كتب أنطوان الفتى في وكالة “اخبار اليوم”:
الطبخ على نار هادئة جداً، هو أبرز ما يُمكن أن يكون عمل معظم الأطراف السياسية المناهضة للثّورة في الوقت الرّاهن، رغم أنها محشورة بضغط الشارع.
ومن أبرز الأطراف السياسية التي تقول إنها مع مطالب الثورة، فيما تتعامل مع المتظاهرين بتوجّس وريبة، نجد أن “الوطني الحر” قد يتصدّر المراتب الأولى في هذا الإطار، إذ يتصرّف حكومياً وكأن لا شيء في الشارع، منذ 17 تشرين الأول.
ولكن الطبخ على نار هادئة، وهادئة جداً، يُمكنه أن يكون عماد عمله، انطلاقاً من إمكانية إيقاع رئيس الحكومة المستقيلة سعد الحريري، بأفخاخ النّجاح من دونه مستقبلاً، محلياً ودولياً، رغم أن المهمّة تبدو أكثر من مستحيلة.
فوزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، أبلغ مدير دائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في وزارة الخارجية الفرنسية كريستوف فارنو أمس، أن “لبنان ملتزم بمسار مؤتمر “سيدر” أياً تَكُن الحكومة القادمة، وأن التحدّي هو بالإسراع في تنفيذه، وتطبيق الإصلاحات المنشودة، في ما يشكّل استجابة لمطالب الناس”.
وانطلاقاً من هذا الموقف، وإذا أخذنا في الاعتبار أن جولة فارنو مدروسة ومنسّقة مع الولايات المتحدة الأميركية، على مستويَيْها الإستطلاعي والعملاني، فإننا نكون أمام نتيجة أن باسيل، ومعه “العهد”، يُرسلان إشارات الى المجتمع الدولي بأن النّجاح في مؤتمر “سيدر”، كما بكلّ الوعود والإلتزامات اللبنانية تجاه المجتمع الدولي، يُمكنه (النّجاح) أن يحصل بغضّ النّظر عمّا إذا كانت الحكومة الجديدة ستكون تكنوقراطية بالكامل، أو تكنو – سياسية. فضلاً عن إرسال إشارة دولية واضحة بأن النّجاح بكلّ الإستحقاقات اللبنانية، المالية والإقتصادية، يُمكنه أن يحصل، بغضّ النّظر عمّن سيكون رئيس الحكومة الجديدة.
فهل يُمكن لـ “العهد”، أن ينجح بالفعل، بمعزل عن الحريري؟ وما هي تكاليف العمل من دونه؟ وها بات “العهد” أمام تحدّي النّجاح من دون الحريري، على طريقة أن لا شيء يعود يُمسكه في اليد التي توجعه، مستقبلاً؟
أشار مصدر سياسي بارز الى أن “الناس في وادٍ و”العهد” في آخر، الى الآن، ورغم مرور ما يُقارب الشهر على اندلاع ثورة 17 تشرين الأول. ومن هذا المنطلق، نجد أيضاً أن مؤتمر “سيدر” في وادٍ، فيما “العهد” في آخر”.
ولفت في حديث الى وكالة “أخبار اليوم” الى أن “العمل بموجب مقررات مؤتمر “سيدر”، يحتاج أولاً الى حكومة، كما الى رئيس لها يتمتّع بمصداقية دولية قبل المصداقية الداخلية. ولا شخصية لبنانية يُمكنها أن تحصل على المصداقية الدولية الآن، أكثر من الرئيس الحريري. ولذلك، فإن لا نجاح حكومياً قادماً يُمكن انتظاره، خارج إطار هذه الصّورة”.
وشدّد المصدر على أن “مؤتمر “سيدر” انتهى أصلاً، مع تاريخ صلاحيته. ولذلك، يحتاج فريق “العهد” الى شخصية مثل الحريري لكي يتمّ تجديد تاريخ صلاحية هذا المؤتمر، سواء مع فرنسا، أو مع المجتمع الدولي عموماً”.
ولفت الى أن “منذ اليوم الأول لاستقالة الحريري، بدأ البعض يضع أسماء شخصيات سنية تشكّل الحكومة الجديدة، في التداوُل. ولكن هذا كلّه لا يخرج عن إطار الكلام، إذ لا يُمكن تجاوُز الحريري سنياً، كما لا يُمكن وضعه في منزلة الوزير باسيل ضمن معادلة باسيل – الحريري”.
وقال:”المشكلة الأساسية تكمُن في أن “العهد” الحالي غير واعٍ للمشاكل التي يغرق بها. ولا يزال باسيل حتى اللّحظة الحالية يحاول إدارة كلّ شيء، وهذا ما يشوّه صورة رئيس الجمهورية ميشال عون، كثيراً. فضلاً عن أنه (باسيل) زار بكركي اليوم، لكَوْنها تدعو منذ أكثر من أسبوع الى الإسراع في تشكيل حكومة حيادية تُرضي الشّعب”.
وأضاف:”مجموعة “المونتاج” التي تُحيط بالرئيس عون، هي التي تؤذيه عملياً، وتؤذي صورته الشعبية. فيما سيطرة الوزير باسيل على كلّ شيء، تبقى مرفوضة من قِبَل الشارع. وبما أنها لا تزال في المشهد، فهذا يعني أننا لا نزال في المربع الأول للأزمة”.
وختم:”الناس لا يمكنهم العودة الى الوراء، فيما أركان السّلطة لا يتفهّمون واقع أنه يتوجب عليهم هم العودة الى الوراء. وهذا الأمر يعقّد المشهد أكثر”.