Site icon IMLebanon

زيادة الفوائد على قروض الإسكان… حان وقت الحسم

كتبت إيفون أنور صعيبي في “نداء الوطن”:

منذ ما يقارب الشهر، إشتكى عدد من المواطنين الذين يُسدّدون قروضاً سكنية من زيادة الفوائد من دون إنذار مسبق. الحجة آنذاك كانت عجز ميزان المدفوعات وتدنّي الاحتياطي لدى البنك المركزي بالاضافة الى تراجع الودائع بمستويات غير مسبوقة، الامر الذي أدى الى تخفيض تصنيف لبنان الائتماني وبالتالي ارتفاع وزيادة نسب الفوائد على القروض عموماً ومن ضمنها قروض الإسكان، مع العلم أن الفيدرالي الاميركي بدأ منذ فترة مرحلة تخفيض فوائده.

زيادة مئة ألف ليرة

اليوم يختلف السيناريو، فبالتزامن مع احتجاجات الشارع ونقمته على السلطتين السياسية والمالية، علت صرخة العديد من الأشخاص الذين فوجئوا، خلال الأيام القليلة الماضية التي فتحت فيها المصارف أبوابها، بزيادة فوائد قروض الإسكان حوالى 100 الف ليرة.

صحيح أن مصرف لبنان هو الجهة المنوطة إقرار الزيادة على فوائد القروض السكنية مدعومة كانت أم غير مدعومة، إلا أن بعض المصارف يتصرّف في بعض الاحيان بشكل اعتباطي. من حيث المبدأ، يقرّر المركزي زيادة الفوائد بناء على توفر الدولار أو عدمه. من هذا المنطلق ونظراً الى الافتقار المتزايد للعملات الاجنبية، يمكن تبرير هذه الزيادة ولو كانت في وقت غير مثالي، لا سيّما وأن كثراً يعجزون حالياً عن الحصول على الدولار، ويتمّ تعريضهم لمخاطر جمّة في اقتصاد مدولر يعتمد كثيراً على الاستيراد وسعر صرف ثابت.

الاكتتاب… في خبر كان

جرت العادة في لبنان أنه عند الحاجة الى العملات الأجنبية، كان يتمّ اللجوء إلى الحل الأسرع والأسهل، وهو طرح سندات خزينة للاكتتاب، فيسارع المستثمرون والمصارف إلى الاكتتاب لرفد الخزينة بالعملة الأجنبية. لكن أخيراً، أصبحت فوائد الاستثمار في سندات الخزينة منخفضة.

الى ذلك، فإن الفوائد في لبنان متحرّكة، أي انها ليست ثابتة. وهنا يمكن تبرير التفاوت في زيادة نسب الفوائد على القروض السكنية بالنظر الى المؤشر الذي اعتُمد لدى توقيع العقد. فليس هناك من مؤشر موحّد لهذه السوق، وتختلف نسب الفوائد بحسب مؤشر مصرف لبنان، أو مؤشر سندات الخزينة أو الـBRR مؤشر فوائد بيروت.

قزي: لا ثقافة مالية

الباحث في جامعة هارفرد دان قزي يوضح في اتصال مع “نداء الوطن” أن “لا ثقافة مالية في لبنان لتشرح للعملاء الفرق بين الفوائد الثابتة وتلك المتحرّكة. لو كان ذلك موجوداً لما فوجئ المقترضون بهكذا زيادات ولو كان توقيتها سيئاً. تتبع القروض بشكل عام إما لمؤشر سندات الخزينة وإما لمؤشر فوائد بيروت. مع زيادة الفوائد على سندات الخزينة تزداد حكماً الفوائد على القروض. لا بد من الإشارة الى أن الفوائد على سندات الخزينة تُعتبر منخفضة نسبياً، إلا أن هذا الانخفاض يُعتبر مصطنعاً، والسبب في ذلك عائد الى تداول هذه السندات في السوق الداخلية (مصرف لبنان والبنوك التجارية)”.

ويضيف: “في آخر طرح للاكتتاب بسندات الخزينة بدأت الفوائد على الليرة ترتفع إلا أنها، حسبما أرى، لا تزال منخفضة ولو تحررت يمكن ان تصل الى 25%”.

حماية الليرة تتطلّب تضحيات

اليوم اصبح على مصرف لبنان أن يختار بين حماية سعر الصرف أو إفلاس الشركات. فحماية الليرة تتطلب تضحيات مكلفة تنعكس نتائجها مباشرة على الاقتصاد جراء الفوائد المرتفعة في السوق، والتي تؤدي الى نقص في السيولة لاعتبار أن الشركات ستجد نفسها مضطرة إلى أن تعمل لسد ديونها والفوائد عليها. من هنا آن الأوان للاختيار: الإقتصاد أم الليرة؟!”.

في الأمس القريب، وجدت المصارف اللبنانية المتورطة في الاسواق الاقليمية كتركيا ومصر وسوريا من ينتشلها بعد الصفعات التي كانت قد تلقّتها إثر دخولها معترك أسواق “جديدة”. اما غيرها من المصارف الأخرى فاستفادت من هندسات مالية مصممة على قياسها لتُسجّل أرباحاً سُدّدت في النهاية من جيوب المواطنين. في تلك المرحلة تمّ تبرير الهندسات بالوضع الاقتصادي الهشّ والذي انعكس على هامش أرباح المصارف التي سجّلت انخفاضاً ملحوظاً. اليوم بات الواقع الاقتصادي وحتى النقدي والمالي أكثر إحراجاً ليس بالنسبة الى المؤسسات المالية الطامعة بالمزيد من الأرباح مهما كانت الأثمان، بل إنما للمواطنين “التعبانين” الـذين بالكاد يؤمّنون قوتهم اليومي ولا سيّما بعد انخفاض مدخول قسم كبير منهم الى النصف… أوَلا يستحقّ هؤلاء هندسات خاصة تُراعي الظروف المستفحلة والتي يبدو أنها منحدرة نحو الأسوأ؟