يتحصّن رئيس الجمهورية ميشال عون ومعه “التيار الوطني الحر” والثنائي الشيعي وحلفاؤهم خلف “التوافق السياسي” لحسم ملف الحكومة العتيدة، تكليفاً وتأليفاً قبل تحديد موعد للاستشارات النيابية المُلزمة رغم ان “عصمة” الاكثرية النيابية بيده للسير بما يراه مناسباً للبلد ولفريقه السياسي.
فلماذا اذاً لم يحزم امره حتى الان ويُسمّي رئيساً للحكومة العتيدة بعد مرور اكثر من 20 يوماً على استقالة الرئيس سعد الحريري ما دام الاخير يرفض ترؤس حكومة تكنوسياسية كما يرغب فريق العهد وحلفاؤه؟
منذ ان استجاب الرئيس الحريري لمطلب الانتفاضة الشعبية باستقالة حكومته، شدد على ضرورة تشكيل حكومة تكون على مستوى ما حصل في الساحات ويتم اختيار اعضائها من خارج النادي السياسي وتكون مهمتها اجراء عملية انقاذ اقتصادي لمدة محددة تمتد حتى ستة اشهر، الا ان الفريق الاخر تمسّك بموقفه الرافض تشكيل حكومة تكنوقراط وانما حكومة تكنوسياسية تعكس التوازنات التي افرزتها نتائج الانتخابات وتستجيب لمطالب الحراك بضمّ وزراء تكنوقراط مستقلّين، واصرّ على ان يكون الرئيس الحريري على رأس حكومة كهذه، لان برأيه المرحلة الدقيقة التي يمرّ بها البلد تتطلّب تعاون الجميع من اجل الخروج من الازمة القائمة.
وبين هذا الاختلاف في المواقف، يواصل “الخليلان” التحرك على خط بيت الوسط اما باقناع الرئيس الحريري بالعودة الى السراي الحكومي ليرأس حكومة تكنوسياسية او “انتزاع” موافقته على شخصية بديلة للمهمة. فلماذا هذا الاصرار من جانب فريق رئيس الجمهورية والثنائي الشيعي على ان يأتي الرئيس من تحت عباءة بيت الوسط؟
اوساط سياسية مراقبة اعتبرت عبر “المركزية” “ان فريق الثامن من آذار ورغم امتلاكه للاكثرية النيابية التي تخوّله الاتيان برئيس للحكومة كما يريد، يُدرك جيداً ان اي شخصية سنّية تعيّن تفتقر الى غطاء الشارع السنّي لا يُمكنها ان “تُقلّع” بدليل ما حصل عند طرح اسم الوزير السابق محمد الصفدي”.
واشارت الى “ان لا يمكن تجاوز المواقف التي صدرت عن دار الفتوى ورؤساء الحكومة السابقين الذين اعلنوا صراحةً ان الرئيس الحريري هو “سيّد” المرحلة ولا احد غيره يستطيع قيادة سفينة الحكومة وسط العواصف الاقتصادية والمالية”.
والى جانب الغطاء السنّي، لفتت الاوساط الى “ان دعم الرئيس الحريري لشخصية سنّية غيره بمثابة منح الحكومة ورئيسها تأشيرة دخول الى الدول الاقليمية والمجتمع الدولي لطلب المساعدات مادية كانت ام معنوية، لان الرئيس الحريري يتمتّع بشبكة علاقات دولية واسعة جعلته محط ثقة وهذا كان من الاسباب الرئيسية لمدّ لبنان بالمساعادات المادية ابرزها مؤتمر “سيدر” للمانحين.
من هنا نصحت الاوساط المراقبة بتجنّب الدخول في مغامرة حكومة اللون الواحد، خصوصا وان عدداً من القوى السياسية كـ “تيار المستقبل” و”القوات اللبنانية” والحزب “التقدمي الاتتراكي” والكتائب يرفضون المشاركة في اي حكومة لا ترتقي لمستوى الازمة وتضمّ اخصّائيين مستقلّين لا ينتمون للاحزاب السياسية، لان متى تم تشكيل حكومة كهذه فان الخارج سيُحجم عن تقديم المساعدة للبنان كما تُحجم الدول المانحة عن الايفاء بوعودها في “سيدر”، لان من شروطها الاساسية اعتماد الحكومة النأي بالنفس قولا وفعلا وهي السياسة التي “ضُربت” من اهل البيت دون حسيب او رقيب”.