كتب خليل فليحان في “الشرق الاوسط”:
أثنى سفراء غربيون على الأسلوب الذي اتبعه الحراك الشعبي الذي انتقل من قطع الطرقات الرئيسية إلى الضغط على مؤسسات متهمة بالفساد، وذلك بالتجمع أمام مبانيها، ومنع موظفيها من الدخول إليها، وشمل أيضا فروعاً للمصارف، ومن بينها فرع مصرف لبنان في النبطية، للضغط على المسؤولين لتشكيل حكومة تكنوقراط جديدة تتولى تنفيذ مطالب الحراك.
ولاحظ هؤلاء أن مدة الاعتصام الذي بدأ أمس لم تدم طويلاً أمام الأهداف التي اختاروها، بهدف توجيه رسالة وعرقلة العمل، بعد 20 يوماً من التسويف، رغم اعتراف الرؤساء وقادة الأحزاب بشرعية الحراك بمطالبه المحقة، والاعتراف الضمني بالتقصير الذي ارتكبته العهود والأنظمة السابقة، وولد بطالة وفقراً، إضافة إلى إبقاء النفايات في الشوارع، مع انتشار الأوبئة الناجمة عنها، مع تقصير الخدمات في الكهرباء والمياه والضمان الصحي للمواطن.
ونقُل عن أوساط السفراء أنفسهم أنهم أبلغوا حكوماتهم عن استعمال القوة ضد المعتصمين في تجمعي جل الديب والزوق (شمال بيروت)، وحصول تدافع بالأيدي، وسقوط جريحين، وتوجيه عبارات نابية للمسؤولين، وأنه للمرة الأولى يتولى الجيش إزالة الخيم، وإبعاد المعتصمين عن الطرقات، وفتحها أمام المواطنين، بعد أن رفضوا التجاوب، وحصل تدافع بالأيدي، وتوقيف عدد منهم، وبعد التحقيق معهم تم الإفراج عنهم. وسأل سفير أوروبي أحد المسؤولين: لماذا استعملت القوة في تجمعي جل الديب والزوق، ولم تستعملها مع الذين هاجموا المعتصمين في جسر الرينغ وساحتي رياض الصلح والشهداء، الذين حتى لم يجرِ توقيفهم رغم أنهم معروفون بالاسم، وأن هجومهم صورته أقنية تلفزيونية لبنانية، وربما أجهزة أمنية مختصة؟ ولماذا لم تستخدم عناصر قوى مكافحة الشغب التي كانت مرابطة على الجسر في جل الديب والزوق؟
واعترف السفير بأنه ليس للحراك قيادة واحدة تديره فتضبط تحركاته، وما سبق أن حصل مثله في عدد من الدول الغربية التي شهدت حركات شعبية مماثلة. إلا أن ذلك يجب ألا يتكرّر لأنه سيعد تضييقاً للحراك الشعبي التغييري الذي دفع بالرئيس سعد الحريري إلى الاستقالة، رغم أن القوى السياسية الفاعلة كانت تؤيد بقاءه على رئاسة الحكومة لتنفيذ البرنامج الشامل الذي وضعته حكومته قبل انطلاق شرارة الغضب الشعبي.
وقيل للسفير إن قيادة الجيش طلبت من المعتصمين في 30-10-2019 فتح الطرقات، إضافة إلى أن احتكاكات جدية سجلت بين مانعي المرور والراغبين به أو المضطرين إليه، والأهم أن كبار المسؤولين طلبوا من القيادة ذلك.
السفير أصغى، ونقل إلى وزارة خارجية بلاده، ولم يقتنع، وتوقع أن العودة إلى قطع الطرقات ستحدث، في حال لم تحدد مواعيد لاستشارات الكتل البرلمانية لتسمية شخصية لرئاسة الحكومة.