كتب يوسف منصور في صحيفة “نداء الوطن”:
تصارع الثورة في بعلبك من أجل البقاء وتسجيل اسمها في نادي التطورات التي تحصل في لبنان. ويسجل الثوّار عند كل نقطة تحوّل في مجريات الأحداث اليومية، موقفاً يلاقي المواقف الثورية.
بين مسيرة قرع طناجر تعبر عن بطونٍ فارغة وجائعة نتيجة السياسات الإنمائية والإقتصادية الغائبة عن بعلبك الهرمل، وبين تقبل التعازي بشهيد الثورة علاء أبو فخر مساء أمس في ساحة المطران ورفع صورة له محاطة بالورود، وما بينهما، توجه عدد من الشبان إلى ساحات طرابلس ورياض الصلح للمشاركة باسم بعلبك، تزداد أعداد الثوار والمعتصمين في بعلبك وتنقص نتيجة الظروف على أرض الواقع، غير أن الأمل بالتغيير والنصر القريب يبقى دافع الشباب إلى المثابرة اليومية.
لا كلل ولا ملل يتسربان إلى صفوف عشرات الشبان والشابات البعلبكيين. حيث واكب هؤلاء حملات قطع الطرقات وإقفال الإدارات والمرافق العامة، وإقامة وقفة إحتجاجية أمام قصر عدل بعلبك، ومسيرات طالبية كانت علامة فارقة في انتفاضة بعلبك.
وعند الرابعة من كل يوم يجدّد المعتصمون تحركهم في بعلبك ويندفعون من جديد بشعارات أسست للثورة وأخرى تحاكي الواقع المعيشي والإقتصادي في بعلبك الهرمل، إضافةً إلى الدعوات المتتالية لأصحاب المحال التجارية واصحاب المهن الحرة للمشاركة في الإعتصامات. وبالهمة نفسها وفي اليوم التاسع والعشرين للثورة بدأ أبناء مدينة بعلبك بالتجمع في ساحة المطران التي أصبحت رمزاً للثورة البعلبكية تحت خيمةٍ نصبوها بمجهودٍ وتمويل شخصي، إضافة إلى الصوتيات التي استأجروا لها أحد المحلات في الساحة، وعلى وقع الأغاني الوطنية والثورية، وتحت راية العلم اللبناني تصدح حناجرهم بالمطالب المعيشية من فرص عمل وغيرها، إلى السياسية المتمثلة بالإسراع في تشكيل حكومة إختصاصيين تخرج البلد من الأزمة التي يترنح فيها.
عباس رعد أحد الشباب المعتصمين يومياً عبّر عن خيبة أمله في السلطة القائمة، والطريقة التي يتعاطى بها العهد مع التظاهرات، وقال لـ “نداء الوطن”: “كنا ننتظر من فخامة الرئيس في مقابلته الأخيرة شيئاً إيجابياً يعطينا الأمل بلبنان وخطة حل لما ندور فيه، غير أن التصريحات كانت دافعاً لنا لنبقى في الساحات ونكمل ما بدأنا به حتى يسقط الجميع والرئيس أولهم”.
وإن كان للثورة في لبنان عروس تسمى طرابلس، فبلدة عرسال هي “عروسة” الثورة البقاعية والتي أثبتت أنها فوق كل الأزمات والشبهات، وأهلها وطلاب مدارسها أفاضوا دروساً في الوطنية، ولا يكاد يمر يوم إلا ويكبر عديد أهلها المتمردين على الواقع والثائرين في الطرقات، يرفعون الشعارات التي تعبر عن وجع منطقة بأكملها، وبلدةٍ عانت الأمرّين من تهم وتضييق خناق وحصار، فكانت الصورة التي رسمها أبناء البلدة في وسط الساحة بالشموع المضاءة والمحاطة بالعلم اللبناني، والتي ضمت إسم الشهيد علاء أبو فخر وقلباً موجوعاً ومكسوراً، خير دليل وشاهداً على حضور البلدة في كل الإستحقاقات، وفي ظل غياب الإعلام عن مشهدية الثورة العرسالية تبقى وسائل التواصل الإجتماعي صوتهم الوحيد.
أحمد الحجيري أحد شباب بلدة عرسال قال: “إن كانت الظروف قد ظلمت البلدة وأهلها في مراحل سابقة إلا أننا من أبناء هذا الوطن ولنا حقوق وعلينا المطالبة بها، والظلم الذي لحق بنا من الإعلام وتصوير البلدة بصورة غير ما هي عليه، يمارس اليوم بعدم الإتيان على ذكر الإنتفاضة التي يقوم بها الشباب، وعليه فالمشاركة اليومية من أبناء البلدة عفوية وتزداد يومياً”.