كتب مايز عبيد في صحيفة “نداء الوطن”:
شاركت طرابلس مدينة الشويفات حزنها باستشهاد علاء أبو فخر، وتابع أهالي الشمال مراسم التشييع، لكن ذلك لم يمنعهم من اقامة أكثر من تشييع رمزي للشهيد في طرابلس وعكار ومناطق شمالية أخرى، حداداً على بطل استشهد لأجل ثورة الوطن.
وقطع المحتجون الطرق وقطعوا أوصال الشمال، وشلّت حركة السير بالكامل إلى حين تدخّل الجيش بعد الظهر وعمل على فتح غالبية الطرقات، لا سيما في العبدة والمحمرة وفي طرابلس والضنية والمنية والبداوي وغيرها. الاستمرار بقطع الطرقات أدى إلى وقوع اشكالات، خصوصاً بين شبان من بلدتي فنيدق وبرقايل العكاريتين وتم حلّه بعد تدخل الجيش والعقلاء من البلدتين.
واستمرت المسيرات والإعتصامات الطالبية في الشمال، خصوصاً في طرابلس. وفي عكّار اعتصم طلاب الثانويات من البلدات العكارية كافة في ساحة حلبا، حاملين الأعلام اللبنانية ينشدون النشيد الوطني والأغاني الوطنية، مرددين “تأييدهم لمطالب الحراك الشعبي وعدم المماطلة في تشكيل حكومة إنتقالية من إختصاصيين، محاربة الفساد وإسترداد الأموال المنهوبة ومحاكمة الفاسدين، قضاء نزيه غير مسيس، انتخابات نيابية مبكرة وخفض سن الإقتراع ليحق لهم المشاركة في انتخاب ممثليهم وبفرص عمل لهم بعد انتهائهم من دراساتهم”. وطالبوا بجامعة لبنانية شاملة الاختصاصات في عكار، تعديل المناهج الدراسية وفتح ثانويات ومدارس ومهنيات في القرى النائية في عكار وتطويرها. بعدها إنطلق الطلاب بمسيرة من أمام ساحة حلبا وصولًا إلى مبنى كلية العلوم الفرع الثالث شعبة عكار في حلبا. ورفعت مستشفيات الشمال الصوت للمطالبة بمستحقاتها المالية وبسبب نفاذ المخزون الطبي لديها. ونظمت مستشفى خلف الحبتور في حرار – عكّار وقفة إحتجاجية للمطالبة بدفع حقوق المستشفى المتوجبة على وزارتي الصحة والمالية، بمشاركة رئيس مجلس الإدارة الدكتور ربيع الصمد ومديرة المستشفى روعة الأحدب والطاقم الطبي، والإداري، والتمريضي للمستشفى.
وقال الصمد لـ”نداء الوطن”: “تمرّ بلادنا في مرحلة انتفاضة لم يشهدها التاريخ من قبل. مرحلة نزل فيها الشعب اللبناني بأغلبيته ليطالب بحقوقه التي تغافل عنها المسؤولون حيث غلّبوا مصالحهم وانتماءاتهم على مصالح الشعب وحقوقه. ونحن كنا منذ زمن نتوقع أن نصل لهذه المرحلة لان الصرخات علت وملأت القلوب والعقول لأنها كانت صامتة قبل أن تملأ الساحات”. وطالب الصمد وزارتي الصحة والمالية بدفع المستحقات المتوجبة عليهما للمستشفى حتى تتمكّن من تأمين الخدمات الطبية للمواطنين في منطقة مكتظة بالسكان كمنطقة جرد القيطع في عكّار.
أما الأحدب فاعتبرت “أن المستشفى يواجه الكثير من الصعوبات إن لجهة عدم القدرة على تأمين المستلزمات بسبب عدم قدرة وصول المورّدين إلى المستشفى نتيجة قطع الطرقات أم لجهة القدرة على تسديد الفواتير المتوجبة عليها بسبب عدم التزام الجهات الضامنة دفع المستحقات المتوجبة”. وتابعت: “من هنا إلى ثلاثة أيام ستعود الأزمة من جديد خصوصاً على الأمصال والغاز الطبي وغيرها وكلها أمور أساسية نفدت، ونحن لا نستطيع أن نقتصد بالكميات لأن الأمر يتعلّق بحياة المرضى في منطقة جرد القيطع وعموم المنطقة بشكل عام”. وأتى هذا الإعتصام التحذيري قبل يوم واحد من تنفيذ نقابة المستشفيات الخاصة إضراباً تحذيرياً اليوم الجمعة. وظلّ إقفال المؤسسات العامة والمدارس والجامعات والمصارف مستمرًا في الشمال لتبدو الحركة مشلولة بشكل كامل ما خلا خروج بعض المواطنين بشكل اضطراري من منازلهم لشراء حاجياتهم أو لأمور إستشفائية ملحّة. وفي ظل إقفال المصارف لا يزال المواطنون يتوافدون إلى ماكينات الصراف الآلي لسحب أموالهم المودعة في البنوك وادّخارها في منازلهم حيث شهدت محلات بيع الخزنات النقدية تهافتًا على شرائها من قِبل المواطنين كما أكد عدد من أصحاب المحلات لـ”نداء الوطن”.
ولم تنته شكاوى المواطنين من بيع البنزين. فالعديد من المحطات أقفلت أبوابها منذ يومين أمام المواطنين لتشهد المنطقة أزمة حقيقية في بيع المحروقات. وإذا عُرف أن هناك محطة تفتح أبوابها وتبيع البنزين، في منطقة ما، يتهافت الناس عليها ويصطفون بالطوابير لتعبئة سياراتهم خوفاً من انقطاع هذه المادة بالكامل في الأيام القليلة المقبلة.
وفي الوقت الذي تستعد فيه الثورة لافتتاح شهرها الثاني، تستمر ساحة النور في احتضان الليالي الثورية، للمطالبة بإسقاط النظام والإسراع بالإستشارات النيابية وتكليف حكومة إنتقالية تعالج الأزمات في البلد وتلبّي مطالب الشعب الثائر. يأتي ذلك مع استمرار المطالبة من أبناء المدينة بعدم إحراق الإطارات خلال تنفيذ الإعتصامات.