كتب مايز عبيد في صحيفة “نداء الوطن”:
على هامش الثورة التي تعيشها محافظة عكّار ومناطق الشمال، وفي خضمّ الاعتصام الثوري في ساحة العبدة، ثمّة ثوار لقمة عيشهم وعيش أولادهم نزلوا إلى الساحات. العديد من القطاعات والمصالح الحيوية التي تعتاش منها مئات بل آلاف العائلات في عكار، وصل بها الحال حد الموت بسبب صمّ المسؤولين آذانهم عن سماع صوت الناس وأنين الفقراء منهم. من هذه القطاعات قطاع صيد السمك.
في بلدة ببنين أكثر من 1100 عائلة تعتاش من الصيد في مرفأ العبدة وأكثر من 100 عائلة في مرفأ العريضة على الحدود مع سوريا.
قبل 17 تشرين كانت أصوات الصيادين تتعالى للمطالبة بتحسين وضع المرفأين من جهة، والتعويض عليهم جرّاء الخسائر التي يتعرّضون لها بسبب الكوارث الطبيعية وغيرها.
السمك المستورد من تركيا يملأ الأسواق، ومعاناة لا تحصى أوصلت أوضاع الصيادين حد الكارثة. والهيئة العليا للإغاثة ورئيسها اللواء محمد خير، والتي وعدت أكثر من مرة بدعم الصيادين وتحسين وضع المرفأ وبناء سنسول حجري يحمي المرفأ من الفيضانات، اقتصر دورها على تقديم بعض المعونات الغذائية لعدد من صيادي ببنين.
وأدرك الصيادون أنهم جزء من هذا الحراك المطلبي الشعبي لأنهم الفئة الشعبية الأكثر تعرّضاً للتهميش ولا تستفيد من خدمات الدولة. لا مساعدات ولا ضمان اجتماعياً ولا تعويضات تطاول هذا القطاع والعاملين فيه. نزل الصيادون إلى ساحة الاعتصام في العبدة وعبّروا عن ألمهم وأملهم بحكومة جديدة لا تخاطر بمصير أبنائها وتعمل على حلّ أزماتهم.
“أوضاعنا صعبة للغاية“
قال رئيس تعاونية صيادي الأسماك في مرفأ ببنين العبدة عبد الرزاق حافظة لـ”نداء الوطن”: “وضع الصيادين بات يوصف بالمزري جداً، يعيشون الويلات وبالكاد يؤمنون لقمة عيشهم. المسؤولون عندنا أشبه بمغارة علي بابا والأربعين حرامي. ينهبون البلد ولا من يسمع ولا من يرد على صرخات المواطنين الذين هم في الشارع منذ شهر. ونؤيد مطالب الحراك والاستمرار في الساحات حتى تحقيق هذه المطالب، لأننا أصبحنا نعيش من قلّة الموت وهم يعيشون أفضل الحياة على حسابنا ومن حسابنا”.
أحد الصيادين على مرفأ العبدة حسين رشيدي قال: “لا عمل ولا مساعدات تذكر ولا أي اهتمام بنا. أحياناً يمر يوم كامل نعيش فيه بعشرة آلاف ليرة وأحياناً لا مدخول ولا من يحزنون”.
مرفأ العريضة الحدودي
من مرفأ ببنين – العبدة انتقلنا إلى مرفأ العريضة في عكّار على الحدود السورية – اللبنانية. هي قرية فيها الكثير من المعاناة وغياب تام للدولة بكل خدماتها ومشاريعها عنها. ليس فيها إلا مدرسة رسمية واحدة وهي في أسوأ حالاتها من حيث المبنى، علماً أن القرية بحاجة إلى كل أشكال الخدمات وأهلها يعانون المشاكل المزمنة والفقر. وانتقد رئيس تعاونية صيادي الأسماك في العريضة محمد عبلة نواب عكّار الغائبين عن سماع أنين المواطن وصرخاته: “هناك نائب انتخبناه وعندما وصل إلى المجلس لم يعد يرد على هاتفه”. وأضاف: “أنا رئيس تعاونية أسعى مع المعنيين منذ فترة لتحسين وضع المرفأ وليكون لائقاً ولكن من دون نتيجة. وندعم الثورة وكل مطالبها ونريد أن نكون كمواطنين لنا الحق في الحياة الكريمة. هناك صيادون لا يملكون ثمن قوتهم اليومي وهناك صيادون أيضاً حتى لا يملكون 3 آلاف ليرة كي ينتقلون إلى ساحة العبدة أو 5 آلاف ليرة إلى ساحة النور ليشاركوا الثوار في اعتصامهم”.
حالات البؤس
أحد صيادي مرفأ العريضة وليد أحمد العلي هو واحد من كثيرين من أبناء هذه القرية التي تعتاش على صيد السمك والزراعة، يعيش مع عائلته المؤلفة من 8 أولاد وأمهم في منزل لا يصلح للسكن بأي شكل من الأشكال. يشرح وضعه لـ”نداء الوطن”: “نحن بحاجة إلى ثورة حقيقية علّنا نأتي بمسؤولين يشعرون أن هناك شعباً فقيراً يعيش بأقل من 10 آلاف ليرة في اليوم ومن الواجب أن تنظر الدولة إليه”. أضاف: “للأسف كنا نعمل في الصيد وبسبب الفقر تعطّل المركب ولم أستطع إصلاحه. أركن المركب على الشط وأنتظر من يأتي من هواة صيد الصنارة فيجلس على المركب ويصطاد ليعطيني بعدها 10 آلاف ليرة. تخيّل أنني بحاجة إلى قصّ شعري ولحيتي ولا أفعل لأنني أفضّل أن أصرف هذا المبلغ الصغير على إطعام عائلتي لأنها أولى”.