على كثرة النظريات والاراء الناحية في اتجاه لا دستورية الجلسة البرلمانية التشريعية غدا، لا يشكك معظم الخبراء الدستوريين بشرعية الدعوة الى جلسة مجلس النواب غدا، فهي دستورية بكل المقاييس ولا تخالف ايا من شروط انعقادها في ظل الظروف الإستثنائية. ويؤكدون ان اذا كان من مشكلة في مضمون اقتراحات بعض القوانين مثار الجدل الواسع نسبة لما قد يترتب على اقرارها من مخاطر، فإن ذلك لا ينزع عن الجلسة دستوريتها.
فالنقاش بين الخبراء الدستوريين يتوسع ويتشعب عند الحديث عن شرعية ودستورية الدعوة التي وجهها رئيس المجلس النيابي نبيه بري الى انعقاد جلسة مجلس النواب، إن عقدت غدا. وبعد ما تبادل الخبراء الدستوريون الآراء انتصرت النظرية التي تبرر الدعوة اليها لأكثر من سبب. ذلك ان من الواضح ان المجلس مضطر في بداية الجلسة الى انتخاب اعضاء هيئة مكتب المجلس ورؤساء ومقرري واعضاء اللجان النيابية لينتظم العمل في المجلس النيابي بمعزل عن وجود حكومة مستقيلة غير كاملة الأوصاف.
وفي خضم النقاش القانوني، ثمة من يقول لـ “المركزية” ان وعملا بأحكام المادة ٣٢ من الدستور، يُحظر على مجلس النواب أن يقوم في جلسته غدا، وهو لا يزال في عقده العادي، بأي عمل قبل البحث والبت بالموازنة والتصويت عليها. لكن في المقابل يبرز رأي آخر يعطل مضمون هذه القراءة عبر العودة الى سلسلة من القرارات الصادرة عن المجلس الدستوري وهيئة التشريع والإستشارات ومجلس شورى الدولة واراء دستورية قيّمة تدعو الى عدم اللجوء الى مضمون المادة 32 من الدستور بل الى قرار المجلس الدستوري الذي “ربط انعقاد مجلس النواب الحكمي بتغطية الفراغ الناجم عن كون الحكومة في حالة تصريف الأعمال” وهو ما يقود الى العودة الى مضمون الفقرة 3 من المادة 69 التي تقول “ان مبدأ استمرارية السلطات الدستورية منعاً لحدوث أي فراغ فيها، هو مبدأ ذو قيمة دستورية.”
وفي معرض الحديث عن تجارب سابقة، خصوصا حينما أصر رئيس الحكومة المستقيل نجيب ميقاتي على رفض جلسات التشريع، لان حكومته مستقيلة ومنقوصة الصلاحيات ولا يمكنها المثول امام مجلس نيابي كامل الصلاحيات يؤكد الدستوريون ان تلك النظرية التي تمسك بها ميقاتي كانت “سياسية” في حينه و”ليست دستورية”. وتاليا، فإن اي اجراء لتسريع الخطوات الدستورية الهادفة الى انقاذ البلاد ممكن راهنا، وليس هدفه تعطيل سائر المؤسسات الدستورية.
وعن تشريع المجلس قبل البت بالموازنة العامة المطروحة على البرلمان بمعزل عن وجود حكومة مستقيلة، يقول الدستوريون: “ان ما يتصل بالموازنة شأن آخر” و”لا يمكن للمجلس البت بها قبل تأليف حكومة جديدة”. فالحكومة والوزراء الذين يصرّفون الأعمال لا يمكنهم الزام الحكومة العتيدة بأي قرارات ترتب مسؤولية على الحكومة قبل تشكيلها.