Site icon IMLebanon

بمأتم رسمي وشعبي.. لبنان ودّع ميشال إده

ودّع لبنان الوزير السابق ميشال إده بمأتم رسمي وشعبي، وترأس راعي أبرشية بيروت المارونية المطران بولس عبد الساتر ممثلا البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي،صلاة الجناز في كنيسة مار يوسف – الحكمة في مطرانية بيروت المارونية – الأشرفية، بمشاركة راعي أبرشية جبيل المارونية المطران ميشال عون والمطران بولس مطر وبمعاونة لفيف من الكهنة.

وقد حضر ممثل رئيس الجمهورية ميشال عون وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الاعمال منصور بطيش، ممثل رئيس مجلس النواب نبيه بري النائب مروان حماده، ممثل رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري الوزير السابق غطاس خوري، رئيس الجمهورية الأسبق أمين الجميل، ممثل الرئيس حسين الحسيني حسن الحسيني، رئيس الحكومة السابق تمام سلام، ممثل عن بطريرك الأرمن الارثوذكس آرام الاول كيشيشيان، نائب رئيس مجلس الوزراء في حكومة تصريف الأعمال غسان حاصباني، الوزراء في حكومة تصريف الأعمال: مي شدياق، كميل أبو سليمان وريشار قيومجيان، سفير فرنسا برونو فوشيه، سفير سوريا علي عبد الكريم علي، النواب: نديم الجميل، هنري حلو، جان عبيد، نعمة إفرام، ميشال معوض، نقولا صحناوي وآلان عون، الوزراء السابقون: ليلى الصلح حماده، منى عفيش، ميشال فرعون، بطرس حرب، رمزي جريج، نبيل دو فريج، سجعان قزي، زياد بارود، وليد الداعوق، شكيب قرطباوي، إدمون رزق، عادل قرطاس، خليل الهراوي وبشاره مرهج، النواب السابقون: صلاح حنين، إميل رحمه ومروان أبي فاضل.

كما حضر نقيب المحررين جوزيف قصيفي، مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس، مدير عام الموارد المائية والكهربائية في وزارة الطاقة والمياه الدكتور فادي قمير، راعي أبرشية بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده، رئيس مجلس القضاء الأعلى السابق القاضي جان فهد، رئيس مجلس شورى الدولة السابق القاضي شكري صادر، منى الهراوي، لمى تمام سلام، رئيس الرابطة المارونية نعمة الله أبي نصر وأعضاء الهيئة الإدارية، رئيس المجلس العام الماروني الوزير السابق وديع الخازن وأعضاء الهيئة الإدارية، نائب رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” دريد ياغي، أمين عام حزب “الكتلة الوطنية” بيار عيسى، كارلوس إده، رئيس جمعية فرسان مالطا القنصل مروان صحناوي، مدير مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية رفيق شلالا، نقيبا المحامين السابقان أنطوان إقليموس وريمون شديد، رئيس جمعية “فرح العطاء” الدكتور ملحم خلف مترئسا وفدا من الجمعية، رئيس رابطة اللاتين رفيق بازرجي، رئيس الرابطة السريانية حبيب إفرام، الأمين العام السابق للمنتدى القومي العربي معن بشور، رئيس حركة “الأرض” طلال الدويهي، رئيس “المركز الكاثوليكي للإعلام” الأب عبدو أبو كسم، أمين عام المدارس الكاثوليكية الأب بطرس عازار، ميشال بشاره الخوري، الدكتور داود الصايغ، السفير روبير عرب، رئيس مرفأ بيروت السابق أنطوان حبيب، توفيق سلطان، كميل منسى وشخصيات سياسية ودبلوماسية وحقوقية وفكرية وثقافية واجتماعية.

بعد الإنجيل المقدس، تلا الخوري عصام ابراهيم الرقيم البطريركي وقال فيه: “البركة الرسولية تشمل بناتنا وأبناءنا الأعزاء: يولا الياس ضوميط، زوجة المرحوم الوزير ميشال سليم اده، وأبناءه وابنته وشقيقته وعائلاتهم، وسائر ذويهم وأنسبائهم في الوطن والمهجر المحترمين. رجل القانون والسياسة والثقافة، الوزير ميشال اده، يغادرنا بحزن على لبنان إلى بيت الآب في السماء. حزن عليه وهو يراه يتشوه بالممارسة السياسية، ويفقد شيئا فشيئا فلسفة هويته التي رسمها ميشال شيحا صديقه وصاغها في الدستور. فانجلت دعوته التاريخية كمساحة للعيش معا، والوحدة في التنوع، والحوار والانفتاح والحرية، مع الرهان على حفظها كلها بروح المواطنة التي هي أساس الانتماء إلى الوطن اللبناني. هذا كان قانون إيمان ميشال اده الذي جاهر به، وعاشه، وجسده في كل نشاطاته وأعماله، كمحام ورجل أعمال، ورائد صحافة ورجل سياسة ودولة، ووزير، ورئيس جمعيات، وبخاصة كإنسان مرهف في إنسانيته، وسخي بعاطفته وبعطاء يده بصمت وفرح، وكرجل ثقافة موسوعية، وحكمة، ورؤية وطنية ثاقبة”.

وأضاف: “إنه سليل بيت وأسرة كريمين. والده سليم اده، الاختصاصي في الشأن المصرفي، ووالدته ايزابيل ملحمه. في هذا البيت تربى أحسن تربية مسيحية، أخلاقية واجتماعية وإنسانية، مع شقيقته السيدة جورجين التي أسست عائلة مثله مع زوجها الوزير السابق هنري طربيه. تتلمذ لدى الآباء اليسوعيين في دروسه العامة، وفي اختصاصه بالحقوق، فنسج له صداقات على مقاعد المدرسة والجامعة وبخاصة مع رفيقي التخرج الجامعي المغفور لهما رئيسي الجمهورية الياس سركيس ورينيه معوض. بدأ نشاطه سنة 1951 بإنشاء مكتب محاماة مختص بالحقوق التجارية والأعمال، فكان محامي العديد من الشركات والمقاولات اللبنانية والدولية، فأزهر نشاطه. ارتبط في سر الزواج المقدس بشريكة حياة من أسرة كريمة هي السيدة يولا الياس ضوميط. عاشا معا حياة زوجية سعيدة باركها الله بالأبناء الأربعة والابنة الوحيدة. فوفرا لهم أحسن تربية على مثالهما مع العلم الجامعي الذي مكنهم من تحمل مسؤولياتهم وتأمين عيشهم الكريم. وسر بثلاثة منهم يؤسسون عائلات رضية، أبهجت قلبه ولا سيما الأحفاد الذين غمرهم بكامل حبه وحنانه وهم بادلوه العاطفة إياها. وها هو يترك لكم، أيها الأحباء، إسما وتراثا وإرثا على المستوى الإنساني والاجتماعي والوطني، وأمله وطيد بأنكم ستثمرون هذا الكنز النفيس إحياء لذكراه”.

وتابع: “ميشال اده رجل دولة وسياسة. تميز بتعاطيه السياسة بذهنية المثقف، واحترام التوازنات، وسداد النظرة، والأمانة للدستور والميثاق الوطني. شارك في الحكم ما يفوق الثلاثين سنة بدءا من سنة 1966 في عهد الرئيس شارل حلو، عندما أسندت إليه وزارة البريد والبرق والهاتف التي طورها بالتعاون مع الفرنسيين، ثم وزارة الإعلام في عهد الرئيس الياس سركيس، ومن بعدها وزارة الثقافة والتعليم العالي في عهد الرئيس الياس الهراوي، وأخيرا عين وزير دولة سنة 1996. فيشهد الجميع لتفانيه ومعرفته ومهارته وكبر نفسه في ممارسة هذه المسؤوليات. عايش النكبة الفلسطينية سنة 1948 فتبنى قضيتها وناصرها وكتب عنها. وتعمق في معرفة الملف الصهيوني وفكره وخطره وأطماعه على لبنان والوطن العربي. وكتب الكثير حول هذين الموضوعين. بفضل انفتاحه الوطني شغل منصب نائب رئيس مؤسسة العرفان الدرزية، ورئيس جوقة الشرف الفرنسية، ورئيس شرف جريدة لوريان – ليجور، ورئيس جمعية خريجي مدرسة الجمهور، وسواها من الجمعيات الخيرية”.

وأردف: “أولى الكنيسة المارونية اهتماما خاصا، فرئس لجنة ترميم كاتدرائية مار جرجس بعد أن هدمتها الحرب المشؤومة، وهي عزيزة على قلبه لا سيما وأن جديه ساهما في تشييدها، فكان هو أكبر المساهمين في الترميم الذي أعاد إليها بهاءها بحلة أجمل. ومن المؤلم أن يحول الحراك الشعبي العارم دون إمكانية جنازته في رحابها. وترأس الرابطة المارونية أربع سنوات، وصوب عملها، وأعاد النظر في نظامها. وفي سنة 2006 أسس مع المثلث الرحمة سلفنا البطريرك الكردينال مار نصرالله بطرس صفير المؤسسة المارونية للانتشار للعمل على قيد نفوس الموارنة المنتشرين والحصول على الجنسية اللبنانية. ففتح لهذه الغاية مكاتب في عدد من عواصم الدول”.

وختم: “أجل، بغيابه يخسر لبنان قامة وطنية كبيرة، يفتقد لأمثالها، لكي ينهض من معاناته السياسية والإقتصادية والمالية والاجتماعية. وإن كان له من وصية للمسؤولين السياسيين عندنا فهي أن يعودوا إلى الدستور ويلتزموا به نصا وروحا. ولنا أمل كبير أن ميشال اده الذي أحب الله والكنيسة ولبنان، سيكلل بإكليل المجد السماوي، ويشفع بوطنه لدى العرش الإلهي. على هذا الأمل واكراما لدفنته وإعرابا لكم عن عواطفنا الأبوية، نوفد اليكم سيادة أخينا المطران بولس عبد الساتر رئيس أساقفة بيروت السامي الإحترام، ليرئس باسمنا حفلة الصلاة لراحة نفسه وينقل اليكم جميعا تعازينا الحارة. تغمد الله روح فقيدكم الغالي بوافر الرحمة، وسكب على قلوبكم بلسم العزاء”.

ثم قلّد بطيش باسم رئيس الجمهورية، الراحل وسام الارز الوطني من رتبة ضابط أكبر، وقال: “رحيل الوزير السابق ميشال إده، يفتح جرحا في وجدان كل لبناني، وخصوصا من الجيل الذي عاصره إنسانا شاملا، ومثقفا، ووطنيا، ومحبا للخير، ومؤمنا بربه، ومخلصا لمسؤولياته الوطنية. فكان قدوة للأصالة والانفتاح، مختصرا في شخصيته رسالة لبنان إلى العالم. عظيم هو بتواضعه، نهم في ثقافته، وموضوعي عندما اندحر العقل في لبنان وتناثر اللبنانيون خلف المتاريس. لم تحد بوصلته السياسية والعروبية الدقيقة عن مصدر الصراعات والمشاكل والمؤامرات على لبنان. ومن خلال تبحره بالشأن الاسرائيلي، والصهيونية تاريخا وحاضرا، كتب، وعلم، وحاضر، وجاهر بما يشعر به كل لبناني في صميمه، وهو أن عدونا واحد، وصراعنا معه وجودي، ولا يجب أن نتلهى بتجاذبات تفقدنا مناعتنا أمامه، وتلاحمنا”.

وأضاف: “إنساني كان ميشال إده، دون غاية أو اعتبار لمصلحة ذاتية. أعطى الشباب دعما علميا، ايمانا منه بأنهم لبنان الجديد والمتجدد. وانتشرت عطاءاته بصمت المؤمنين، لأنه غالبا ما تكتم على أعماله الانسانية. رصين كان في عمله الوزاري، لكن حضوره الوطني تخطى عتبة الوزارات التي شغلها، فبات مرات عدة على قاب قوسين من الرئاسة الأولى. وليتنا خبرنا ما كان سيخلفه من بصمات على وجه لبنان، لو قدر له النجاح في الوصول إلى سدة الرئاسة. ماروني كان وفخور بمارونيته، لكنه عاشها ليس فقط التزاما روحيا وتراثيا وكنسيا، بل بالأحرى التزاما بقبول الآخر، والعيش معه بكرامة، وانفتاح، واحترام متبادل. فهم ميشال إده أيضا، أن لبنان لا تحده الجغرافيا في بقعة صغيرة من هذا المشرق العربي، بل حدوده الكون، فعمل عبر “المؤسسة المارونية للانتشار” التي أسسها مع البطريرك الراحل مار نصرالله بطرس صفير، على توطيد الروابط بين جناحي لبنان المقيم والمغترب، وابقاء جذور المنتشرين نابضة بالحياة”.

وختم: “أيها الراحل الكبير ميشال إده، أقف اليوم بحزن في يوم وداعك، ممثلا فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الذي يحمل في قلبه ووجدانه تقديرا كبيرا لشخصك ومزاياك الوطنية، لأضع على نعشك وسام الأرز الوطني من رتبة ضابط أكبر الذي منحك إياه فخامة الرئيس، سائلا الله تعالى أن يشملك برحمته، ويلهم عائلتك وأصدقاءك الصبر والتعزية”.

بدوره، قال قليموس باسم نقيب المحامين في بيروت اندره الشدياق: “قدر المحاماة كقدر لبنان في زمننا الرديء هذا، ان يخسر رجالاته الرجال. اليوم توقف قلب كبير عن الخفقان، انه قلب ميشال اده ابن هذا الوطن الصغير الذي افنى العمر فيه عطاء وكبرا من خلال عنوانين اساسيين طبعا حياته المحاماة والمارونية الحقة”.

وأضاف: “يا فقيد لبنان، لقد آمنت وآمنا معك، بأن المحاماة هي ممارسة للشهامة والكبر وقول للحق ورفع للظلم ومدرسة للعبر، وان المارونية هي تذويب للأنانيات في مصلحة الوطن العليا وليس في تذويب الوطن وتفتيته في مصلحة شخص او عائلة او حزب او عشيرة. لقد آمنت وآمنا بأن كرامة المحاماة هي حريتها وان لا حدود لها سوى التهذيب والكلام المباح، وان المارونية هي الحرية عينها، حدودها السماء والضياء وحرية الاخرين في الوطن. لقد آمنت وآمنا معك بأن المحاماة تعني الجرأة في المطالبة بحقوق الموكل كاملة دونما خوف من ظلم وظالم او قدرة قادر، وان المارونية هي المطالبة بحقوق المواطن من مغتصبيها في الداخل والخارج دونما خوف او وهن او انحناء هامة”.

وتابع: “أيها الكبير، لقد علمتنا ان المحاماة كما المارونية مسؤولية وامانة وعطاء وان قيادة الاوطان مسؤولية وامانة، وان هذه المسؤولية تتنافى والمزاجية والارتهان والوهن امام المغريات كافة. لقد علمتنا ان الكف الملوث بدم الابرياء ومال الذل لا يوجع الا صاحبه وان النزاهة ليست شعرا او مغنى بل نمط حياة وخبز دائم لمعنى الانسانية. لقد علمتنا ألا نخاف ظالما بل عليه، وان القهر يستنفد القاهر ولا يميت المقهور، وان حوار الاسياد وحده ينبت العزة والمجد وبراعم الامل”.

وقال: “أيها الماروني الاصيل، لقد رددت دوما بأننا لا نكون موارنة الا اذا حاورنا وحاولنا، لا نكون موارنة الا اذا واجهنا ووجهنا، لا نكون موارنة الا اذا تحررنا وحررنا، ولا نكون موارنة الا اذا ربطنا اللبنانيين وموارنتهم برباط من الصدق والشجاعة والثقة والانفتاح وقبول الاخر، لان انفتاحنا ليس وليد خوف او نقص او مصلحة انما سر قوتنا وجوهر تميزنا”.

وأردف: “أيها المحامي، لقد آمنت دوما بأن نقابة المحامين هي الحصن الحصين للحريات العامة وحقوق الانسان والمدافع الاول عن كرامة المواطن والوطن، وقدمت لها كل القوة والدعم وكنت الموصي دوما بإبقائها معقلا للوحدة الوطنية الجامعة وبمنأى عن التجاذبات السياسية الرخيصة يوم تعرض الوطن لغدر الغادرين وغصب العاصبين وذل المتآمرين. فيا ابن العائلة الكريمة التي اعطت المحاماة والموارنة والوطن كبارا في العطاء دونما منة، وعد نقابتك بأنها ستبقى على اصالتها ورسالتها دون ان ينضب معينها من الرجال الرجال الذين حملوا هم الوطن عبر الزمن وما زالوا انها المشرقة دوما وابدا”.

وختم: “أيها الراحل بصمت من جرحه الصمت، يا عاشق المحاماة كما الحبيبة، لن يفصلك الموت عنها، انها بكيانك ولدنك وستكون خير مدافع في رحاب السماء عن قضية وطنك الجريح، عل العلي القدير يدرج حلها دائرة تنفيذ الاعاجيب. فباسم حضرة نقيب المحامين في بيروت الاستاذ اندره شدياق واعضاء مجلس النقابة وباسمي الشخصي نتقبل من الديان الحكم والقدر، ونتقاسم مع عائلة اده الاسى العميق. فسلام لك وسلام عليك يا أعز الراحلين حيث انت في مملكة المجد الذي لا يزول”.