IMLebanon

سجال حاد بين الحريري و”التيار” والصفدي

أشار المكتب الاعلامي لرئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري أنّ «سياسة المناورة والتسريبات ومحاولة تسجيل النقاط التي ينتهجها «التيار الوطني الحر» هي سياسة غير مسؤولة مقارنة بالأزمة الوطنية الكبرى التي يجتازها بلدنا»، مؤكّداً أنّ «الوزير جبران باسيل هو من اقترح بإصرار مرتين اسم الوزير الصفدي، وهو ما سارع الحريري إلى إبداء موافقته عليه، بعد أن كانت اقتراحات الحريري بأسماء من المجتمع المدني، وعلى رأسها القاضي نواف سلام، قد قوبلت بالرفض المتكرر أيضاً».

وكان المكتب الإعلامي للحريري قد أصدر بياناً أوضح فيه ملابسات تسمية الصفدي، وجاء فيه أنه منذ أن طلب الصفدي سحب اسمه مرشحاً لتشكيل الحكومة الجديدة، «يُمعن «التيار الوطني» تارة بتصريحات نواب ومسؤولين فيه، وطوراً بتسريبات إعلامية، في تحميل الرئيس سعد الحريري المسؤولية عن هذا الانسحاب، بحجّة تراجعه عن وعود مقطوعة للوزير الصفدي، وبتهمة أنّ هذا الترشيح لم يكن إلا مناورة مزعومة لحصر إمكانية تشكيل الحكومة بشخص الرئيس الحريري».

وأضاف البيان «إزاء التمادي في طرح وقائع كاذبة وتوجيه اتهامات باطلة، وجب توضيح ما يأتي:

أولاً: إنّ مراجعة بيان الانسحاب للوزير الصفدي كافية لتظهر أنه كان متيقناً من دعم الرئيس الحريري له وعلى أفضل علاقة معه، وتمنى تكليف الرئيس الحريري من جديد، وهو ما يتناقض مع رواية «التيار الوطني» جملة وتفصيلاً. كما يتضح من مراجعة البيان نفسه أنّ الوزير الصفدي كان صادقاً وشفافاً بإعلان أنه رأى صعوبة في «تشكيل حكومة متجانسة ومدعومة من جميع الافرقاء السياسيين تمكنها من اتخاذ إجراءات إنقاذية فورية تضع حداً للتدهور الاقتصادي والمالي وتستجيب لتطلعات الناس في الشارع»، وهو ما يكذّب كلياً مزاعم «التيار الوطني» ومسؤوليه.

ثانياً: إنّ الوزير جبران باسيل هو من اقترح وبإصرار مرتين اسم الوزير الصفدي، وهو ما سارع الرئيس الحريري إلى إبداء موافقته عليه، بعد أن كانت اقتراحات الرئيس الحريري بأسماء من المجتمع المدني، وعلى رأسها القاضي نواف سلام، قد قوبلت بالرفض المتكرر أيضاً. ولا غرابة في موافقة الرئيس الحريري على ترشيح الوزير الصفدي الذي يعرف القاصي والداني الصداقة التي تجمعه به، والتي جرت ترجمتها في غير مناسبة سياسية.

ثالثاً: إنّ الرئيس الحريري لا يناور، ولا يبحث عن حصر إمكانية تشكيل الحكومة بشخصه، بل إنه كان أوّل من بادر إلى ترشيح أسماء بديلة لتشكيل الحكومة. وفي المقابل، كان واضحاً منذ اليوم الأول لاستقالة الحكومة مع كل ممثلي الكتل النيابية، أنه لا يتهرب من أي مسؤولية وطنية، إنما المسؤولية الوطنية نفسها تفرض عليه إبلاغ اللبنانيين والكتل النيابية سلفاً أنه إذا تمّت تسميته في الاستشارات النيابية الملزمة التي يفرضها الدستور، فإنه لن يشكّل إلّا حكومة اختصاصيين، انطلاقاً من قناعته أنها وحدها القادرة على مواجهة الأزمة الاقتصادية الحادة والعميقة التي يمر فيها لبنان.

رابعاً: إنّ سياسة المناورة والتسريبات ومحاولة تسجيل النقاط التي ينتهجها «التيار الوطني» هي سياسة غير مسؤولة مقارنة بالأزمة الوطنية الكبرى التي يجتازها بلدنا، وهو لو قام بمراجعة حقيقية لكان كَفّ عن انتهاج مثل هذه السياسة عديمة المسؤولية ومحاولاته المتكررة للتسلّل الى التشكيلات الحكومية، ولكانت الحكومة قد تشكّلت وبدأت بمعالجة الأزمة الوطنية والاقتصادية الخطيرة، وربما لما كان بلدنا قد وصل إلى ما هو فيه أساساً».

«التيار الوطني»

وعلى الأثر، ردّت اللجنة المركزية للإعلام في «التيار الوطني» على بيان الحريري «الذي يتضمن جملة افتراءات ومغالطات مع تحريف للحقائق، مما يفرض علينا متأسفين بأن نوضح للبنانيين بإيجاز النقاط الآتية:

أولاً – إنّ أسباب وصول لبنان إلى الوضع الصعب الذي هو فيه تعود الى السياسات المالية والاقتصادية والممارسات التي ‏كرّست نهج الفساد منذ 30 عاماً ولا يزال أصحابها يصرّون على ممارستها، وما المعاناة التي مررنا بها وعبّرنا عنها جزئياً في السنوات الأخيرة سوى بسبب رفضنا هذه الممارسات وإصرار تيار «المستقبل» على التمسّك بها وحماية رجالاتها.

‏ثانياً – إنّ «التيار الوطني» بادر وتحرّك من أجل الاسراع في سدّ الفجوة الكبيرة التي سبّبتها استقالة دولة الرئيس الحريري على حين غفلة لأسباب، ولو كانت مجهولة، الّا انها وضعت البلد في مجهول أكبر؛ لكنّ التيار، ولأجل التسريع في بدء عملية الانقاذ، قدّم كل التسهيلات الممكنة، وذلك بعدم رفضه أي اسم طرحه الرئيس الحريري وعدم تمسّكه بأيّ اسم من جهته،‏ إلّا أنّه أصبح واضحاً انّ سياسة الرئيس الحريري لا تقوم فقط على مبدأ «أنا أو لا أحد» على رأس الحكومة، بل زاد عليها مبدأ آخر وهو «أنا ولا أحد» غيري في الحكومة، وذلك بدليل إصراره على أن يترأس هو حكومة الاختصاصيين‏؛ وتبقى شهادة الوزير الصفدي المقتضبة واللائقة كافية لتبيان من يقول الحقيقة».

وكشف البيان أنّ ما يهمّ التيار «هو قيام حكومة قادرة على وقف الانهيار المالي ومنع الفوضى والفتنة في البلد، والتي يعلم دولة الرئيس الحريري تماماً من وكيف يحضّر لها وعليه تفاديها، وحيث أنّ دولته يؤكد انّ أولويته هي تشكيل الحكومة من دون اي غاية سياسية خاصة، فإننا ندعوه للتعالي على اي خصام سياسي، خاصة وانه يفتعله معنا على قاعدة «ضَربني وبكى، سَبقني واشتكى»، فقد «فعل فعلته وسارع الى الاعلام». ولذا، ندعوه الى أن يلاقينا في الجهود للاتفاق على رئيس حكومة جامع لكل اللبنانيين، ونقول إنّ الفرصة لا تزال متاحة أمامنا جميعاً لكي ننقذ البلد عوض الاستمرار في نَحره إفلاساً وفساداً».

الصفدي

ورداً، صدر عن المكتب الاعلامي للصفدي بيان أشار فيه الى «أنّه أراد أن يكون بيان انسحابه بياناً يجمع ولا يفرّق»، وشكر الحريري على تسميته لتشكيل الحكومة، قائلاً: «لم أود أن أذكر تفاصيل المفاوضات بيني وبينه، فإذا بي أفاجأ ببيان صادر عن المكتب الإعلامي للرئيس الحريري يتضمن تفنيداً لِما صدر عنّي وذلك في إطار الاستخدام السياسي. وهنا أود أن أؤكد أنّ المرحلة التي يمر فيها لبنان مرحلة صعبة ومفصلية وخطيرة، وتتطلب منّا جميعاً التكاتف والتضامن ووضع الخلافات السياسية جانباً. وانطلاقاً من هذا الامر تخطّيت الوعود التي على أساسها قبلت أن أسمّى لرئاسة الحكومة المقبلة، والتي كان الرئيس قطعها لي لكنه لم يلتزمها لأسباب ما زلت أجهلها، فما كان منّي إلّا أن أعلنت انسحابي».

ودعا «الجميع الى الحكمة والتبصّر والوعي أنّ لبنان أكبر منّا جميعاً، وهو في خطر داهم».