كتبت فاتن الحاج في صحيفة “الاخبار”:
في 23 آب الماضي، تعهّد وزير المال علي حسن خليل، أمام موظفين في الدوائر العقارية والمالية في صيدا، بتحويل 100 مليار ليرة إى تعاونية موظفي الدولة قبل نهاية أيلول الماضي. إلاّ أنّ الوعد لم يتحقق، ولا يزال للتعاونية في ذمّة الوزارة 10 مليارات ليرة من مساهمة الدولة عن عام 2018، وكامل مساهمة عام 2019 (316 ملياراً و17 مليون ليرة).
مجدّداً، دقّ المدير العام للتعاونية يحيى خميس ناقوس الخطر، مشيراً إلى أنّ التقديمات الصحية والاجتماعية لنحو 350 ألف منتسب ومستفيد هي «ضروريات ملحّة لا تتأجل، وتوقيفها هو بمثابة توقيف الراتب». ولفت إلى أن الأزمة المالية للتعاونية دخلت مرحلة الخطر الكبير التي سيصعب معها تأمين الحد الأدنى لتسيير المرفق العام، بما في ذلك دفع رواتب الموظفين.
«شيكات بلا رصيد»، هكذا وصف خميس عدم توفير السيولة لدفع نحو 200 مليار ليرة، هي قيمة المعاملات الإدارية المنجَزة والجاهزة للدفع للمستشفيات والمنتسبين والمستفيدين، فيما الاعتمادات مرصودة في موازنة عام 2019. إلى ذلك، لم يقبض قسم كبير من المنتسبين المنح التعليمية لهذا العام، فيما المساعدات المرضية متوقّفة تماماً. إلا أن خميس نفى أن يكون قد تبلّغ رفض أي مستشفى لأية حالة مرضية عادية، باستثناء الامتناع عن استقبال مرضى السرطان وذوي الأمراض المستعصية الجدد فقط، لأن «تاريخ التعاونية في الانتظام بالدفع طيلة السنوات الماضية يجعل المستشفيات تتعاون معنا، خصوصاً أن حجم متأخراتنا ليس كبيراً بالمقارنة مع جهات ضامنة أخرى، وإن كنا لا نلوم المستشفيات بعدما باتت في الآونة الأخيرة تصرف موظفين وبالكاد تؤمّن الأدوية والمستلزمات الطبية».
وعن شكاوى منتسبين من عدم تضمين فاتورة الاستشفاء بعض الأدوية والصور الشعاعية كما كان يحصل في الماضي، أوضح أن «هذا الأمر ليس مستجدّاً، لكون المريض يدفع في العادة فروقات هذه المستلزمات».
وفيما يُبدي منتسبون قلقهم من أن تكون أموال تعاونية الموظفين صُرفت في مكان آخر، ويسألون عن سبب عدم ذهاب المبالغ المقتطعة من رواتبهم إلى حساب التعاونية مباشرة، ثمّة من يخشى من أنّ عدم دفع وزارة المال لأموال التعاونية، وتأخير سداد آلاف المعاملات والمنح التعليمية، والتهديد بعدم استقبال المرضى، تترافق عملياً مع الوجهة التشريعية لتقليص التقديمات الاجتماعية التي انتزعها الأساتذة والموظفون على مدار عشرات السنوات، ويدفعون نسبة مهمة من رواتبهم لقاءها، وهو ما ظهر جلياً في قانون سلسلة الرتب والرواتب، ومقرّرات مؤتمر سيدر وموازنة 2019.
النقابي يوسف كلوت تحدث عن تقليص عملي للتقديمات الاجتماعية لا سيما في ما يتعلق بالنسب المتوجّب دفعها للمساعدات المَرضية. إذ لا تتجاوز النسب التي تُدفع للموظف وأولاده وزوجته الـ 50 أو 60% ولذوي العهدة (الأهل …) الـ 30%، في حين أنّ المتوجّب دفعه للموظف وأولاده وزوجته 80%، ولذوي العهدة 50%، إضافة إلى أنّ هناك أدوية كثيرة لا تُدفع بحجة أنها غير مسجّلة، وهناك تعقيدات للحصول على موافقة لما يُسمَّى بالـ «البروتيز»، ولا يجري الاعتراف إلا بمعاينة طبيبين داخل المستشفى، وما يزيد يكون على حساب الموظف، وهناك صور شعاعية يجب أن تكون ضمن فاتورة الاستشفاء يُطلب أخذ الموافقة المسبقة عليها وتقديمها كمساعدة مرضية لاحقاً، أي لا يُدفع منها إلا اليسير.
بحسب كلوت، «ما يحصل عملياً هو خفض سقف التقديمات الاجتماعية، أي خفض القدرة الشرائية للراتب، وبالتالي خفض الرواتب فعلياً، مُضافاً إليه اليوم ارتفاع سعر الدولار أي ضريبة التضخّم، وهو ما أدى حتى الآن إلى إلغاء مفاعيل السلسلة المجحفة أصلاً في حق الأساتذة الثانويين. وأبدى خشيته من أن تقود هذه الوجهة التشريعية والعملية ليس فقط إلى تقليص التقديمات إلى سقف الضمان الاجتماعي، بل قذف جموع الأساتذة والموظفين في قبضة شركات التأمين الخاصة التي لا يمكن لأحد أن يضمن عدم إفلاسها، وبالتالي انتظار الأساتذة والموظفين على رصيف المستشفيات.
وتحت عنوان «صحتنا خط أحمر»، دعا التيار النقابي المستقلّ موظفي جميع الإدارات العامة والموظفين الإداريين والأساتذة والمعلمين والمتقاعدين وموظفي الجامعة اللبنانية، إلى الاحتجاج على استهتار وزارة المال بصحة المنتسبين إلى التعاونية وتمنعها عن تحويل الأموال المعتمدة لها. وتنفذ الوقفات الاحتجاجية، الثالثة من بعد ظهر الجمعة المقبل، أمام وزارة المال – بشارة الخوري لمنتسبي بيروت والضاحية وجبل لبنان، وأمام فروع التعاونية لمنتسبي صيدا وصور والنبطية وطرابلس وحلبا وبعلبك وزحلة.