تواصل الجمهورية الاسلامية تصعيدها في وجه الولايات المتحدة الاميركية والاوروبيين في آن، رافعة السقف، عبر خرقها تدريجيا بنود الاتفاق النووي المبرم مع الدول الكبرى عام 2015. هدفُ طهران الضغط على واشنطن لرفع العقوبات الاقتصادية عنها، أما الاخيرة فتستخدم سلاح العقوبات لإرغام ايران على الالتزام بالوثيقة الدولية هذه اولا وعلى وقف تدخلاتها في قضايا دول المنطقة عسركيا وسياسيا، ثانيا، وعلى الجلوس الى طاولة الحوار للتفاوض على اتفاق آخر، ثالثا، وفق ما تقول مصادر دبلوماسية مراقبة لـ”المركزية”. آخر فصول الكباش الدائر هذا، سُجل امس مع فرض الولايات المتحدة، عقوبات على 9 أشخاص مرتبطين بإيران، من بينهم نجل المرشد الإيراني، بالإضافة إلى هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة، وذلك في الذكرى الأربعين لاقتحام السفارة الأميركية في طهران. وأوضحت وزارة الخزانة الأميركية على موقعها، أن العقوبات تشمل مجتبى خامنئي، نجل المرشد الإيراني علي خامنئي. كما طالت العقوبات كلا من مستشار المرشد الإيراني علي أكبر ولايتي، ورئيس السلطة القضائية في إيران، إبراهيم رئيسي، “لدوره في قمع الثورة الخضراء (الانتفاضة الشعبية التي تلت انتخابات الرئاسة عام 2009) وإعدام السجناء في إيران”.
قبل ذلك بساعات، أعلن رئيس وكالة الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي، أن بلاده زادت إنتاجها من اليورانيوم منخفض التخصيب 10 أضعاف خلال الشهرين الماضيين، بفضل أجهزة الطرد المركزي من فئة الجيل السادس. كلام صالحي جاء خلال زيارته محطة “نطنز” النووية في محافظة أصفهان، لتدشين بدء تشغيل 30 جهاز طرد مركزي متطور جديد من الجيل السادس. وذكر صالحي أن بلاده صممت نموذجين جديدين لأجهزة الطرد المركزي المتطورة بدأ اختبار أحدهما، وقال “نشهد اليوم تدشين مجموعة تضم 30 جهازاً للطرد المركزي (آي آر 6). وتأتي الزيارة قبل أيام من موعد تنفيذ طهران الخطوة الرابعة من تقليص التزاماتها بالاتفاق النووي. وقال صالحي إن “إنتاج طهران من اليورانيوم منخفض التخصيب ارتفع 10 أضعاف خلال الشهرين الماضيين، بعد تشغيل 15 جهازاً مركزياً من الجيل المتطور”. أوضح أن هذه الزيادة تقدر بـ”5 كلغم يومياً”…
شظايا قرارات ايران التصعيدية هذه، لا تصيب واشنطن فحسب، بل تطال الاوروبيين الساعين الى التوسط بين طهران وواشنطن، قبل سواهم. وقد عبر الاتحاد الأوروبي اليوم عن “قلقه الشديد” ازاء اعلان طهران استئناف انشطة تخصيب يورانيوم كانت مجمدة واعتبر ان الدفاع عن الاتفاق النووي المبرم عام 2015 “يزداد صعوبة”. وقالت الناطقة باسم وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني “نعبر عن قلقنا الشديد ازاء اعلان الرئيس حسن روحاني الذي عاد عن التعهدات التي قطعتها طهران. نحض ايران على عدم اتخاذ اجراءات جديدة يمكن أن تقوض بشكل إضافي الاتفاق النووي الذي بات الدفاع عنه يزداد صعوبة”.
والحال ان المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي، الذي أكد الاحد معارضته لأي حوار مع واشنطن، انتقد ايضا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لمحاولته الترتيب لمحادثات بين واشنطن وطهران. ونقل التلفزيون الرسمي عن خامنئي قوله، إن “الرئيس الفرنسي الذي يقول إن اجتماعا سيحل المشكلات بين طهران وأميركا إما ساذج أو متواطئ مع أميركا”.
لكن رغم المواقف الايرانية النافرة هذه، تشير المصادر الى ان طاولة التفاوض لا بد ان تنعقد بين هؤلاء والاميركيين، وما يجري اليوم ليس الا لاعداد العدة لها. فكل طرف يريد قبل الحوار، تحسين شروطه للخروج بأكبر كمّ من المكاسب.