كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:
يا لمشهد الدم الذي تخرج من رحمه التسويات. لمسناه في قبرشمون وما قبلها وعدنا لنشهده في خلدة. على وقع صرخات زوجة علاء أبو فخر ووالدته انشغل المسؤولون في اختراع المعالجات وتواروا عن الظهور إما خجلاً أو تجنباً لإعلان فشل. لماذا حصل ما حصل ومن المستفيد؟ سؤال لم تعد تجدي الإجابة عليه. وقعت الواقعة وعلى هول مشهد الدم تحرك الجميع لكن من دون أن يعلن أي فريق عن تفاصيل مساعيه أو نتائجها.
لا تفصل قوى الثامن من آذار مجريات ما شهده الشارع في اليومين الماضيين عن التفاوض على تشكيل الحكومة “كلما شعر الرئيس سعد الحريري أن الاتجاه نحو تسمية البديل عنه سارع إلى تغيير الواقع على الأرض”.
أخيراً بعث الحريري برسالة إلى “حزب الله” تقول إن مشكلته مع الوزير السابق “جبران باسيل وليس معكم”، أجابه “إذاً حلها مع جبران، واذا كنت لا تريد فأعطنا البديل”. لا يريد “حزب الله” وحلفاؤه تجاوز الحريري وهو دخل في طور المرحلة الثانية من عمله.
وترفض قوى الثامن من آذار عملية الضغط السياسي التي تتعرض لها من خلال اقفال الطرقات أو فتحها “إذا كان المقصود ضغطاً سياسياً للحصول على مكتسبات فهذا أمر غير ممكن بدليل ما قاله رئيس الجمهورية ميشال عون الذي يمكن تلخيصه في ثلاثة مواقف أساسية: لا لحكومة تكنوقراط، وإبعاد “حزب الله” عن الحكومة غير وارد، وإذا لم يكن سعد الحريري رئيساً للحكومة فالبديل عنه ممكن”.
ثمة اختلاف واضح في وجهات النظر بينه وبين الثامن من آذار. فالحريري يعتبر أن الأولوية للتكليف ثم التأليف الذي يقع في صلب صلاحياته، فيما يريد الفريق الآخر الاتفاق على التأليف تلافياً لأي خلاف يمكن أن يطيل أمد التشكيل. وكأنها كرة نار يتقاذفها طرفان تلافياً لتحمل أعباء المرحلة المقبلة مالياً واقتصادياً.
الحريري وباسيل
بعد المقابلة المتلفزة مع رئيس الجمهورية، التقى الحريري وباسيل “فكانت الأمور ايجابية باتجاه تسمية البديل إذا اعتذر”، وسربت مصادر القصر الجمهوري: “دخلنا الى ثلاث خطوات محتملة: اعتذار الحريري عن التكليف، تسمية شخصية بديلة، الشروع في استشارات نيابية”. وما كادت مصادر الأول تنتشر حتى قابلتها مصادر “بيت الوسط” بأن الحريري “لم يُكلف حتى يعتذر وهو لا يزال على موقفه المؤيد لحكومة اختصاصيين”. يعني هذا ان البلد بقي حتى مساء امس عالقاً عند عتبة مرشح حصري ووحيد اسمه سعد الحريري.
ما تستغربه مصادر الثامن من آذار “استمرار الحريري في الحديث عن حكومة تكنوقراط، علماً أنه سبق وأن قال في المفاوضات إنه يريد حكومة بلا جبران باسيل، وفي المفاوضات مع الأخير قال إنه لا يريد حكومة مع “حزب الله”. هي عشرة أيام من الدوامة ذاتها بين الحريري المحتار بين التكليف واختيار البديل، قبل الظهر برأي وبعد الظهر برأي، مرة حكومة تكنوقراط، وثانية بلا جبران وثالثة بلا “حزب الله”، كأنه لم يستقر على رأي بعد”. بلغة الشيفرة تعني الحكومة المستقلة أو حكومة اختصاصيين بالنسبة إلى “حزب الله” وحلفائه انها حكومة المقصود منها وضع “الحزب” خارج المعادلة الحكومية ليُعد ذلك بمثابة الانجاز أمام الأميركيين. والأمر هنا محسوم “لا نحن نقبل ولا عون يوقع عليها”.
البحث عن بديل
لا تخفي مصادر بارزة في قوى الثامن من آذار أن البحث عن بديل بالتنسيق مع الحريري بدأ فعلياً لكن خوفهم أن “كلام الليل مع الرئيس المستقيل يمحوه النهار” فمن تسريبات الحريري يتوضح لهم أنّه “لا يزال على موقفه، أي حكومة تكنوقراط. ما يعني اننا ما زلنا ضمن المراوحة نفسها”، يقول “لا اريد التكليف وأرسلوا لي من أتفاهم معه على البديل ثم يقول للرئيس نبيه بري “كرمالك راح أقبل”، ومع باسيل يقول ما فيني شكل حكومة مع حزب الله”.
يعتبر فريق الثامن من آذار “أن الكرة في ملعب الحريري”، أما “استخدام الشارع واطالة أمد الضغط فلا ينفع بدليل ما حصل حتى اليوم، مع استحالة تشكيل حكومة من دون وجود ثلاث قوى سياسية رئيسية”. ولو أن المصادر عينها تسلّم أن “من مصلحة البلد الاستعجال في التكليف والتأليف لقطع دابر الفتنة ومعالجة الوضع الاقتصادي ولكن إذا تعذّر ذلك فالذهاب حكماً نحو الخطة ب”. لكن ماذا عن الشارع وغضبه؟ “لا أحد يقلل من المخاطر الأمنية وما حصل أمس الأول في خلدة كاد أن يتكرر في جل الديب، ومن الاساس تأخر الحل حتى وصلنا إلى ما وصلنا اليه”.
ساعات عصيبة مرت ثقيلة أمس، تأخر رد الحريري فيما تحدثت المعلومات عن شبه اتفاق على تسمية مستشاره رجل الأعمال وليد علم الدين الذي شغل سابقاً منصب رئاسة لجنة الرقابة على المصارف، فهل يكون الاتفاق نهائياً على هذا الحل؟ خصوصاً أن أوساط “التيار الوطني الحر” تحدثت عن اتفاق مبدئي حصل وآثرت عدم الاعلان عنه ريثما ينضج تجنباً لفشله.