IMLebanon

“الخارجية”… مناقصة وتلزيم خلال تصريف الأعمال!

يشاهد اللبنانيون يوميّاً على شاشات التلفزة اعلاناً عن مناقصة تجريها وزارة الخارجية والمغتربين لتوفير خدمات الكترونية للمغتربين اللبنانيين والبعثات اللبنانية الخارجية حول العالم لمساعدتهم في اتمام معاملاتهم الأساسية الكترونيّاً، ما يوفّر من وقتهم ويسهّل عمل القنصليات والسفارات اللبنانية حول العالم. وقد أشار الاعلان الى توافر دفتر شروط المناقصة في مديرية الشؤون الاداريّة والمالية في وزارة الخارجية والمغتربين خلال أوقات الدوام الرسمي، حيث تنتهي مهلة تقديم العروض نهار الخميس في 28 تشرين الثاني 2019 وتفضّ العروض بعد نهارٍ واحد أي في 29 تشرين الثاني.

ويتساءل خبراء قانونيون عن توقيت المناقصة وعملية التلزيم في فترة تصرّف فيها الحكومة أعمالها. ورغم أهمية المشروع في تسهيل حياة المغتربين اللبنانيين والبعثات الخارجيّة حول العالم، الّا أنّ المناقصة لا تعتبر ملحّة في فترة تصريف الأعمال، خصوصاً أنّ عدم اتمامها في الوقت الحالي لن يعيق عمل المرفق العام، وفي حال اتمامها، قد يرتّب المشروع أعباءً ماليّة على وزير الخارجيّة المقبل. وما يطرح علامات استفهام أيضاً، يتجلّى بعدم احالة عمليّة التلزيم على دائرة المناقصات، الجهة المعنيّة مباشرةً بهذا الأمر.

وفي التدقيق أكثر حول المشروع وتاريخه، يتبيّن بأن وزارة الدولة لشؤون التنمية الادارية قد اعدّت ونفّذت في العام 2013 مشروعاً مماثلاً مع وزارة الخارجية لتسهيل حياة المغترب اللبناني من خلال توفير خدمات الكترونية كتسجيل الولادات، حالات الطلاق، حالات الوفاة، الزواج، اضافة إلى خدماتٍ اضافيّة. وقامت وزارة التنمية الاداريّة من خلال مشروع Dawlati المموّل بقرض من الصندوق العربي بتنفيذ المطلوب بالتعاون مع وزير الخارجيّة السابق عدنان منصور. وبعد تسلّم جبران باسيل مهامه كوزيرٍ للخارجيّة، وعلى رغم الاجتماعات التي قام بها فريقا عمل الوزارتين بحضور مستشار وزير الخارجيّة السفير ايلي الترك وقناصل لبنانيّين، ماطلت وزارة الخارجيّة في الموافقة النهائية على المشروع رغم الاتفاق مع منصور على الاتاحة للمغتربين اتمام المعاملات الكترونياً على موقع Dawlati من دون انتظار الحقائب الديبلوماسية.

وعرضت وزارة التنمية الادارية المشروع مجدداً في فندق “لو رويال” خلال مؤتمر نظّمته وزارة الخارجية والمغتربين بحضور السلك الديبلوماسي اللبناني. ونال المشروع اعجاب القناصل والسفراء، لكن تم رفضه لاحقاً من وزير الخارجية من دون عرض أي سبب. لذا، من الضروري طرح بعض الأسئلة لوزير الخارجيّة في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل للاجابة عليها بوضوح: لماذا رفض مشروع الخدمات الالكترونية العام 2013 حين قامت وزارة التنمية الادارية بتنفيذه، في حين تقوم وزارة الخارجيّة بتنفيذ المشروع نفسه في العام 2019؟ ألا يعتبر هذا الأمر هدراً للمال العام خصوصاً بعد صرف مبلغ من قرض الصندوق العربي لاتمام المشروع بموافقة الوزراء السابقين عدنان منصور في الخارجية ومحمد فنيش ونبيل دو فريج في التنمية الادارية؟ ألم يكن الأجدر أن توافق على مشروع العام 2013، ما كان سيوفّر على المغتربين اللبنانيين عذابات اتمام معاملاتهم طيلة ستّ سنوات على الأقلّ؟ لماذا تقوم بعملية تلزيم المشروع مجدّداً في العام 2019 في ظل حكومة تصريف أعمال من دون استشارة وزارة التنمية الادارية (الجهة المعنية في مكننة الادارات العامّة والتحوّل الرقمي) ومن دون مشاركة هيئة ادارة المناقصات؟