في وقت كانت منطقة الرينغ وكل الاحياء الداخلية المحيطة بها من مونو الى الصيفي فالجميزة، تتعرض ليل الاحد لعملية تكسير وتدمير ممنهجة، طالت الممتلكات الخاصة قبل العامة، على يد مناصرين لحزب الله وحركة أمل، قاموا بغزو الشوارع على دراجاتهم النارية، حاملين العصي والحجارة، حيث عمدوا الى تحطيم زجاج السيارات وواجهات المحال والمطاعم، ناهبين ما وجدوا امامهم من مقتنيات ثمينة، في استعراض واضح لعضلاتهم هدفُه سياسيّ – تهويلي بحت، مرددين “الشعب يريد 7 أيار جديد”، في هذا الوقت، كانت سيارة تقل حسين شلهوب وابنته وشقيقة زوجته سناء الجندي، تتعرض لحادث سير مروع أدى الى مصرع حسين وسناء على طريق الجيّة الأوتوستراد الساحلي بين صيدا وبيروت.
أسباب الحادث، وفق اليازا، “سرعة السيارة الزائدة التي ارتطمت بالحاجز الحديدي اولا ومن ثم بعمود انارة وما لبثت ان بدأت بالاشتعال”. وبحسب المعطيات والفيديوهات المتوافرة، فإن الجيش اللبناني هو من عمد الى وضع الحاجز في هذه النقطة، لتحويل السير من الاوتوستراد الى طريق آخر، بعد ان قطعه الثوار تلك الليلة…
المأساة التي حلّت بالعائلة كبيرة بلا شك، وفق ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية”، الا ان الأكبر والاخطر على حد تعبيرها، هو محاولة استثمار حادث سير نتيجة السرعة سياسيا واستغلاله من قِبل قوى معينة وتحديدا الثنائي الشيعي، للتصويب على “ثورة 17 تشرين”، وعلى “قطّاع الطرق” المسؤولين عن الحادثة في نظرهما، في موقف مثير للدهشة والاستغراب! اللعبة التي بدأها أمس الثنائي الشيعي- الذي سارع الى اصدار بيانات تشجب بشدة “الجريمة المروعة التي نجمت عن اعتداءات ميليشياوية تقوم بها مجموعات من قطّاع الطرق والتي تهدد السلم الأهلي والاستقرار الاجتماعي” وفق كتلة “الوفاء للمقاومة”، في حين دعا الرئيس نبيه بري “القوى الأمنية والجيش الى إبقاء اوصال الوطن سالكة امام اللبنانيين درءاً للفتنة”- هذه اللعبة خطيرة جدا، بحسب المصادر، اذ من شأنها تأليب شارع على آخر، و”حقن” نفوس مؤيديهما وشد عصبهم، وقد بدأت نتائجها بالظهور على الارض سريعا، أمس، باقتحام مناصري الحزبين شوارع العاصمة كلّها، من قصقص الى الكولا وصولا الى بدارو وساحة الشهداء فعين الرمانة، مرددين شعارات مذهبية حزبية “فتنوية”، بالتزامن مع “إغارات” نفذوها ضد خيم الثوار في صور حيث حطموها وأضرموا فيها النيران.
فهل نشرُ الفوضى وهز الامن والاستقرار، هو ما يريده الحزب والحركة اليوم؟ السؤال مشروع، وفق المصادر. فمن كل ما تقدّم، يمكن الاستنتاج أن “الثنائي” بات يعتبر ان الوسيلة الفضلى الآن لاحباط الحراك الشعبي وتطويقه، وللضغط على الرئيس سعد الحريري و”إخضاعه”، هي تعكير السلم الاهلي وخضّه. فإن لم تكن هذه هي الحال، ما كانت عين التينة والضاحية لتصبّا الزيت على نار “حادث سير أليم”، تبين بالأدلة ان لا علاقة للثوار به، وكانت لتطلبا من محازبيهما وقف حركاتهما “الاستفزازية” على الارض. الا انهما لم تفعلا!
وما يزيد الطين بلّة، تضيف المصادر، ان حركة امل وحزب الله- اللذين رأيا “الفتنة” في مأساة “القضاء والقدر” في الجية- لم تصدر عنهما أي إدانة واضحة لما جرى في الرينغ فجر الاثنين، والذي تجلّت في فصوله، “الفتنة” بعينها، في أوضح صُورها وأبشعها. فهل يمكن تخيل السيناريو الدامي الذي كان ليتحقق تلك الليلة لو لم تفصل القوى الامنية بين الثوار والمحازبين ولو قرر اهالي الأحياء الآمنة الدفاع بأنفسهم عن ممتلكاتهم وكراماتهم؟!
وفي انتظار تسليم الثنائي عنصرا ولو واحدا ممن شاركوا في هذه “الغزوة” الى الدولة، تقول المصادر “الفتنة حتى اللحظة، نائمة، ولعن الله من يحاول إيقاظها”!