بعد 34 يوما على انطلاق “شرارة الانتفاضة الشعبية”، يبدو ان المشهد اللبناني دخل في مرحلة من الجمود بانتظار حدث ما يخرق تمسّك كل طرف برأيه وبمطالبه.
ففي وقت يريد الحراك الشعبي “اسقاط النظام” والمشاركة في الحكم، وفي موازاة ذلك يرفض الحوار او الكشف عن قيادته، تتواصل الاتصالات بين الاحزاب السياسية التقليدية الحاكمة دون التوصّل الى اية نتيجة ترضيها وترضي ايضا الشارع!
وماذا بعد؟!
فقد حذّر مصدر في التيار “الوطني الحرّ” الاتجاه نحو حرب، ما اذا استمرت التحركات والاستفزاز في الشارع، مشيرا الى أن الحراك الشعبي حقق مبتغاه لا سيما من خلال استقالة الحكومة.
وسأل المصدر، عبر وكالة “أخبار اليوم”، هل هناك مَن يريد الانقلاب في البلد؟ مذكرا ان الانتخابات حصلت منذ سنة ونصف السنة، ولا بد من احترام نتائجها، مشددا على ان الشارع لا يمثّل كل اللبنانيين، وعلى الرغم من ذلك نحن على استعداد لاستيعابه وتمثيله في الحكومة.
شعارات غير واقعية
وذكر المصدر ان المحتجين رفعوا بداية نفس مطالب “التيار” والرئيس ميشال عون منذ سنوات، ولم تتطبّق بسبب العرقلة المستمرة، والتي واجهت العهد منذ بدايته، قائلا: والجميع يعرف الجهات التي قوّضت مسيرة العهد منذ يومه الاول. واضاف: اما اليوم انقلبت الشعارات او تحولت الى غير واقعية، بدءا من “كلن يعني كلن” وصولا الى انتخابات نيابية مبكرة، والجميع يعرف انه في التركيبة اللبنانية هكذا امور لا تتم بسهولة بل هناك اجراءات وآليات دستورية تحترم التوازن الطائفي.
وفي هذا الاطار، شدد المصدرعلى ان – التيار بغض النظر عن الحملات التي تساق ضده – ما زال الاكثر حرصا على حقوق المسيحيين، وهو بالتالي يرفض طرح قانون انتخابي على اساس لبنان دائرة واحدة، قائلا: نأمل من الاطراف الاخرى التي ركبت موجة الشارع ان تعي هذا الواقع، لا سيما بعد الذي حققناه في الانتخابات الاخيرة على مستوى تحسين التمثيل المسيحي، اذ لو لم يكن القانون وفق الصيغة التي توصّلنا اليها -والتي تحتاج الى الكثير من التطوير- لما كانت “القوات اللبنانية” لتفوز بمقاعدها الحالية في المجلس النيابي.
وكرر المصدر: ما هو حاصل اليوم هو نتيجة تراكم الاخطاء في ادارة البلد منذ العام 1990، وفي السياسات الاقتصادية والمالية الخاطئة، قائلا: صحيح ان “التيار” في الحكم وعون على رأس الدولة، لكنه ليس مسؤولا عما حصل، وان كان يتحمّل جزءا من المسؤولية، وبالتالي نستغرب ان يكون الشارع وجه السهام الى فريقنا حصرا.
يد المستقبل…
اما عن الملف الحكومي، فاشار المصدر الى أن الرئيس سعد الحريري ما زال مترددا في قبول ترشيحه الامر الذي دفع الوزير السابق محمد الصفدي الى الانسحاب، مستطردا الى القول: تيار “المستقبل” وراء تحريك جزء كبير من الشارع في المناطق السنية، ولا سيما في البقاع وعكار…
وردا على سؤال، اكد المصدر ان “التيار” لا يفرض شروطا على الحريري، بل على العكس فهو منذ الاستقالة يطالب بحكومة تتألف من اختصاصيين مع وجوه سياسية غير مستفزّة.
ولكن الحريري يطالب بحكومة تكنوقراط فقط؟ اجاب المصدر: حكومة من هذا النوع لن تستمر وخاصة انها تمحي اي وجود للمكونات السياسية والحزبية الموجودة، والتي فازت بالانتخابات، وستسقط في الشارع مجددا في ظل وضع اقتصادي صعب.