كتب محمد شقير في صحيفة الشرق الأوسط:
قالت مصادر وزارية مواكبة للاتصالات الجارية لإخراج لبنان من الأزمة الحكومية، بأن لا علم لها بالظروف التي دفعت رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل إلى القول: إن المشاورات لتأليف الحكومة حققت تقدُّماً، وإن الأجواء باتت مشجّعة، وسألت عن الأسباب التي ما زالت تؤخر تحديد مواعيد إجراء الاستشارات المُلزمة لتسمية الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة الجديدة ما دام أن باسيل يحرص على توزيع تفاؤله في اللقاءات التي يعقدها، وكان آخرها أمس مع البطريرك الماروني بشارة الراعي.
واستغربت المصادر الوزارية ما تناقلته بعض وسائل الإعلام من أن رئيس الحكومة المستقيلة سعد الحريري ألغى في آخر لحظة اللقاء الذي كان سيجمعه أول من أمس مع باسيل، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: لم يكن هناك من موعد له يجمعه بباسيل، وأكدت أن لا علم للحريري بكل ما يتردد بأنه بحث معه لائحة من 6 أسماء مرشحة لتولي رئاسة الحكومة. ولفتت إلى أنه من السابق لأوانه القول بأن الحريري يعتذر عن ترؤسه الحكومة العتيدة، وقالت: إنه لا يجوز حرق المراحل قبل إجراء الاستشارات للوقوف على رأي الكتل النيابية.
واعتبرت المصادر الوزارية، أن قول الرئيس ميشال عون في المقابلة التلفزيونية، إن الحريري يتردد في حسم موقفه من تكليفه بتشكيل الحكومة ما هي إلا محاولة لرمي الكرة في مرماه، وربما لتبرير قيام بعض فريقه الوزاري والسياسي بفتح بازار للبحث عن أسماء بديلة لتولي رئاسة الحكومة.
ورأت بأن لجوء بعض هذا الفريق الوزاري إلى مثل هذا الأسلوب الذي يراد منه الابتزاز والضغط لن يبدّل قناعات الحريري، خصوصاً أن الذين يشاركون في المشاورات يعرفون جيداً أن مواصفاته للحكومة الجديدة تنطلق من ضرورة محاكاة المستجدات السياسية وبدءاً بنبض الشارع، وبالتالي فهو يوافق على خوض التحدّي بحكومة من أصحاب الكفاءة والاختصاص، ويعتبر أن العودة إلى حكومة على شاكلة الحكومة المستقيلة مع إخضاعها إلى عملية تجميلية أمر يعيد البلد إلى المراوحة في دائرة الأزمة.
وبكلام آخر، فإن الحريري – كما تقول المصادر السياسية – ليس في وارد الاندفاع لتسويق تشكيلة وزارية تكون طبق الأصل عن السابقة، وفيها من «الودائع» التي لا تنسجم مع قناعاته وليس على استعداد لتسويقها؛ لأنها تشكّل تحدّياً لـ«الحراك الشعبي» وتبقى عاجزة عن إحداث صدمة سياسية تنقل البلد إلى مرحلة ما بعد 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بعد أن أسقط الحراك مرحلة كانت سائدة قبل انطلاقها.
واعتبرت أن لا مبرر لتمديد تأجيل بدء الاستشارات النيابية، ولا مبرر لربط التكليف بعملية التأليف، في الوقت الذي يمر فيه البلد في ظروف استثنائية شديدة الخطورة لم يسبق أن شهدها منذ الاستقلال حتى اليوم؛ نظراً لارتفاع منسوب التأزّم الاقتصادي والمالي الذي بات يستدعي توفير الحلول له بدلاً من إقحام البلد في لعبة هدر الوقت التي ستوصله تدريجياً إلى الغرق في أزمة حكم تتجاوز مشكلة تشكيل حكومة جديدة.
وأوضحت المصادر السياسية، بأن الأمور مفتوحة على خطين، وإذا ارتأت القوى السياسية السير بخيار حكومة تكنوقراط، فالحريري يبدي كل استعداده، وأما في حال رفضها مثل هذا الخيار فهو لن يتوانى في تسهيل الأمور بتكليف رئيس للحكومة لديه كل المؤهلات لتولي هذه المهمة.
وأكدت بأن مشاورات تجري حول شخصية رئيس الحكومة، وقالت: إن الحريري يوفّر الغطاء لكل شخص يكون مؤهّلاً لتولي رئاسة الحكومة بغض النظر عن الأسماء.