في سلسلة مواقف لافتة للانتباه، وبعد أيام من التظاهرات على أثر زيادة أسعار الوقود اكد المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الايرانية علي خامنئي اليوم اننا “دحرنا العدو خلال الأحداث الأمنية في الأيام الأخيرة”، مشيرا إلى أن ما حدث “كانت ممارسات امنية وليست شعبية”… و”فرضنا التقهقر على العدو”. الى ذلك، ذكرت وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية أن الرئيس حسن روحاني، بدوره، أعلن انتصار الحكومة على الاضطرابات التي يتهم أعداء أجانب بإشعالها. وقال في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء والتلفزيون الإيرانيان على موقعهما الإلكتروني “نجح الشعب الإيراني مرة أخرى في اختبار تاريخي وأظهر أنه لن يسمح للأعداء بالاستفادة من الوضع، رغم أنه ربما كانت لديه شكاوى بشأن إدارة البلاد”.
بحسب ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية” أوجه الشبه كثيرة بين المقاربة التي اعتمدتها القيادة الايرانية لقراءة الانتفاضة المعيشية من جهة، والقراءة التي اعتمدها حلفاؤها في لبنان. فحزب الله بدوره، رأى -وإن بكلمات أقل حدة- أن ثورة 17 تشرين، مدعومة من الخارج وهدفها الحقيقي، الالتفاف على المقاومة والنيل منها واستهدافها، عبر إخراجها من الحكم.
واذا كانت السلطات الايرانية قمعت بوسائل شتى المحتجين، واستخدمت في التعاطي معهم كلّ أساليبها القمعية، من الاعتقالات الى قطع الانترنت، مرورا بإنزال الشارع المضاد في وجههم، وصولا الى اطلاق الباسيج والباسدران، الرصاص الحي نحوهم مسقطين قتلى في صفوفهم، قبل ان تعلن اليوم انتصارها عليهم، فإن الخشية كبيرة، وفق المصادر، من ان يقرر أهل الحكم في لبنان استنساخ هذا السيناريو في بيروت، وإن بأوجه مختلفة، لخنق الثوار. فبحسب المصادر، المعلومات التي بثّها اليوم مقربون من فريق 8 آذار، في الاعلام التابع له، عن “فقدان الجيش وقائده حياديته وانضمامه الى فريق 14 آذار بدليل عدم فتحه الطرق للنواب الى البرلمان امس”، هذه المعلومات توحي بأن هذا الطرف قد لا يجلس مكتوف الايدي طويلا، وأن صبره بدأ ينفد من الحراك الشعبي الذي يشتد قوة وتأثيرا في اللعبة السياسية المحلية، يوما بعد يوم. فهل يتحرّك بنفسه، على الارض، امنيا؟ المخاوف كثيرة من لجوء المتضررين من الثورة الى أكثر من خطوة لتفكيكها وإخافة ناسها، منها مثلا زرع مندسين في صفوفهم لاثارة الشغب والاشكالات، على غرار ما جرى مساء امس، في ساحة رياض الصلح. كما انهم قد يستخدمون مجددا “سلاح” المسيرات الدرّاجة او التظاهرات، التي من شأنها وضع شارعين وجها لوجه. ويحكى ايضا عن تنفيذ “غارات” حزبية سريعة على غرار غزوتهم ساحتي الشهداء ورياض الصلح، لتحطيم الخيم وترهيب المنتفضين، تستهدف في شكل خاص، المناطق التي “تُزعج” فيها الثورة، حزب الله وأمل.
أما في السياسة، فقد يذهب اهل الحكم ايضا الى خيار المواجهة، عبر فرض الحكومة التي يريدون والتي حدد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مواصفاتها امس، مشيرا الى انها ستكون “تكنوسياسية”. وحكومة كهذه، تضيف المصادر، ستكون من لون واحد، تجمع فقط مكونات فريق 8 آذار، كون الرئيس سعد الحريري لن يرأسها، وستبقى معه خارجها، كل الاطراف الاخرى. واذ تلفت الى ان الثنائي الشيعي ينصح الرئيس عون بالتروي في الذهاب نحو هذه الطريق، ويراهن على الوقت -و”القوة” ربما- لتنفيس الثورة، تحذر المصادر من ان اي تصعيد من قبل أهل الحكم، مهما كان شكله، قد يرتد عكسا على المراهنين عليه، فيزيد “نار” الثورة الشعبية لهيبا وتوهّجا…