كتبت فاتن الحاج في “الاخبار”:
عندما بدأت انتفاضة 17 تشرين، كان تكتل طلاب الجامعة اللبنانية (مجموعة طلاب مستقلين نشطوا العام الماضي في إضراب الـ50 يوماً) لا يزال يدرس موقفه من المشاركة في الانتخابات الطلابية التي تقرر عودتها بعد غياب دام 11 عاماً وفق قانون وصفه التكتل بـ «العنصري باستبعاد مشاركة الطلاب الأجانب ترشحاً واقتراعاً، وبالسلطوي والفاقد لآليات المراقبة والمحاسبة من القاعدة الطلابية المنتخبة».
في اليوم الخامس، أعلن التكتل رسمياً، أنّه جزء من «انتفاضة الشعب»، ونصب خيمته في ساحة رياض الصلح، في محاولة للبحث عن استعادة دور لطلاب الجامعة اللبنانية في الشأن العام، كانت قد سلبتهم إياه السلطة السياسية منذ أن عطلت اتحادهم الوطني في بداية الحرب الأهلية.
وفيما علّق فيه رئيس الجامعة اللبنانية فؤاد أيوب، في اليوم الخامس والعشرين للانتفاضة، إجراء الانتخابات وتشكيل الاتحاد الوطني إلى أجل غير مسمى، كان التكتل يشكّل مع عدد من الأندية المستقلة في الجامعة وشبكة «مدى» التي تضم أندية مستقلة ويسارية وعلمانية في الجامعات الخاصة ومجموعات طلابية أخرى غير منضوية في الشبكة «#طلاب_17_أوكتوبر». المجموعة الطلابية فتحت، بحسب عضو التكتل سمير سكيني، النقاش بين طلاب الجامعات اللبنانية على نطاق واسع في الخيم الطلابية التي استحدثت في ساحات الانتفاضة في بيروت والمناطق حول 5 عناوين سياسية وطلابية لخطة عمل مشتركة هي: المطالبة بحكومة انتقالية مستقلة تماماً تضع على جدول أعمالها خطة إنقاذ مالية تحمي محدودي الدخل من تبعات الأزمة والتحضير لانتخابات نيابية مبكرة، رفض سياسات تهشيم الجامعة اللبنانية والتعليم الرسمي وزيادة الميزانية وإنشاء مركز الأبحاث الوطني والمطعم الجامعي في مجمع الحدث، رفض تجاهل وزارة التربية لدولرة الأقساط الجامعية، المطالبة بتثبيت الأقساط الجامعية خلال السنوات المقبلة في ظل هذه الأزمة، تمهيداً لإقرار العقد الطلابي مع إدارات الجامعات والذي يضمن تثبيت الأقساط على الطالب خلال فترة دراسته، إضافة إلى حقه الطبيعي في ممارسة العمل المطلبي والمشاركة في القرارات الجامعية من خلال مجالس منتخبة، وخفض سن الاقتراع حتى 18 عاماً.
مجموعة «#طلاب_17_أوكتوبر» نظّمت تظاهرة في قلب المجمع الجامعي في الحدث، واختار تكتل طلاب الجامعة اللبنانية مركز «ليبان بوست» مكاناً رمزياً لوقفتهم المطلبية، في إشارة إلى رفض الفاتورة الإضافية التي يجبرون على دفعها للقطاع الخاص بسبب عجز إدارة جامعتهم عن القيام بواجباتها تجاههم. وبحسب سكيني، فوجئ المنظمون بمشاركة نحو 2000 طالب من مختلف التوجهات حضروا ليرددوا شعارات الانتفاضة ومطالبها السياسية وللاعتراض على مجالس طلابية غير منتخبة وغير شرعية، ما يشير، كما قال، إلى أن الطلاب غير منفصمين عن واقعهم وهم موجودون عندما يكون هناك جو عام يستدعي انخراطهم. هتف الطلاب لفرج الله حنين، الطالب في الجامعة اليسوعية الذي استشهد لتأسيس الجامعة اللبنانية، والذي بات اسمه يردد في كل الساحات والتظاهرات التي تنظمها المجموعة، وكانت هناك مطالبة باطلاق اسمه على مجمع الحدث. ولفت سكيني إلى أن التظاهرة الثانية الحاشدة من الإدارة المركزية باتجاه رياض الصلح التي لاقت طلاب الجامعات الخاصة تحت جسر فؤاد شهاب وسّعت البيكار باتجاه مطالبة رئاسة الجامعة اللبنانية بإصدار مذكرة رسمية بالإضراب ودعم مراكز البحث العلمي والتصويب على الصراع الطبقي وإحلال الاقتصاد المنتج بدل الاقتصاد الريعي باعتبار أن النموذج الاقتصادي اللبناني غير موّلد لفرص العمل، لتعزيز وعي الطلاب بشأن ما ينتظرهم في سوق العمل بالاستناد إلى أن متخرجاً واحدا فقط يعمل من ستة متخرجين». ووفق سكيني، استطاعت المجموعة الطلابية الجديدة أن تخلق علاقة جدلية بين الشارع والجامعة «ونطمح أن تساهم هذه التجربة في ما بعد في اختيار ممثلي الطلاب في الاتحاد الوطني لطلاب الجامعة». وفيما رأى أن التكتل الطلابي بات يشبه النقابة الطلابية وهو ينسق على هذا الأساس مع «تجمع مهنيات ومهنيين»، كشف أن الأساتذة المستقلين في الجامعة اللبنانية يستعدون لإطلاق إطار مشابه.
استقطبت المجموعة، بحسب علي نور من شبكة «مدى»، طلاباً متنوعين حزبياً وغير مؤطرين سياسياً، ومنهم من لم يكن يشارك سابقاً في أي عمل طلابي أو يعطي رأيه في قضية ما. وجد هؤلاء ملاذهم في خيم الانتفاضة التي لم تحصر النقاشات بالمجموعات الطلابية المنظمة إنما جعلتها مفتوحة للجميع للحوار والتعلم، فيما لم تنتظم الدراسة بعد في القاعات الجامعية، «والمفارقة أن زخم المشاركة يكون أكبر عندما تكون الدروس ماشية».
مسؤول نادي التجمع المدني في جامعة الحكمة (القريب من حركة مواطنات ومواطنون) الكسي حداد اوضح أن «الطلاب يشاركون في الانتفاضة كما باقي المواطنين انطلاقاً من وجعهم المعيشي ورفضاً لتهشيم الجامعة اللبنانية وسيطرة المحسوبية والزبائنية فيها واضطرارهم للذهاب إلى جامعات خاصة لا يقوون على دفع أقساطها، وعدم وجود فرص عمل جيدة واضطرارهم إلى الهجرة». لكن ما يميز حراك «#طلاب_17_أوكتوبر»، بحسب حداد، هو «تشكيل إطار حاضن لكل الطلاب والتصويب على عناوين سياسية وطلابية، ومنها أننا نريد حكومة انتقالية مستقلة عن أحزاب السلطة وليس حكومة تكنوقراط تختارها الاحزاب السياسية. وهذا المطلب يؤدي إلى تحقيق كل المطالب الأخرى».