كتب مايز عبيد في صحيفة “نداء الوطن”:
خلّاقة هي ثورة الطرابلسيين، لأنها خارجة من رحم معاناة طويلة لعشرات السنوات، أمعنت خلالها الدولة بتهميش هذه المدينة، التي تفجّر غضبها احتجاجاً على السياسة الحاكمة. ثورة تبدع كل يوم في أساليب تثبت أن المدينة هي بالفعل عروس الثورة ونجمتها المتلألئة.
وضمن سلسلة ابتكارات الثورة في مدينة طرابلس”المنصّة الجوّالة”، التي ابتكرت فكرتها مجموعة “طرابلس تنتفض” التي ضمت عدداً من الشباب والشابات من أبناء المدينة، وتعاون معها آخرون من أبناء المدينة الثائرين على واقعها الصعب، والتوّاقين إلى التغيير على كل المستويات.
إنطلقت المنصّة في العشرين من الجاري وهي عبارة عن رافعة سيارات (سطحة) وضعت عليها مقاعد خشبية وشعارات الثورة والعلَم اللبناني. زُينت وجهّزت لتكون مسرحاً جوالاً بتكاليف رمزية جمعها الشباب منهم ومن الأصدقاء والغاية الأساس أن تجول هذه المنصّة المتحركة في الأحياء الشعبية لمدينة طرابلس والمناطق المجاورة مثل القلمون والبداوي، والوصول إلى أكبر شريحة من الناس خصوصاً أن هناك أناساً لا يستطيعون الحضور إلى ساحة النور أو ساحات الإعتصام الأخرى، كما في عكار أو الضنية أو المنية، لأسباب مادية، فها هي المنصة المتحركة ستصل إليهم، فدواليب الثورة تتحرك والعجلة مستمرة لتكون الثورة في كل مكان.
يتحدث يحيى الحسن أحد المنظمين عن الفكرة فيقول لـ”نداء الوطن”: نحن لسنا بديلاً عن ساحة النور فتلك الساحة مركزية ونحن جزء منها. انما ثمة أشخاص كثر من مناطق مختلفة لأسباب كثيرة، خصوصاً المادية، لا يستطيعون الحضور إلى ساحة النور فكانت هذه المنصة، التي ستأتي إليهم في كل المناطق في طرابلس والجوار ليتمكّن الجميع من المشاركة بفعاليات الثورة ومن أجل الحشد والتحفيز في كل الساحات”.
أضاف: “المنصّة جالت في العديد من الشوارع والأحياء الطرابلسية كما جالت في شارع سوريا في التبانة وتوقفت يوم عيد الإستقلال بالقرب من دوار النيني وسط حشد من المواطنين. ورفعت الموسيقى الوطنية وكان الإقبال لافتاً، كذلك وصلت إلى القلمون وأقيم هناك احتفال ثوري حاشد بمشاركة واسعة. ثمة الكثير من الطلبات التي ترد إلينا من عدة مناطق تطالبنا بالحضور مع المنصّة من أجل إحياء عدد من الإحتفالات الثورية في هذه المناطق. الهدف من هذه المنصّة ألا تبقى منطقة مغيّبة عن الثورة وأحداثها وأن تبقى طرابلس عروس الثورة تتألق في كل مكان فيها وبأهلها وأفكارهم الخلاقة. هذه المنصّة تريد تحريك عجلة الثورة والوصول إلى كافة الشرائح ومن لا يستطيع المجيء سنأتي نحن إليه المهم أن تبقى الثورة مشتعلة لا تخمد نيرانها”. وختم “منصتنا جاهزة ومفتوحة للجميع ولكل من لديه أفكار أو أهداف يريد إيصالها من خلالها”.
من الشعارات المرفوعة على المنصّة المتحركة وتحملها معها إلى كل مكان تذهب إليه “هالثورة هي ضمانتك… طرابلس تنتفض للبنان… ثقة بالعملة الوطنية…”، وشعارات أخرى ولدت من رحم ثورة الشعب اللبناني ضد السلطة والنظام الحاكم الفاسد في البلد.
إلى ذلك وبعد اعتصامات لصيادي الأسماك في الميناء الذين عبّروا فيها عن أوضاعهم الصعبة، وتحت عنوان “ما خلونا نفوت بالبر رح نفوت بالبحر” إنطلق عدد من الناشطين الثوريين والناشطات في طرابلس فابتكروا ثورة بحرية برحلة جالت بحراً من الميناء في طرابلس حتى شكا في الكورة. المراكب التي حملت الأعلام اللبنانية وهتف من في داخلها للثورة، كان الهدف من رحلتها “تبيان واقع المنتجعات البحرية القائمة على الأملاك العامة البحرية”. ثوار المراكب توقفوا أمام شركات الترابة في شكا حيث بدت واضحة التعديات البيئية على المناطق الجبلية التي تعرت بالكامل من الأشجار. وكانت المراكب قد مرت قرب جزيرة عبد الوهاب التي استملكتها البلدية وأصبح الدخول إليها مقابل بدل مالي وأقيمت هناك حلقات ترويقة ضمن ما سمي بنشاط “خبز وملح”. هذه الحملة التي انطلقت على مستوى كل لبنان للتأكيد على أن جميع اللبنانيين يجمعهم “الخبز والملح”، وكانت لطرابلس مشاركة واسعة فيها بأحيائها ومناطقها المختلفة.