كتب ألان سركيس في صحيفة “نداء الوطن”:
على وقع الإحتجاجات في بيروت وبقية المناطق، يبقى الخوف من أن تنجرّ البلاد إلى فتنة يريدها من يطمح إلى ضرب الثورة، خصوصاً أن لا تسوية سياسية شاملة تلوح في الأفق بعد إعلان رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري عزوفه عن العودة مجدداً إلى السراي.
منذ اليوم الأول لإندلاع الثورة، يُصرّ الثوّار على شعار “سلميّة سلميّة” وذلك تعبيراً عن الطابع الذي يأخذه الحراك وتمسّكاً بأن لا تتّجه الأوضاع نحو العنف، ما يدمّر الأحلام لأن الثورة تهدف إلى الإصلاح ومحاسبة الفاسدين وليس إلى حرب أهلية. وبعد إعلان الرئيس سعد الحريري عدم رغبته في العودة إلى السراي الحكومي، تدارك الأمين العام لتيار “المستقبل” أحمد الحريري الوضع واستبَق ردّات الفعل الشعبية من قبل جمهوره وغرّد قائلاً: “بناء لتوجيهات الرئيس سعد الحريري نهيب بالجميع التزام حدود القانون ومقتضيات السلم الاهلي وتجنّب أي ردات فعل في الشارع أو سواه”.
وفي هذه الأثناء تكثّفت التحضيرات في القصر الجمهوري في بعبدا ليوم الإستشارات الطويل على وقع التظاهرات الشعبية في محيطه، وعلمت “نداء الوطن” أن الإستشارات قد تُحدّد يوم الجمعة بدل الخميس، لأن الإتصالات مع الكتل والنواب أظهرت أن عدداً من النواب هم خارج البلاد، ويُنتظر عودتهم للمباشرة في الإستشارات، وفي هذه الأثناء ستتكثّف الإتصالات من أجل تذليل العقد المتبقية”.
من جهتها، تؤكد مصادر قريبة من بعبدا لـ”نداء الوطن” أن “إسم الرئيس المكلّف تحسمه الإستشارات النيابية الملزمة، وليس رئيس الجمهورية، وبالتالي على النواب القيام بواجباتهم وعدم مقاطعة الإستشارات”.
وتُبدي المصادر عدم تخوّفها ممّا يُشاع عن أن الحريري قد يُحرّك شارعه “لأن الإتصالات بقيت مستمرة معه لآخر لحظة وهو فضّل عدم العودة إلى السراي، كما أن الحريري طلب من الناس عدم التحرّك في الشارع، وبالتالي على الجميع الإبتعاد عن هذه اللعبة الخطيرة لأن قطع الطرق سيجرّ إلى مشاكل”.
وفي السياق، لم تكن احداث مساء الأحد على جسر الرينغ عفوية، حيث قاد الثنائي الشيعي هجوماً على المتظاهرين السلميين، في وقت كاد أن يشكّل يوم الإثنين بداية فتنة سنية – شيعية، وخصوصاً في العاصمة بيروت.
ويُطرح سؤال عن قدرة تيار “المستقبل” على ضبط شارعه بعد موقف الحريري الأخير، علماً أن هناك نقاط تماس عدّة مع الثنائي الشيعي في بيروت والجنوب والبقاع، وقد شكّلت حادثة قصقص ليل الإثنين بداية الإحتكاك بين الطرفين.
ويعمل تيار “المستقبل” على تجنّب أي صدام على الأرض وخصوصاً مع “حزب الله” وحركة “أمل”، وهو يعطي الوقت للحلّ السياسي، أما بالنسبة إلى الشارع فيؤكّد “أننا لم ولن نريد إستعمال الشارع، ولعبة الشارع خطيرة في هذا الوقت، ولو كان الرئيس الحريري يرغب في العودة إلى السراي لعاد، لكن عودته كانت مشروطة بتلبية مطالب الشارع المنتفض وليس خدمةً لأهداف قوى سياسيّة”.
ومن جهة أخرى، يرى “المستقبل” أن “كل التحركات التي تحصل في الشارع هي تحركات مطلبية ولا دخل للتيار بها كما يتهمه البعض، وإذا كان حزب الله يريد إستفزاز الشارع من أجل ضرب الإنتفاضة، فيجب أن لا ينجرّ أحد إلى لعبته، وبالتالي فإن وضع شارع في مقابل شارع هو لعب بالنار ولن يوصل إلى أي نتيجة، وعلى القوى الأمنية والجيش حماية المتظاهرين وعدم السماح لأحد بجرّ البلاد إلى حرب أهلية”.
لا تنكر كوادر “المستقبل” أنهم ليسوا حزباً منظّماً أو قادراً على ضبط جمهوره بنسبة مئة في المئة، لكنه يفعل كل ما بوسعه من أجل إبقاء الوضع تحت السيطرة، ويرون أن “المطلوب من الفريق الآخر الذي يؤكّد حرصه على الأمن والإستقرار أن يوقف إستفزازاته وعراضاته على الأرض، وقد سمعنا جيداً الشعارات والإستفزازات يوم الإثنين وأمس عندما كانوا ينادون (الشعب يريد 7 أيار جديداً)، والجميع يعلم ماذا فعل حزب الله في 7 أيار بأهالي بيروت والجبل، وكيف استعمل سلاحه في الداخل وحاول فرض إيقاعه على الحياة السياسية بقوّة سلاحه”.