IMLebanon

عكّار تصرخ أزمات معيشية: الآتي أصعب

كتب مايز عبيد في صحيفة “نداء الوطن”:

بعد “إثنين” شهدت فيه عكّار شللًا تاماً على كل المستويات وسط قطع للطرقات وإقفال المؤسسات الرسمية والخاصة والمدارس والجامعات والمعاهد والمصارف تجاوباً مع الثورة، عادت الحياة إلى المحافظة تدريجياً يوم أمس الثلثاء فيما فرض المحتجون إقفالاً على بعض المراكز الرسمية مثل مكتب أوجيرو في حلبا.وارتفعت أصوات المواطنين، في محافظة تتجاوز الـ 600 ألف نسمة، من الغلاء الذي تشهده المحلات التجارية، والإرتفاع المستمر في أسعار الخضار والفواكه من دون أي رقيب أو حسيب. وفي حين أقفل سعر صرف الدولار على 2300 ليرة في محلات الصرافة العاملة في عكّار، فإن انتقادات واسعة سطّرها العكاريون لمحلات الصرافة متهمين إياها بـ”التلاعب بسعر الصرف على هواها من دون أي التزام بمعايير أو إعارة الأوضاع الصعبة للناس أي اهتمام، بل اتبعوا الاحتكار والقفز فوق عذابات الناس”.

عشرات المؤسسات الإقتصادية أقفلت أو على شفير الإقفال. موظفون في مؤسسات فُرض عليهم الشهر الماضي قبض نصف راتب فيما الحديث يجري عن صرف أعداد منهم مطلع الشهر المقبل. هذا ما تبلّغته “نداء الوطن” من العديد من الموظفين والعاملين في مؤسسات في طرابلس أو في بيروت. أما قطاع المطاعم، المأزوم أصلاً فإن الكثير من مطاعم عكار تتأهب للإقفال العام، وسط غياب أي شكل من أشكال الحلول الإقتصادية في الأفق. فالمواطنون هنا فضّلوا العيش كما قال أحدهم: “منعيش كل يوم بيومه، معنا شي منفضّل ناكل في على أي شيء آخر”.

وتمتنع المصارف عن تسليم الدولار للمودعين. التسليم عبارة عن مبالغ أسبوعية. مليون ليرة لبنانية للمودع في الأسبوع الواحد، حيث تهافت من لديهم أموال ما زالت في المصارف على سحبها قدر المستطاع. وأشار أحد مدراء فروع المصارف في عكار لـ”نداء الوطن” إلى أن “المواطنين وبسبب الهلع هرعوا إلى سحب الكثير من ودائعهم ووضعوها في المنازل وهذا خطأ، كما أن الكثير من المواطنين حالياً لا يدخرون في البنوك وهذا غير مبرر لأن الناس بحاجة إلى طمأنة وليس إلى تخويف مفتعل”.

ويرى الخبير في الشأن المالي والإقتصادي ومدير فرع جامعة AUT في عكّار، الدكتور يوشع خضر أن “هناك تراجعاً في القيمة الشرائية لليرة اللبنانية بأكثر من 25% ويعاني المواطن اللبناني بشكل عام والعكاري بشكل خاص من أزمة كبيرة في تأمين حاجاته اليومية ناهيك عن فاتورة الإستشفاء والدواء”.

ويقول لـ”نداء الوطن”: “غلاء الدولار أحدث حالة من الضياع لدى الناس أما المؤسسات فحدّث ولا حرج. هناك عدم قدرة على دفع الرواتب وهناك أشخاص خسروا وظائفهم وأشغالهم خصوصاً في المطاعم والقطاع السياحي. ومن الواضح أننا نتجه نحو أزمة اجتماعية كبرى نتيجة الأزمة الإقتصادية، من دون وجود أي سياسة واضحة لدى الدولة اللبنانية تستطيع إنقاذ البلد. وإذا ما وصلنا إلى عدم قدرة الدولة على دفع الرواتب وهناك الكثير من المتقاعدين في الأسلاك العسكرية يعيشون من خلال رواتبهم، وليس لدى الناس مدّخرات مالية مهمة تقيهم شر الأزمة، فهذا سيؤدي إلى أزمة خطيرة جداً وازدياد البطالة ومأساة اجتماعية لا يعرف لها أي أفق”.

وخلال ندوة له في خيمة الإعتصام في ساحة العبدة – عكّار حول سبل الخروج من الأزمة، شدد خضر على أن “الأزمات الإقتصادية تحتاج عادة إلى خطة عمل حكومية وسياسات وإجراءات واضحة لمواجهتها والحد منها”. وتابع: “للأسف رغم كل الضائقة الإقتصادية وغياب الحماية للعائلات الفقيرة والمحدودة الدخل، ليس ثمة سياسة لدى الدولة للمعالجة بل المزيد من التخبط والتجاذب السياسي والإنقسام العمودي وكأن الدولة لا تعيش أي أزمة في الأصل”.

وأوضاع المستشفيات في عكّار ليست بأفضل حال، خصوصاً أن هناك ابتزازاً “إن صحّ القول”، من الشركات التي تؤمن المواد الطبية لها، وسط نقص في المخزون الطبي. ويشير رئيس مجلس إدارة مستشفى خلف الحبتور في عكّار الدكتور ربيع الصمد لـ”نداء الوطن” إلى أن “الوضع يسير من سيئ إلى أسوأ. شركات تأمين المواد الطبية لا تقبل منا إلا بالدولار وهو غير مؤمن ولا يسلمون أية مستلزمات إلا عند الدفع. الكلام الذي صدر عن وزارة الصحة بأنها دفعت مستحقات المستشفيات غير دقيق. دفعوا لبعض المستشفيات ربما، أما نحن فلم نقبض أي تحويلات. هذا الأمر يزيد الوضع تعقيداً. ووسط هذه المعمعة كلها، نحاول تأمين استمرارية المستشفى خدمة للمرضى. لكن إلى متى سنبقى قادرين على تلبية احتياجات المرضى؟ لا ندري، نتمنى حلاً وإلا فالآتي أصعب”.