Site icon IMLebanon

الإفلاس يطرق أبواب لبنان في غمرة انشغال السياسيين بـ”حرب البقاء”

تتخوف الأوساط اللبنانية من انهيار اقتصادي وشيك بدأت أعراضه تظهر للعلن، في ظل استمرار الحراك الشعبي، وانسداد أفق التسوية الحكومية.

واعتبرت مصادر اقتصادية أن تخفيض مؤسسة موديز الدولية للتصنيف الائتماني لأكبر ثلاثة بنوك لبنانية، مؤشر خطير ينذر بقرب الإفلاس، وأن التدابير الأخيرة التي اتخذتها جمعية المصارف في لبنان تعد اعترافا من النظام المصرفي اللبناني بجسارة الأزمة الاقتصادية وحدّتها.

ومنعت المصارف أي تحويلات مالية نحو الخارج إلا للأغراض الشخصية الضرورية وبأحجام محدودة، فيما لم تسمح إلا بسحوبات أسبوعية داخلية لا تتجاوز مبلغ ألف دولار أميركي أسبوعيا.

وتعد هذه الإجراءات سابقة في تاريخ لبنان الذي لم تتخذ مصارفه إجراءات على هذا المستوى حتى في مرحلة الحرب الأهلية 1975_1990.

ويرى الاقتصاديون أن تقييم موديز وتدابير النظام المصرفي يطرحان علامات استفهام كبرى بشأن قدرة النظام المالي اللبناني على الصمود، كما يرفعان من مستويات القلق عما ستذهب إليه الأمور في حال انهارت قطاعات المال والاقتصاد في البلد.

رئيس البرلمان نبيه بري يقترح تشكيل حكومة من 20 وزيرا، 6 منهم وزراء يمثلون الاتجاهات السياسية و14 منهم تكنوقراط
وكانت أنباء تحدثت في الأيام الأخيرة عن ارتفاع الطلب على الخزنات المعدنية بما يؤشر إلى لجوء المواطنين إلى سحب إيداعاتهم المصرفية والاحتفاظ بها داخل خزنات خاصة. وقدرت مصادر مصرفية حجم الكتلة النقدية داخل خزنات خاصة في المصارف أو داخل خزنات خاصة خارجها بحوالي 2.2 مليار دولار.

ويحذر اقتصاديون من أن تقييم موديز سيمنع الجهات الأجنبية من إقراض لبنان أو الاكتتاب في سنداته الخارجية، فيما القرارات التي اتخذتها جمعية المصارف تؤشر إلى عدم قدرة المصارف على إقراض الدولة من خلال مصرف لبنان، ما يمكنها من مواجهة أعبائها ودفع مستحقات ديونها الخارجية.

وأفاد رئيس اتحاد نقابة موظفي المصارف جورج الحاج، الثلاثاء، بأن “المصارف شهدت، في اليوم الأول بعد فتح أبوابها، ضغطا هائلا في مختلف المناطق اللبنانية”، مؤكّدا أن “الخطّة الأمنية الموضوعة دخلت حيّز التنفيذ”.

وتتصادم لغة الأرقام المقلقة مع الحسابات السياسية التي ما زالت تحول دون الاتفاق على الصيغة المثلى لتشكيل حكومة. ويرى مراقبون أن اندلاع المظاهرات في إيران قد فاقم من الأزمة في لبنان من حيث حالة الإرباك التي يعاني منها حزب الله (وحلفاؤه) والتي تدفعه إلى التمسك بتشكيل حكومة لا يفقد السيطرة عليها.

وفيما أشارت أوساط تحالف 8 آذار إلى أن البحث جار عن شخصية بديلة عن الحريري، ما زالت جهات أخرى تستبعد ذلك مؤكدة أن الثنائية الشيعية (حزب الله وحركة أمل) لا تزال تؤيد عودة الحريري إلى موقع رئاسة الحكومة، معتبرة أن أمرا كهذا بات يتطلب تهدئة التوتر الذي اندلع بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر بعد المواقف السلبية المتبادلة التي صدرت عن مكتب الحريري كما عن مكتب وزير الخارجية جبران باسيل.

 

وفيما أكد الرئيس عون، الثلاثاء، نيّة السير في حكومة سياسية مطعمة بتكنوقراط وممثلين عن الحراك. وقد نقل عن رئيس البرلمان نبيه بري اقتراحه تشكيل حكومة من 20 وزيرا، 6 منهم وزراء يمثلون الاتجاهات السياسية و14 منهم تكنوقراط. نقل عن مقربين من الحريري أنه ما زال متمسكا بتشكيل حكومة خالية من السياسيين، وأنه جاهز من أجل ذلك للانسحاب من مهمة تشكيل الحكومة لصالح شخصية مثل نواف سلام مندوب لبنان السابق في الأمم المتحدة.

ويتهم خصوم الحريري الأخير بأنه يسعى من خلال دعمه سلام، كما دعمه الصفدي قبله، إلى “إحراق” هذه الأسماء وإخراجها من بورصة التداول. وجاء هذا الاتهام واضحا في ما صدر عن التيار الوطني الحر الذي اعتبر بيان صادر عن دائرته الإعلامية أن الحريري يمارس سياسة ابتزاز خلاصتها “أنا أو لا أحد”.

ولفت المراقبون إلى موقف صادر عن عضو كتلة “التنمية والتحرير” (التابعة لحركة أمل) محمد نصرالله، يفيد بأن “الكتلة متضامنة مع مطالب الحراك ولا مانع لدينا أن تجرى انتخابات مبكرة”، معتبرا أنّ “المطلوب الذهاب إلى قانون انتخابي غير طائفي يجعل لبنان دائرة انتخابية واحدة”. وعدّ ذلك اعترافا من شخصية قريبة من بري بضرورة الاعتراف بتقادم البرلمان الحالي والإتيان ببديل يتسق مع مطالب الحراك الشعبي.