Site icon IMLebanon

ثورة 17 تشرين: إنجازات لا يُستهان بها بأقل من شهر

تطفئ ثورة 17 تشرين، شمعة شهرها الاول، الاحد. الانجازات التي تمكّنت من تحقيقها في اقل من 30 يوما كبيرة ولا يستهان بها. فالى كسرها الحواجز التي كانت حتى الامس القريب تباعد بين اللبنانيين وتُقسّمهم طوائف ومذاهب واحزاباً ومناطق متناحرة في ما بينها، وصَهرِهم في قالَب “المواطنية” الحقيقية الجامع، بعد ان كانت “الوحدة الوطنية” و”العيش المشترك” مجرد شعارات وكلمات “فارغة” تتردد في الاغاني والاناشيد والنصوص، نجحت الثورة في فرض نَفَسها الاصلاحي التغييري في اكثر من ملف حياتي يومي سياسي قضائي اقتصادي.

فالى الورقة الاقتصادية التي أسقطت كل الضرائب التي كانت ستفرض على المواطنين في الموازنة المرتقبة، ودَفعِهم الرئيس سعد الحريري الى الاستقالة، يُسجّل للثوار أنهم حرّكوا آلة القضاء في ملفات فساد نامت في الادراج سنوات، وإن كانت هذه العملية لن تكتمل الا بجرّ الضالعين في الممارسات الشاذة، الى المحاكم ليُحاسبوا وينالوا عقابهم. من انجازات الانتفاضة ايضا، قلبُ فكرة تقاضي الفواتير بالدولار. فقد أصدرت الغرفة الإبتدائية السادسة في بيروت الناظرة في القضايا المالية، منذ ايام، قراراً بالإجماع، بإصدار الفواتير المتعلقة ببيع الخطوط وتسعير بطاقات الشحن أو التعبئة وخدمة الإنترنت وسائر الخدمات التي تقدمها للمستهلك اللبناني بالليرة اللبنانية وفقاً للتعرفة الرسمية لسعر صرف الدولار الأميركي الى الليرة اللبنانية.

الى ذلك، تمكّنت الثورة من إحباط جلسة لمجلس النواب كانت مقررة الثلثاء في 12 تشرين الجاري، بعد ان لوّح المنتفضون باضراب عام وبقطع الطرق المؤدية الى البرلمان في ذلك النهار، بعد ان تيقّنوا ان ثمة توجّها لإمرار قوانين مشبوهة ملغومة في الجلسة العتيدة. فقد تبين ان مشروع قانون العفو العام الذي كان مدرجا على جدول اعمالها، وفق ما اكد تجمع المهنيات والمهنيين والمفكرة القانونية في مؤتمر صحافي مشترك، عقده الاثنين، قد يتسبب بانهيار على صعيد النظام القانوني مشابه للإنهيار المالي الذي نشهده. وقال المدير التنفيذي لـ”المفكرة القانونية” نزار صاغية، إنّ قانون العفو العام، يعمل بذريعة رفع المظلوميات وتحت غطائها على إعفاء جرائم كثيرة ارتكبها مسؤولون. ومن هذه الجرائم التي شملها القانون: جرائم مالية، وتلويث الأنهار، وتفجير الجبال (الكسارات) والتهرب الضريبي، والجرائم العسكرية، والاعتداء على الأمن الداخلي، والتعدي على الحقوق المدنية… وقد دل ذلك الى ان زمن تمرير مشاريع “مفخخة” دون حسيب او رقيب، ولى الى غير رجعة.

اما نشاطات التلاميذ والطلاب على الارض في اتجاه المرافق العامة، فأضاءت على مكامن الهدر في الدولة، من أوجيرو الى شركة الكهرباء فالمرفأ وشركتي الخلوي ومراكز الميكانيك وسد بسري، وعلى أجهزة مقصرة في عملها في محاربة الفساد أيضا، من قصر العدل الى بيت المحامي (…)

الثوار اذا خلقوا امرا واقعا جديدا على الارض، لكنهم لم يضيّعوا ابدا بوصلتهم وخريطة طريقهم الاساسية: لا زالوا يصرون على تشكيل حكومة اختصاصيين تكنوقراط مستقلين غير حزبيين تنقذ الاقتصاد وتعدّ لانتخابات مبكرة وتستعيد الاموال المنهوبة. ومن هنا، فإنهم هبّوا منذ ساعات رافضين تسمية محمد الصفدي لرئاسة الحكومة الجديدة، ورافعين الصوت ايضا ضد منطق الاتفاق المسبق على الحكومة وشكلها وطبيعتها في الغرف المغلقة، وفق المنطق المحاصصتي التسووي التقليدي، والذي يُعتبر في نظرهم، التفافا على الدستور والاصول لا يمكن ان يستمر. كل ما تقدم يدل الى ان ما بعد 17 تشرين ليس كما قبله، ولا بد للمسؤولين من الاقرار بهذه الحقيقة. أما الاصرار على السير قدما في ادارة البلاد وفق العقلية القديمة، فسيعني ان زمن تصريف الاعمال سيطول ومعه التصعيد في الشارع..