كتبت رندة تقي الدين في صحيفة نداء الوطن:
منذ عودة السفير كريستوف فارنو مدير الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من زيارته إلى لبنان، تواصل الخارجية الفرنسية جهودها للاتصال بالمسؤولين في الدول الصديقة لمناقشة عقد اجتماع لمجموعة الدعم للبنان، مؤكدةً أنّ “الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يتابع عن كثب ما يجري في لبنان وهو عازم على القيام بمسعى، علماً أنه يدرك حساسية الوضع لكنه يعتبر أن لبنان واستقراره مهمّان لفرنسا”، وفق ما يقول مسؤول فرنسي رفيع لـ”نداء الوطن”، لافتاً إلى أنّ “الاجتماع لم يكن حتى الأسبوع الماضي قد تبلور بعد، والهدف من الاتصالات الجارية حول عقد هذا الاجتماع هو حشد اهتمام الدول وتقليص التباين في مواقفها إزاء لبنان، من أجل التمكّن من توجيه رسالة موحدة من المجتمع الدولي، توضّح للبنانيين ما هي الحكومة التي بإمكانها أن تحصل على الدعم الخارجي وفي أي شكل”.
ويضيف المسؤول الفرنسي: “من أجل أن تكون هذه الرسالة مفيدة هناك حاجة لجمع ممثلي الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن (الولايات المتحدة، فرنسا، بريطانيا، روسيا والصين)، إضافةً إلى جامعة الدول العربية التي بإمكانها أن تمثّل السعودية ودول الخليج، في حال لم تشارك هذه الدول بشكل مباشر، وهذا الأمر من شأنه أن يسهّل إشراك دول المنطقة في هذا الدعم لاحقاً”.
وإذ يلفت إلى أنه “يتم التفكير حالياً في كيفية مشاركة لبنان في هذه المجموعة وفي حال كانت هناك حاجة لإشراكه في مثل هذا الاجتماع أم لا”، يشدّد في الوقت نفسه على أنّ “الأولوية في نظر باريس هي الحاجة إلى رسالة موحدة توجّه من المجموعة الدولية إلى اللبنانيين، بأن هناك ضرورة لحكومة لبنانية ذات مصداقية، ما يتطلب وفق التفكير الفرنسي تجريد وزارات مثل الطاقة والاتصالات والصحة والمال من الطابع السياسي، كونها وزارات فيها أرباح مالية استُخدمت للفساد، وأن يكون فحوى الرسالة أيضاً أنه في حال تم تنفيذ مقررات “سيدر” في هذه الوزارات يمكن الحصول على الدعم المالي والاستثمارات، خصوصاً إذا أعطى اللبنانيون الضمانات بتنفيذ ذلك، فعندئذ بالإمكان تقديم مساعدات مقررة في “سيدر”، وممكن أكثر من “سيدر” إما بالعمل مع البنك المركزي بإعادة أموال اللبنانيين الأثرياء من الخارج أو بحثّ دول الخليج على المساعدة أو إشراك صندوق النقد الدولي”.
وكشف المسؤول الفرنسي لـ”نداء الوطن” أن “الرئيس ماكرون كان طلب من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أثناء أحد الاتصالات معه دعم لبنان”. وتابع: “المسؤولون في باريس يرون أن هناك حاجة لتشكيل حكومة بسرعة تنفّذ الالتزامات من “سيدر” التي لم تلتزم بها حكومة الرئيس سعد الحريري المستقيلة”، مشدّداً على أنّ كل هذه الجهود “تحتاج إلى توحيد الموقف من أجل رسالة دولية موحدة بينما حتى الآن ما زال الموقف الروسي غير معروف، وبحسب باريس ينبغي النظر في كيفية اقناع “حزب الله” بالدخول في مسألة الحل كي لا يعرقله”.
وفي هذا المجال، يوضح المسؤول الفرنسي أن “حزب الله ينبغي أن يقلق مما يحدث من فوضى وتأزم في إيران وفي العراق وسوريا والآن في لبنان. وبما أن حزب الله هو الطفل المدلّل للجمهورية الاسلامية الإيرانية، فالأخيرة بالتأكيد لا تحبذ فقدان قدرته الاستراتيجية في المنطقة”. ورغم أنّ “حزب الله يواجه حالياً تحركات في مناطقه حيث أن شيعة في النبطية وصور وغيرهما نزلوا إلى الشارع”، غير أنّ الملاحظ في باريس أن “حزب الله” يتجاهل ما يحدث في هذه المناطق ولا يبدو أنه قلق من ذلك، بل يتحدث عن مؤامرة من الخارج، فهل يلجأ لما فعله في 2008 أو يبعث بالأموال إلى مؤيديه أو يشارك في حل ويمتنع عن العرقلة؟