تقول أوساط القوات اللبنانية إن نزوع حزب جعجع إلى عدم المشاركة في الحكومة المقبلة، سواء شكلها الحريري أو غيره، متسق مع موقف القوات بالاستقالة من الحكومة قبل أن يقدم الحريري استقالته.
وتشير إلى أن قرارا كهذا لم يأت فقط استجابة لانتفاضة الشارع، بل تأسس على تراكم تجربة القوات داخل الحكومة المستقيلة، من حيث أن المشكلة بنيوية تتعلق بطبيعة المنظومة السياسية التي يطبق عليها حزب الله والتيار العوني، وأنه بات مستحيلا أن تنجح أي حكومة تشتغل وفق عقلية رئيس الجمهورية في بعبدا وصهره جبران باسيل.
وتقر أوساط القوات بأنها تتحمل جزءا من مسؤولية ما وصلت إليه البلاد من خلال الاعتقاد بأن الدفع بالمصالحة المسيحية بين القوات والتيار العوني وتأييد ترشح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية سيخلص البلد من حالة الانسداد التي وصلت إليها.
وعلى الرغم من سعي جنبلاط لانتهاج مواقف وسطية تتجنب الصدام مع حزب الله، إلا أنه كان أول من دعا الحريري إلى استقالة الحكومة، متناقضا بذلك مع موقف الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، الذي رفض استقالة الحكومة، مهددا من “يتهرب من المسؤولية” بملاحقته أمام المحاكم. وبقي موقف جنبلاط متضامنا رافضا استقالة وزرائه دون استقالة الحريري.
وذكرت مصادر قريبة من جنبلاط أن الزعيم الدرزي يجري اتصالات مع حلفاء الداخل، لاسيما رئيس المجلس النيابي زعيم حركة أمل نبيه بري، كما الجهات الخارجية من أجل تطوير وتصويب قراءته للموقف في البلد واستجلاء ما يمكن البناء عليه.
وتذهب بعض المصادر المراقبة إلى اعتبار موقفي الاشتراكي والقوات يمثلان رؤية متشائمة لمستقبل الأوضاع في لبنان، في السياسة والاقتصاد والأمن، وأن جنبلاط وجعجع قد لا يكونان جزءا من حكومة ستشهد انهيارات اقتصادية موجعة.
وترى هذه المصادر أن غياب رعاية إقليمية ودولية واضحة عن خرائط الحل للخروج من الأزمة الخطيرة الحالية، يعتبر أمرا محيرا، لاسيما لدى العواصم الأوروبية المهتمة بتجنيب لبنان فوضى قد تتداعى مباشرة على ملف اللاجئين، وتمثل خطرا على أوروبا نفسها.
وتخلص إلى أن عزوف جنبلاط وجعجع قد يعطي مؤشرا إضافيا على غموض الموقف الدولي واستنتاج الزعيمين المسيحي والدرزي لذلك.