كتب عبد الكافي صمد في صحيفة “الأخبار”:
لم تكد تمضي ساعة على تسريب اسم الوزير السابق محمد الصفدي كمرشح لتشكيل الحكومة، خلفاً للرئيس سعد الحريري، مساء أول من أمس، حتى تجمّع أكثر من 200 شخص في محيط مركزه الثقافي والرياضي في طرابلس، مطلقين ضده هتافات معارضة لوصوله إلى السراي الحكومي.
«عشنا ليلة عصيبة»، يقول مقرّبون من الصفدي، متّهمين «جهات سياسية بالتحريض ضدّنا في الشارع أو في الإعلام أو مواقع التواصل الاجتماعي». وهؤلاء يوجهون أصابع الاتهام إلى مناصرين للرئيس نجيب ميقاتي وتيار المستقبل والوزير السابق أشرف ريفي، لأنه «نعرف وجوههم جيداً»، على حدّ قولهم.
خلاف الصفدي مع ميقاتي ليس مستجداً، فهو عندما أعلن عزوفه عن الترشح للانتخابات النيابية في الأول من آذار 2018، رمى «فشل» حكومة ميقاتي التي شكّلها عام 2011 وكان في عدادها، على ميقاتي تحديداً، ثم اتهمه، عند إعلان دعمه لائحة تيار المستقبل في المدينة، في 15 نيسان من العام نفسه، بأنه يرأس «لائحة الشيطان»، وأنه «يهوى الفتنة والتفرقة بين الناس ويكذب باستمرار»، ما أثار عليه نقمة ميقاتي ومناصريه الذين لم ينسوا له «فعلته». ولعل هذا يفسّر الحملة القاسية والشرسة عليه من قبل قواعد تيار العزم، في الساعات الماضية، على منصّات وسائل التواصل الاجتماعي.
المقربون من الصفدي لا يستثنون الحريري ومناصريه في التيار الأزرق من «رسالة التهديد» له بالابتعاد عن كرسي الرئاسة الثالثة، إذ يرون أن الحريري «ظهر وكأنه يريد حرق الصفدي في الشارع، كما فعل مع سواه كالرئيسين ميقاتي وفؤاد السنيورة والوزير نهاد المشنوق، لأنه يرفض وجود أي شخص سواه في المنصب»، مشيرين إلى أن مناصريه «شنّوا على مواقع التواصل الاجتماعي حملات مُغرضة ضد الصفدي».
وينفي المقرّبون من الصفدي كل الأخبار التي تتداول عنه في الإعلام وعلى مواقع التواصل، عن وجوده في لندن، أو عن وضعه الصحّي المتدهور. ويؤكدون، في هذا السياق، أنه «موجود في لبنان، ويوم الأربعاء الماضي حضر إلى المركز في طرابلس وتناول فيه طعام الغداء، وعقد اجتماعات ولقاءات، وصحته جيدة».
في المقابل، تنفي مصادر ميقاتي أن يكون قد طلب من أنصاره التعبير عن رفض الصفدي، مؤكدين أن الرئيس الأسبق للحكومة عمّم على كوادر تياره عدم الهجوم على حليفه السابق عبر منصات التواصل الاجتماعي، متوقّعين في الوقت عينه سقوط المرشح لرئاسة الحكومة.
في غضون ذلك، كان لافتاً غياب أيّ من مناصري الصفدي في طرابلس للوقوف والتصدّي للمحتجين الذين تجمّعوا قرب المركز، والذين كانوا ينوون التوجه إلى قصره في عمشيت، تعبيراً عن رفضهم تزكيته لتأليف الحكومة، ما دفع منتقدي الصفدي – وبعضهم مقرب من ميقاتي – إلى استغلال الموقف للتعبير عن أنه – أي الصفدي – «لا يملك أي حيثية شعبية في طرابلس، ولا يقيم فيها منذ أن باع منزله في المدينة قبل سنوات، وانتقل للإقامة بين قصره في عمشيت ومنزله في بيروت».
ويتساءل هؤلاء: «أين جمهور الصفدي الذي انتخبه وجعله يحتل المرتبة الأولى بين نواب المدينة، وأين جمهور نادي المتحد لكرة السلة الذي يموّله، وأين الموظفون في شركاته ومؤسساته وعصبه السياسي والشعبي لكي يؤمنوا له الدعم اللازم في هذه الأوقات؟»، مضيفين: «منذ أن أوقف الصفدي مساعداته لأهالي المدينة حين عزف عن الترشح للانتخابات، ابتعد هؤلاء عنه، وثبت أن شراء الولاء بالمال، كما يفعل هو وسواه، لا يؤمّن عصباً سياسياً وشعبياً في الشارع».
منتقدو الصفدي في المدينة كُثر، فهو برأيهم «يقيم في برج عاجي بعيداً عن الناس وهمومهم في مدينته، ولا يلتقيهم إلا نادراً، في موازاة عدم وجود أي حليف سياسي له في طرابلس، يمكنه أن يدعمه في وجه خصومه الكثر في أوقات الأزمات». واعتبر خصوم الصفدي أن «رفض مسقط رأسه له يشكّل خاصرته الرخوة ونقطة ضعفه الرئيسية، هو الذي لم تُرفع له أي صورة أو لافتة مؤيدة، منذ الحديث عن إمكان ترؤسه الحكومة المقبلة».