كتبت ماري الأشقر في “الجمهورية”:
الطفل فضولي بطبيعته. يهوى التعرّف إلى الأشياء من حوله، وغالباً ما يتعرّض لمعلومات يكتسبها من أصدقائه في المدرسة أو من وسائل الإعلام المختلفة وفي مقدّمها التلفزيون.
يستطيع الطفل أن يفهم بعض هذه المعلومات أمّا البعض الآخر فيصعب عليه فهمها، علماً أنه قد يسيء فهمها أيضاً. وهنا تكمن أهمية تدخّل الوالدين بهدف تبسيط الأمور وتوضيح المعلومات التي اكتسبها الطفل، وبالتالي إرشاده الى المعلومات الصحيحة والمفيدة. ويكون تدخلهما ضرورياً لحجب بعض المعلومات عنه وخصوصاً تلك التي تضرّه نتيجة إساءة فهمها..
كذلك، يجب على الوالدين أيضاً تعليم الطفل كيف يكون انتقائياً فيما يقرأه ويسمعه ويشاهده. الواقع أنّ الاجابة عن هذا السؤال تجرّنا إلى الحديث عن طبيعة الأطفال في تعاملهم مع المعلومات.
لا يختلف الأطفال فقط في ما يفهمونه من معلومات تُعرض أمامهم، فبعض الأطفال يتّسمون بالحساسية الشديدة أكثر من غيرهم. يبدو هذا واضحاً عندما تتعرض مجموعة من الأطفال لحدث معين. فنجد أنّ بعضهم يحاول تقليد هذا الحدث وبعضهم الآخر يحتاج إلى الحماية حتى يستطيع استخدام قدراته العقلية لفهم المعلومات أمامه.
كذلك، تؤثر الوسيلة، التي اكتسب الطفل المعلومة من خلالها، بشكل كبير عليه، خصوصاً في سنوات الطفولة المتوسطة. يقدّم الكتاب مثلاً إلى الطفل، الصورة والكلمات التي تخوّله استيعاب المعلومات داخله.
أمّا في ما يتعلّق بالافلام السينمائية والفيديوهات المنتشرة بكثرة حالياً على وسائل التواصل الاجتماعي، غالباً ما تكون مصحوبة بموسيقى تصويرية وقد يكون من الصعب على الطفل فهم محتواها بسرعة من دون أن تؤثر عليهم سلباً أو سوء فهمها.
وفي هذه الحالة، يتعيّن على الوالدين مناقشة هذه المعلومات مع الطفل حتى يتعلم ويمارس حكمه على الأشياء لاسيّما على هذه المعلومات والمواد التي عُرضت عليه. لهذا يجب تناول هذه القيم بالشرح والتفصيل المبسّط للطفل حتى يستطيع التكيّف مع الضغوط الاجتماعية.
وفي كلّ ّالحالات، كلّما كانت المناقشات مفتوحة وصريحة مع الطفل فيما يتعرض له من مواد، كلّما فهم جيداً وأتى ذلك في مصلحته. ومع تقدم الطفل في العمر، تزيد قدرته على تحصيل المعلومات، وهنا يكمن دور الأبوين الأساسي في تعليمه كيفية التمييز بين ما هو مفيد وما هو مضرّ من كلّ هذه المعلومات، التي تغرق الأطفال بكمياتها ونوعياتها المختلفة والمتنوعة. بالإضافة إلى ذلك، يجب مراعاة الطفل في سنّ البراءة، إذ خلال نموّه قد يواجه صراعات ومشاعر كثيرة.
على أيّ حال، لن يلفت انتباه الأطفال كلّ المعلومات التي تُعرض أمامهم حتى تلك التي تبدو مسيئة لهم، لكن عند غضب الوالدين من هذه المعلومات ومقابلتها بجفاء وتجنب مناقشتها معهم يولّد فضولاً لدى الأطفال لمعرفتها أو حتى تجربتها.