Site icon IMLebanon

ماذا يجري بين واشنطن وباريس حول لبنان؟

كشفت مصادر دبلوماسية في العاصمة الفرنسية عن جهود تبذلها فرنسا لدى بيروت والعواصم العربية والدولية لإيجاد مخرج للأزمة السياسية والحكومية الراهنة في لبنان.

وأضافت أن باريس تقود مساعي دولية غربية بدأت في الاجتماع الذي عقد الثلاثاء الماضي في باريس بين دبلوماسيين كبار من فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا، كما أنها على تواصل مع موسكو للتوصل إلى إنتاج إرادة دولية جامعة تفرض على التيارات السياسية اللبنانية صيغة لتشكيل حكومة جديدة.

وقالت المصادر إن باريس تسعى للتأثير على موقف حزب الله من خلال قنوات التواصل الفرنسي التي لم تنقطع مع الحزب. وتعول فرنسا على موقفها في مواصلة الاعتراف بحزب الله كمكون سياسي من مكونات المشهد السياسي والبرلماني والحكومي في لبنان. ويبتعد هذا الموقف عما اتخذته الولايات المتحدة، والتحقت بها بريطانيا منذ فبراير الماضي، من موقف تجاه الحزب، إذ دعت إلى التعامل معه، بجناحيه السياسي والعسكري، بصفته جماعة إرهابية.

وتلفت المصادر إلى أن باريس، بسبب الهبة الشعبية في الداخل الإيراني وصعوبة استجلاء الوضع الداخلي في طهران، تقرن اتصالاتها بالقيادة الإيرانية باتصالات تجريها مع روسيا في محاولة لاستخدام نفوذ موسكو أيضا لدى طهران وحزب الله للتوصل إلى حل ما في لبنان.

وكانت أنباء باريس قد تحدثت قبل أيام عن سعي لعقد اجتماع دولي بشأن لبنان، كما بعثت برسائل تطمئن فيها الأسواق الخارجية بأن الوضع المالي اللبناني تحت المجهر وهو غير آيل إلى الانهيار. ورأى محللون أن هذه التأكيدات التي نقلت عن مصدر دبلوماسي غربي في باريس تكشف عن خطة دولية معدة لإرسال دعم مالي عاجل إلى لبنان حال توصل اللبنانيين إلى تشكيل حكومة ترضي اللبنانيين وترضي الدول المانحة وتحقق الحد الأدنى المطلوب لإعادة ثقة المانحين العرب والدوليين بلبنان.

ونقلت وسائل الإعلام، الجمعة، عن مستشار للرئيس الفرنسي قوله إنه لا يوجد توافق لدى الأسرة الدولية لإيجاد حل للأزمة اللبنانية، وأضاف أن “هناك نوعا من اللامبالاة الدولية حيال لبنان”، مشددا على وقوف فرنسا إلى جانب لبنان “في كل الظروف”.

باريس حريصة على عدم تشجيع أي مقاربات خارجية من شأنها تفجير الوضع الداخلي في لبنان، لاسيما في وجود أكثر من مليون ونصف المليون لاجئ سوري،

وفيما تباينت التحليلات المتصلة بمقاصد فرنسا من عبارة “الحكومة الفعالة وذات المصداقية”، لفتت مصادر سياسية في لبنان إلى أن ما نقلته باريس إلى بيروت من أجواء اجتماع باريس الثلاثي الثلاثاء فتح الأبواب في الداخل اللبناني أمام إمكانية مقاربة المعضلة الداخلية بشكل أكثر حكمة. وقالت هذه المصادر إن اللهجة الهادئة والتصالحية التي ظهرت في خطاب الاستقلال الذي ألقاه الرئيس اللبناني ميشال عون الخميس عشية عيد الاستقلال، جاءت متأثرة بتلك الأجواء التي نقلها السفير الفرنسي برونو فوشيه إلى قصر بعبدا صباح نفس اليوم.

وتتحدث مصادر أوروبية عن فجوة في المواقف بين باريس وواشنطن في التعامل مع الأزمة اللبنانية. وتقول إن المواقف التي ظهرت في الولايات المتحدة، لاسيما على لسان وزير الخارجية مايك بومبيو وسفير واشنطن السابق في لبنان جيفري فيلتمان، وضعت الأزمة داخل سياق المواجهة الأميركية الإيرانية وداخل سياق الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة على حزب الله، فيما تدفع فرنسا باتجاه حصر الأزمة في بعدها اللبناني وعزلها عن سياقات سياسية إقليمية ودولية أخرى.

وتنبه هذه المصادر إلى أن باريس حريصة على عدم تشجيع أي مقاربات خارجية من شأنها تفجير الوضع الداخلي في لبنان، لاسيما في وجود أكثر من مليون ونصف المليون لاجئ سوري، وأن مقارباتها في هذا الملف تحظى بدعم الاتحاد الأوروبي، خصوصا وأن موقف بريطانيا في اجتماع الثلاثاء كان أقرب إلى موقف فرنسا منه إلى الموقف الأميركي.

وتقول المعلومات إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يجري مشاورات مع عدد من العواصم العربية وواشنطن وموسكو قبل أن يعيد إرسال أحد كبار الدبلوماسيين (حكي عن احتمال قيام وزير الخارجية جان إيف لودريان بهذه المهمة). وتضيف المعلومات أن إرسال الحريري مستشاره للشؤون الروسية جورج شعبان إلى موسكو للقاء المسؤولين الروس قد يتقاطع مع جهود ماكرون بنفس الاتجاه لتوفير مظلة دولية للحريري لدعم إعادة تكليفه بتشكيل حكومة اختصاصيين تطمئن لها روسيا.

ولفتت وزارة الخارجية الروسية، الجمعة، إلى أن” نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف استقبل المبعوث الخاص لرئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري جورج شعبان”. وجرى خلال اللقاء بحث الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية في لبنان.

وأكد الجانب الروسي موقفه المبدئي الداعم لسيادة لبنان واستقلاله ووحدة أراضيه والاستقرار السياسي الداخلي فيه، معبرا عن أمل موسكو في نجاح الجهود التي تبذلها قيادة البلاد، بما فيها مساعي سعد الحريري الرامية إلى إيجاد حل سريع يبنى على قاعدة التوافق الوطني حول أهم المسائل الداخلية الملحة، ومن ضمنها صيغة وتشكيلة الحكومة الجديدة القادرة على إيجاد حلول فعالة للمشاكل الصعبة والمعقدة التي يعاني منها المجتمع اللبناني.