كتب عمر الراسي في “اخبار اليوم”:
بدأ التداول ببورصة الاسماء المطروحة لتولي رئاسة الحكومة، في ضوء ما ينقل عن اوساط قريبة من الحريري انه لن يعود الى الرئاسة الثالثة الا على رأس حكومة تكنوقراط تستطيع انقاذ الوضع.
في وقت بات معلوما ان حزبي “القوات اللبنانية” و”التقدمي الاشتراكي”، اختارا البقاء خارج الحكومة، فان الاطراف الاخرى (التيار الوطني الحر، حزب الله وحركة امل) يصرون على المشاركة من خلال حكومة تكنو- سياسية، وذلك انطلاقا مما ينص عليه الدستور في مادته الـ 65: “تناط السلطة الاجرائية بمجلس الوزراء، وهو السلطة التي تخضع لها القوات المسلحة”، وتنص الفقرة الاولى منها على “وضع السياسة العامة في جميع المجالات”، كما تنص الفقرة الخامسة على انه من صلاحيات مجلس الوزراء”تعديل الدستور، اعلان حالة الطوارئ والغائها، الحرب والسلم، التعبئة العامة، الاتفاقات والمعاهدات الدولية، حل مجلس النواب، قانون الجنسية”…
وانطلاقا مما جاء في المادة اعلاه، فان “الثلاثي” (المشار اليه) يشدد على الدور السياسي للحكومة، الذي يفترض ان تشارك فيه الاحزاب التي فازت بالانتخابات، وبالتالي لا يمكن لحكومة تكنوقراط ان تتولى هذه المهام ما لم تحظَ بالغطاء والمباركة السياسية… الامر الذي لا يتجلى فقط بالثقة النيابية، بل انه مسار طويل، لا بد من المشاركة في تفاصيله.
واذا كان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قد رفض، في اطلالته التلفزيونية الاخيرة، مبدأ التكنوقراط، فان رئيس مجلس النواب نبيه بري، يؤيد هذا الرفض، لكنه ايضا يرفض الاستمرار في المراوحة الحالية، وهو بحسب مصدر قريب من عين التينة يرى ان الرئيس سعد الحريري هو الانسب لهذه المرحلة التي تتطلب تعاون الجميع في تحمّل المسؤولية، وما كان قد نقل عنه بأنه “قدّم لبن العصفور الى الرئيس الحريري وأنه سيكون على عداء معه الى الأبد إذا رفض تشكيل الحكومة”، هو خير دليل على تمسكه وما زال ساري المفعول.
غير ان المصدر عينه انتقد اطلالة عون، معتبرا عبر وكالة “أخبار اليوم” اننا عدنا الى ما قبل نقطة الصفر في موضوع التكليف، لا سيما بعدما تجدّد قطع الطرق وسقوط “شهيد” في خلدة، وعدد من الجرحى في جل الديب.
وقد اوضح المصدر انه لم يتحقق اي تقدم، وما زال النقاش حول مبدأ الحكومة “التكنو- سياسية”، مشيرا الى انها صيغة تكنوقراطية من ضمن الاحزاب، التي تسمي اساسا الوزراء، قائلا: هذا ما تفرضه تركيبة البلد القائمة على الديموقراطية التوافقية.
واضاف: لكن هذا لا يعني انه يمكن غضّ النظر عما هو حاصل في الشارع منذ نحو شهر، حيث هناك شيء اساسي انكسر في العلاقة بين السلطة والشعب، وترميمه لا بد من أن يكون اساسيا في تركيبة وبرنامج عمل الحكومة العتيدة، لافتا الى ان انفجار الازمة هو تراكم ونتاج النظام الطائفي المذهبي، ويؤكد ايضا انه لا بد من الاتجاه نحو الدولة المدنية، متابعا: هذه الثورة تبنّت قانون انتخاب الدائرة الواحدة، مع العلم ان اقتراحا في هذا الشأن تقدمت به كتلة “التحرير والتنمية” وسلك طريقه للنقاش في اللجان المشتركة، وبالتالي لا بد من بحثه بجدية واقراره.
واضاف المصدر: صحيح ان اشراك الحراك امر لا يمكن الهروب منه، لكن في الوقت عينه فان بعض الشعارات غير واقعية اذ ان الدولة تقوم على مؤسسات يجب احترام هيبتها، اذ هناك آليات ونصوص قانونية ودستورية لا يمكن تجاوزها.
وعما اذا كان الرئيس عون قد اختار المواجهة من خلال ما عبّر عنه من مواقف، قال المصدر: اتخذ موقفه من موقعه وانطلاقا من مقاربته للتطورات الاخيرة، اذ يفترض ان تقاس الامور وفق معيار محدد في معالجة الازمة التي لا يجوز ان تستمر وتيرة المراوحة.
وهل ما حصل بالامس رجّح كفّة الحريري؟ اجاب المصدر: اثبت الحاجة الى حكومة اكثر فأكثر، وضرورة الاتفاق على صيغتها، في اسرع وقت ممكن من خلال الدعوة الى الاستشارات النيابية الملزمة للتكليف، داعيا الحريري الى الاعلان عن موقف واضح، وقائلا: لا يجوز الهروب من المسؤولية، فحين يكلّف يضع الصيغ ويذهب باتجاه الاعلان عن الأنسب، وعندها تقع المسؤولية على مَن يرفض.
وردا على سؤال، اعتبر المصدر ان لكل طرف ملاحظاته على اداء الطرف الاخر، لكن الوقت الراهن هو لتجنّب السجالات والاتجاه نحو التعاون وتقديم اولوية الانقاذ على ما سواها.
ختم المصدر مؤكدا ان الوضع ليس سليما، والاتجاه نحو المزيد من الخراب، لا بل قد يكون الآتي اعظم، ما لم يتم تدارك الوضع في اسرع وقت ممكن…. والبداية تكون بالتكليف.