كتب رمال جوني في صحيفة “نداء الوطن”:
الى كفررمان وصل وفد من الجبل يرد التحية لأهلها بالمثل. ساروا معا، ومعا علت صرخاتهم على صوت النشيد في ساحة النبطية. كل فئات المجتمع نزلت الى الشارع رافعة شعار “لا للفقر ولا لسياسة التجويع”. في ساحة النبطية التقى المعلم مع الطالب والى جانبهما تظاهر الصناعي والطبيب والفنان. هكذا بدت تظاهرة العمال التي شهدتها مدينة النبطية للمطالبة بحق العامل المهدور في زواريب السياسة الضيقة.
بات الوضع الاقتصادي في مدينة النبطية ومنطقتها دون الصفر. أكثر من 90 بالمئة من المصالح مشلولة، ومعها توقفت الدورة الاقتصادية. كلها عوامل دفعت العمال للخروج ورفع الصوت لمطالب باتت اكثر من ضرورية لان الوضع “ع كف عفريت” ولن يسلم منه احد.
على وقع أناشيد الثورة انطلقت المسيرة من دوار كفررمان في اتجاه النبطية. تقدمها فوج الطلاب والمهندسين، كل منهم كان يرفع مطالبه، يبحث عن القطبة المخفية التي اوقعت الجميع في اتون الصراع على “البقاء”، فصوت الجوع وفق تعبير احدهم، غلب صوت السياسة “كل الحق عالسياسة” يصرخ احد العمال بأعلى صوته، وفي مقابله يرفع محمد الشامي لافتة ضد واشنطن وأزلامها، في تأكيد على رفض التدخل الأميركي في شؤون الحراك “مش يعني موجوع من الفقر اسمح للأميركي ان يسرق حلمي، أفضّل الجوع على أن نبيع وطننا ومقاومتنا”، في حين جاءت مي من الجبل برفقة عشرات الشبان لمناصرة العمال في مسيرتهم ” كفررمان تضامنت معنا، ونحن اليوم نرد لها السلام، لأننا وطن واحد، ديننا المحبة، وهدفنا بناء الوطن”.
وضمن فوج الفنانين شارك الفنان الكبير مارسيل خليفة ضمن التظاهرة، أعلن صراحة تأييده لحق الشعب في استعادة حقه، مؤكدا دعمه المطلق لثورة العمال من أجل إزاحة الظلم اللاحق بهم” قبل أن يصرخ بأعلى الصوت “شدو الهمة، الهمة قوية”، أعطى خليفة قيمة مضافة لتظاهرة باتت طقساً مقدساً يمارسه الاهالي نهار كل أحد في النبطية، قدم لها جرعة” دعم “لإكمال مسيرة الدفاع عن حقوق الفقراء”.في موازاة تظاهرة كفررمان كان حراك النبطية يغرد في سرب” الثقافة” وتعويم ثقافة “الفرز من المصدر وإعادة التدوير”، إذ إختار شباب الحراك الإطارات لتلوينها بلون العلم اللبناني، ضمن نشاط “ما تحرقو زين بيئتك فيه” ، لأنه وفق رائد “الاصلاح الذي ننشد يبدأ من تغيير نهج التفكير اولاً”.
النبطية التي عاشت الاستقلال على طريقتها “فن وصورة وشوية دبكة” كان لشعر شوقي بزيع وقعه على المدينة حين قال ” المقاومة هي تلك الأرض التي امتشقت عباءة الفلاح، فغدت مساحته للحرية، وكذلك الانتفاضة هي عباءة الفلاح للوصول الى حياة كريمة”. في حين سجل المعتصمون رفضهم التام والقاطع للتدخل الأميركي في شؤون لبنان وهذا ما أعلنه رائد مقلد إذ قال ” ابني شهيد قنبلة حقد صهيوني، ابني ضحية للعدو وما رح نقبل أي عدو جديد لوطننا. مطلبنا معيشي وداخلي ومش رح نقبل اي تدخل من برا”.
مارسيل خليفة في مسيرة النبطية
في موازاة الاستقلال اطلق حراك النبطية مشروع “ما تولّعها دلّعها” حيث عمد الشباب الى تزيين الإطارات تمهيداً لتحويلها مقاعد وطاولات ومستوعبات للفرز. الهدف وفق سلام بدر الدين “نطلق ثورة لحماية البيئة من التلوث وليكون عملنا رسالة لحماية البيئة من النبطية الى كل الساحات”.
ووفق أجندة توعوية هادفة، تستمر التظاهرة شبه الأسبوعية امام مصرف لبنان رفضاً لسياسته المالية، بينما تواصل المصارف في مدينة النبطية تضييق الخناق على عملائها، وتعمد الى” الحجر” على أموال المودعين بحجج وذرائع واهية. مشاكل يومية تحصل بين موظفي المصارف والمودعين ” أملك اكثر من 30 الف دولار في حسابي، ممنوع اسحب اكثر من 10 بالمئة بالشهر هذا شو بسموه مش سرقة مالنا”. يقول أحدهم.
على أن كل ما تقدم في كفة وصرخة أصحاب “الدكاكين” في كفة مقابلة بعد أن بدأت رفوف محالهم تفرغ من السلع جراء امتناع الشركات عن تسليمهم البضائع تارة بحجة “ما في بضائع” وطوراً “بدن فرق الدولار”، ناهيك عن ارتفاع أسعار الدجاج 2500 ليرة للكيلو، و4000 ليرة زيادة على كيلو اللحم، حتى صدقت صرخة المزارع ابو علي “خلص البلد راح وصار وقت اعلان العزاء”.