس الجمهورية. وما نراه ليس بالصورة الرسمية. رسمياً لا يقيم الوزير باسيل هناك كإقامة دائمة باعتبار أنه وزير في وزارة لا تتبع لرئاسة الجمهورية، فهي وزارة مستقلة. وبالتالي لا يجوز لأي وزير أن يقيم في مقر رسمي إلا إذا استحصل على إذن من الرئيس الإداري لهذا المقر”.