كتب عمر حبنجر في “الانباء الكويتية”:
تراجعت موجة ترشيح الوزير السابق محمد الصفدي لتشكيل الحكومة اللبنانية بعد يوم واحد على انطلاقها من منصة «بيت الوسط» وعبر لقاء ثلاثي جمع رئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري، ووزير المال علي حسن خليل المعاون السياسي للرئيس نبيه بري، والحاج حسين خليل المعاون السياسي للامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله.
المصالح السياسية المتضاربة التقت مع الحراك الشعبي الغاضب على اطفاء وهج تسمية محمد الصفدي، بحيث ان من بادروا الى تسميته نفضوا ايديهم من خلال رمي احدهم الأمر على الآخر، فالخليلان ذكرا ان الحريري رفض ان يتكلف الا ضمن شروطه المعروفة، اي حكومة تكنوقراط، وعندما طرح عليه اسم الصفدي لم يمانع، والحريري نفى ما تردد عن كونه صاحب مبادرة تسمية الصفدي الذي هو شريكه العقاري، وتاليا نفى ان يكون تيار المستقبل وراء تسريب اسمه والذي تبين انه الوزير جبران باسيل، انما بنية طيبة، لكن باسيل استعجل تحديد موعد بدء الاستشارات اعتبارا من يوم غد متخطيا الاصول التي توجب ان يأتي تعيين الموعد من جانب الرئيس ميشال عون مباشرة، ما اضطر رئاسة الجمهورية الى نفي وجود اي تحديد لموعد الاستشارات حتى الآن.
موقف الرئاسة ولّد الانطباع بأن الرئيس عون متمسك بالحريري، ليس من باب تفضيله على وزير المال السابق الصفدي، انما لأن الحريري يمثل الركن الثالث من اركان التسوية السياسية الخماسية التي اوصلته الى بعبدا بعد التيار الوطني الحر وحزب الله، وقبل القوات اللبنانية التي خرجت من الصف، والحزب التقدمي الاشتراكي الذي خرج هو الآخر او في طريق الخروج.
اما الموقف الذي كسر موجة ترشيح الصفدي، على الصعيد السياسي، فقد تمثل بقرار ثلاثي رؤساء الحكومة السابقين نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام رفض ترشيح الصفدي من خلال التأكيد على تسمية الحريري.
وفي معلومات لـ «الأنباء» ان هذا الاصرار مرده الى رفض الرئيس ميقاتي تبني ترشيح الصفدي بأي شكل من الاشكال، ملوحا بالانسحاب من هذا التجمع، وقد اتجه لحسم امره عندما عرض على الرئيس تمام سلام ان يكون رئيس حكومة المرحلة، لكن سلام رفض ذلك، هنا تولى الرئيس فؤاد السنيورة الاتصال هاتفيا بالرئيس الحريري وابلغه موقفي ميقاتي وسلام وبالتالي عزم الثلاثة على تسميته شخصيا، هنا يقول احد رؤساء الحكومة الحاضرين ان الحريري اجابهم قائلا: لن اعود الى رئاسة الحكومة، وكلها 6 اشهر وبيعرفوا قيمتي، وقد خالفه الرؤساء الرأي واعتبروا ان الوقت الآن مناسب، واصدروا بيانا بتسميته، رغم ارادته، كما يعتقد البعض.
على صعيد الشارع الذي تحرك في بيروت وطرابلس، تعرض الصفدي لحملة شعواء تناولت مسيرته في الماضي والحاضر. ورفع المتظاهرون في طرابلس شعار: طرابلس عروس الثورة يريدون تزويجها بالصفدي.
وفي بيروت، تجمع المتظاهرون حول منزله في شارع كليمنصو هاتفين «كلن يعني كلن» و«حرامي.. حرامي».
وترافق مع التظاهرات المعادية للصفدي حملات اعلامية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث نشر فيديو بصوت زوجته السابقة منى الصيداوي تنصحه بعدم قبول المنصب بسبب حالته الصحية، واسفت لما تعرض له من اهانات.
وردت اماليا إلياس، المسؤولة الاعلامية في مكتب الصفدي عبر قناة «الجديد» على كل ما قيل ويقال عنه بأن الصفدي جاء بأمواله من الخارج ليستثمرها في لبنان ولم يأخذ المال من الداخل الى الخارج كما يزعم المغرضون.
وردا على الرد، وزع الحراكيون معلومات تفيد بأن اماليا إلياس تعمل في اذاعة «صوت المدى» الناطقة بلسان التيار الوطني الحر، وان انطوان قسطنطين مستشار الوزير باسيل كان ضمن فريق الصفدي قبل ان يلتحق بباسيل الذي بينه وبين الصفدي اعمال مشتركة، وهذا ما يفسر استعجال تسميته لرئاسة الحكومة.
كل هذه المعطيات عجلت في تبديد موجة ترشيح الصفدي لمجرد انطلاقها على شاطئ التيار الوطني الحر.
والآن.. ماذا بعد؟ المصادر السياسية المعنية باتت اكثر ميلا للتشاؤم، وهي ترى ان المسألة ليست بمن يشكل الحكومة بل بوجود الحكومة والتي ان لم توجد من اليوم حتى نهاية هذا الشهر فإن الحراك الشعبي سيستمر.
وتأمل المصادر ان يتوصل سعاة الخير الى اقناع الحريري بقبول التكليف قبل عيد الاستقلال في 22 الجاري على الرغم من عدم الاعلان عن الاحتفال التقليدي بهذه المناسبة بعد، لكن الحريري لا يزال «يتبغدد»، كما يقول الآخرون، عبر الاصرار على حكومة التكنوقراط.
واعتبر الوزير السابق اشرف ريفي ان استشارات الوزير جبران باسيل هي آخر بدع خرق الدستور في هذا العهد المتداعي، وان الدولة البوليسية التي يقيمها القبطان الارعن خطفا وتعذيبا للشباب الثائر ستسقط.
امنيا، اطلق احد عناصر الجيش الرصاص خلال تفريق مجموعات كانت تعمل على اقفال الطريق العام في خلدة امس، فأصيب شخص، واعلنت قيادة الجيش فتح تحقيق وصدر نفي لتوقيف احد الضباط.
وكانت البوسطة المؤلفة من مواكب حاشدة من الحافلات والسيارات وتضم اعدادا كبيرة من المتظاهرين انطلقت من عكار باتجاه صور ومرت بطرابلس وجونيه وجل الديب وساحة الشهداء ومثلث خلدة، في حين اعتذر الحراك عن استقبالها في صيدا والنبطية تحت ضغط معين، في حين اصر الحراكيون في صور على استقبال اي نشاط داعم للانتفاضة.
امنيا ايضا، قررت قوى الأمن وضع عنصرين امنيين في كل مصرف او فرع مصرف في جميع المناطق اللبنانية بناء على طلب جمعية المصارف.