تقدّم الهمّ المالي على الأزمة الحكومية التي تبيّن أنها مفتوحة على كل الاحتمالات، خصوصاً أن المشاورات التي تسبق الاستشارات الملزمة بشأنها ممتدة إلى الأسبوع المقبل، على أمل أن تشهد نهاية الأسبوع الحالي حركة مكثفة تفضي إلى اتضاح حقيقة المشهد.
ويروّج الفريق القريب من قصر بعبدا أجواء تحاول إبعاد الأنظار عن مسؤولية رئاسة الجمهورية، في تخطيط واضح لرمي كرة النار إعلامياً على الرئيس سعد الحريري، إذ تتحدث المصادر القريبة من بعبدا عن “صعوبة في المشاورات تكمن في أن لا جواب واضحاً لدى الحريري لجهة إن كان يريد أن يكلَّف مجدداً بتشكيل الحكومة أو يفضّل تسمية شخصية غيره للمهمة”، متهمةً الحريري “بالتناقض في مواقفه، بين استعداده للمضي باستلام المهمة ليعود بعد وقت قصير ويقول إنه يريد الاستمرار في التشاور، وكأنه ينتظر شيئاً ما يدفعه إلى حسم خياره”، فيما المصادر القريبة من “بيت الوسط” تؤكد أنّ الحريري نقل بشكل واضح إلى بعبدا، عدم رغبته في استلام المهمة وأنه يفضّل حكومة تكنوقراط تناسب متطلبات الشارع.
ولا تخفي المصادر القريبة من بعبدا أن “المشاورات والكلام الكثير الذي يحكى بين الجدران لا يتم عكس حقيقته على الملأ، إذ ليس كل ما يقال في الجلسات المغلقة يتم الإفصاح عنه، وبعض هذا الكلام كبير وخطير”. ورددت معطيات بأن “الرئيس الحريري عبّر خلال لقائه المعاون السياسي للأمين العام لـ”حزب الله” الحاج حسين الخليل عن هواجسه للمرحلة المقبلة، وتركّز البحث على موضوع رئاسة الحكومة وطبيعتها، أي أن تكون سياسية مطعمة (تكنو – سياسية) أو تكنوقراط، وايضاً جرى البحث في موضوع الاستشارات النيابية الملزمة، ولكن لم يجر الاتفاق الى حينه على صيغة محددة، لذلك اتفق على أن يبقى النقاش مفتوحاً”.
ولفتت إلى أن “الأمور تحتاج إلى مزيد من الوقت، من جهة بانتظار أن يحسم الحريري أمره وينهي تردده لناحية ترؤسه الحكومة أم لا، ومن جهة أخرى حتى يحدد رئيس الجمهورية ميشال عون موعد الاستشارات الملزمة، والأخيرة مرتبطة بتبلور الأمور في الأيام المقبلة”.
في المقابل، شددت مصادر مواكبة لعملية المشاورات على أن “رئيس الجمهورية يرفض الانطلاق في استشارات نيابية كي يحافظ على ورقة الحكومة الجديدة في يده، لأنه في حال بدأ بالاستشارات سيخسر هذه الورقة، ويسمح حينها للرئيس الحريري، في حال كان رئيساً مكلفاً، أن يفرض شروطه ومطالب اللبنانيين في عملية التأليف”، واصفةً “عدم الدعوة إلى استشارات نيابية بمثابة السيطرة على قرار دولة تعيش أزمة تاريخية اقتصادية وثورة غير مسبوقة”.
وعلى الصعيد المالي، كشفت مصادر مطّلعة أن “هناك اتجاهاً لدى مصرف لبنان والمصارف لاتخاذ اجراءات اضافية من شأنها أن تحدّ من حالة الهلع لدى المواطنين، خصوصاً ان المعطيات تتزايد عن وجود حملة منظمة تستهدف الوضعين المالي والمصرفي”، وفي هذا الاطار عقدت سلسلة اجتماعات في القصر الجمهوري وبيت الوسط مع المعنيين بالوضع النقدي أعلن عن بعضها وأبقي بعضها الآخر بعيداً من الأضواء، وجرى الحديث عن لجوء المصارف إلى زيادة إجراءات الحيطة، الأمر الذي رفع منسوب القلق لدى المودعين، وهذا الأمر سيصار إلى معالجته، خصوصاً أن التصنيف الجديد لـ”موديز” لا يؤثر على أموال المودعين ولا حركة المصارف، إنما تأثيره ينحصر بالسندات بالعملة الصعبة في حال الذهاب إلى طرح سندات جديدة”.
وحول زيارة رئيس دائرة الشرق الاوسط وشمال افريقيا في الخارجية الفرنسية كريستوف فارنو، اوضحت المصادر “أنه سيبدأ لقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين وفي طليعتهم الرئيس عون، للاستماع الى وجهات النظر من الأزمة الحالية في مهمة استطلاعية، إذ لم يتّضح بعد ما إذا كان يحمل مبادرة ما، خصوصاً أنه، وخلافاً لما نشر، لا يزور لبنان موفداً من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون إنما بصفته في الخارجية الفرنسية”.