كتبت سينتيا عواد في “الجمهورية”:
من الشائع اللجوء إلى معطّر الهواء عند دخول الحمّام لقضاء الحاجة، فالبراز يملك رائحة نتِنة بسبب البكتيريا ومنتجاتها الثانوية للهضم. لكن ماذا لو تضاعفت الرائحة الكريهة بطريقة تدعو للشكّ في وجود أمر غير طبيعي؟
قالت طبيبة أمراض الجهاز الهضمي سامانتا نزاريت، من نيويورك: «في حال وجود اختلاف في رائحة البراز يحدُث من حين إلى آخر، فقد يكون ناتجاً من طعام أو مشروب مُستهلَك. ولكن إذا بقي هذا الأمر غير طبيعي باستمرار، فربما قد يكون هناك شيء آخر يُصيب الجسم. فالتغيرات في الرائحة المُصاحبة بأعراض أخرى مثل التشنّج، وأوجاع الجهاز الهضمي، وخسارة الوزن، أو حتى تعديلات في شكل البراز، تستدعي استشارة الطبيب لتقييم الحالة».
وعرضت مجموعة عوامل قد تكون مسؤولة عن تفاقم رائحة البراز:
تناول مصادر الكبريت
مثل اللحوم، والأجبان، والخضار الكرنبية (بروكلي وقرنبيط)… يصعب هضمها مقارنة بالأطعمة الأخرى، ما يعني أنّ الأمعاء يجب أن تعمل بشكل مضاعف لإتمام وظائفها. خلال هذا الإجراء، يتمّ إفراز مزيد من الغازات، ما يُفاقم من حدّة الرائحة. إذا كان الغذاء مليئاً بالمأكولات الغنية بالكبريت، فالمطلوب إمّا خفض الحصص أو تفادي مزج عدة مصادر الكبريت الغذائي في طبق واحد.
عدم تحمّل الطعام
إذا وجدتم أنّ بعض المأكولات يسبّب غازات رائحتها نَتنة أو برازاً ليّناً وكريه الرائحة، فربما تَشكون من العجز عن تحمّل غذاء معيّن. وفي حين أنّ اللاكتوز هو الأكثر شيوعاً، لكنّ الأشخاص قد يتعرّضون أيضاً للفروكتوز وأشكال أخرى من الكربوهيدرات التي لا يمكن هضمها. لذلك، يجب مراقبة ما يتم تناوله لنحو أسبوعين، لرصد الطعام الذي يضرّ الجهاز الهضمي ويستدعي حذفه كلّياً من الـ”Menu”.
الإفراط في الكحول
إنّ نوع الكحول والكمية المستهلكة قد يؤثران في البراز. الكحول بحدّ ذاتها مليئة بالكبريت الذي تحوّله بكتيريا الأمعاء إلى غازات نتِنة، فضلاً عن أنها تغيّر سرعة عمل الهضم: أحياناً، عند احتساء الكثير من الكحول، فإنّ القولون يعمل بجهد مضاعف لإفراز البقايا الزائدة، وبالتالي طردها بسرعة أكبر. إنّ كثرة الكحول، مَمزوجة بأي بقايا لم تُهضم تخرج معها، هي المسؤولة عن الرائحة الكريهة. إلى جانب خفض الجرعة المستهلكة، يجب الحرص على شرب الكثير من المياه بما أنّ الجفاف الناتج من الكحول قد يؤثر أيضاً في رائحة البراز العَفنة.
المبالغة في الوجبات السريعة
من الصعب هضم المأكولات العالية التصنيع والغنية بالسكر. نتيجة ذلك، فإنّ عملية الهضم تستغرق وقتاً أطول، والمأكولات تبقى في الجسم مطوّلاً، فيتمّ إفراز غازات إضافية. ناهيك عن أنّ الوجبات السريعة تكون عادة غنيّة بالدهون، وأحياناً لا يستطيع الجسم تفكيك الفائض وامتصاصه بشكل صحيح.
باختصار، إنّ الأطعمة المصنّعة تحتوي على كيماويات ومواد مُضافة مضرّة تغيّر سلوك الجهاز الهضمي، لذلك يُستحسن خفض كميتها قدر الإمكان.
أعراض جانبية للأدوية
إنّ عقاقير كثيرة تكون مغلّفة بمواد، مثل «Sorbitol»، التي يمكن أن تتخَمّر في الأمعاء وتسبب مشكلات في الجهاز الهضمي وبرازاً كريه الرائحة. الأمر ذاته ينطبق على الفيتامينات والمكملات، بحيث أنّ استهلاك، ولَو جرعة صغيرة إضافية عن الكمية المسموح بها، قد يُلحق الضرر بالأمعاء. لذلك يجب الحرص على استشارة الطبيب أولاً.
الإمساك
كلما طالت فترة بقاء البراز في القولون، طال وقت تخمّره والتسبّب برائحة كريهة. بالنسبة إلى الإمساك الظرفي، الناتج مثلاً بسبب السفر أو عدم النوم، يُنصح بزيادة جرعة المياه المستهلكة وتناول مأكولات سهلة الهضم وليّنة. كذلك هناك مُليّنات للبراز، ومكملات الألياف، ومُسهّلات لا تحتاج إلى وصفة طبية. لكن في حال استمرار الإمساك والاعتماد على العقاقير لقضاء الحاجة، لا بدّ من استشارة الطبيب.
تعديل النظام الغذائي
بالنسبة إلى الأشخاص الذين يتبعون حمية عالية البروتينات أو الدهون حيث يتم استهلاك الكثير من اللحوم والأجبان، فإنّ رائحة البراز ستزداد حتماً. عند حذف مصادر الكربوهيدرات المليئة بالألياف من الغذاء، يواجه الشخص عادة الإمساك. وبما أنّ الجسم ينتج مزيداً من الغازات كريهة الرائحة والبراز يبقى لوقت أطول، فإنّ رائحته تكون نتنة عند خروجه أخيراً.
كذلك هناك انعكاس جانبي آخر ناتج من استهلاك اللحوم عالية الدهون وهو أنّ الجسم يعجز عن التعامل مع الدهون الإضافية، ما يؤدي إلى إسهال نَتن ومُتعفّن. يُستحسن إذاً إضافة الأطعمة الغنية بالألياف إلى الغذاء، والتي تكون في الوقت ذاته ملائمة لحمية «Keto»، مثل الخضار غير النشوية، والأفوكا، والمكسرات، جنباً إلى الحرص على زيادة جرعة المياه لحركة أمعاء سليمة.
سوء حالة الأمعاء
إنّ الخيط المشترك لمشكلات البراز هو الذي يسمّيه الأطباء سوء الامتصاص، حيث يعجز الجسم عن امتصاص مغذيات معيّنة بشكل صحيح (مثل الكربوهيدرات، أو البروتينات، أو الدهون)، ويدفع المغذيات التي لم تُهضم إلى التحلّي برائحة نتنة للغاية. وتشمل الأمراض التي قد تشير إليها هذه الأعراض داء السيلياك، والتهاب البنكرياس، ومرض كرون، واضطراب الأمعاء الالتهابي. وكل هذه الحالات الصحّية تستدعي استشارة الطبيب.