تتحضر دوائر القصر الجمهوري لتحديد موعد الاستشارات النيابية الملزمة التي سيجريها رئيس الجمهورية ميشال عون لتسمية شخصية لتشكيل الحكومة، وجرت اتصالات مع عدد من النواب الموجودين خارج لبنان لتأمين حضورهم للمشاركة في الاستشارات، بينما استمرت الاتصالات بين المعنيين من اجل التوافق على اسم من الاسماء التي اقترحها الرئيس سعد الحريري بعد اعلان اعتذاره عن قبول التكليف.
وعلم ان من بين الاسماء المطروحة الوزيرة ريا الحسن، ورئيس مجلس ادارة شركة الخطيب وعلمي سمير الخطيب. بعد اعتذار الوزير السابق بهيج طبارة، فيما استبعدت مصادر متابعة للاتصالات اسم الوزيرة السابقة ليلى الصلح والنائب سمير الجسر.
ورجحت المصادر تحديد موعد الاستشارات قبل نهاية الاسبوع، وعلى ابعد تقدير يوم السبت اذا حصل التوافق مع الحريري على اسم الشخصية التي يرسي عليها التكليف. واذا لم يحصل التوافق ستجري الاستشارات وفق الآلية الدستورية العادية وستحدد الكتل النيابية اسم الشخصية الاوفر حظا عبر اجتماعات واتصالات بدأت من ليل امس.
وعلمت “اللواء” ان الصيغة التي سبق واقترحت، قبل أيام، وكشفت “اللواء” النقاب عنها في حينها، وتقضي بـ:
1- تمسك حزب الله والثنائي الشيعي برئاسة الرئيس سعد الحريري لأية حكومة جديدة.
2- الحكومة التي جرى التفاوض عليها، تتألف من 24 وزيراً.
3- 20 من هؤلاء من الاخصائيين، كما يطالب الرئيس الحريري.
4- الـ4 الباقون يمثلون القوى السياسية، ولكن من الصف الثاني، ولا يرتبطون مباشرة بمهام في الجهات الحزبية التي توفّر الغطاء لهم.
5- المعلومات تتحدث عن لقاء خلال 48 ساعة بين الرئيس الحريري ووزير المال في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين خليل.
وكان الرئيس الحريري، وحسماً للجدل، أعلن في بيان صادر عن مكتبه الإعلامي، “انني متمسك بقاعدة ليس أنا، بل أحد آخر”.
وقال: “كلي أمل، وثقة، أنه بعد اعلان قراري هذا، الصريح والقاطع، أن فخامة رئيس الجمهورية، المؤتمن على الدستور وعلى مصير البلاد وأمان أهلها، سيبادر فورا إلى الدعوة للاستشارات النيابية الملزمة، لتكليف رئيس جديد بتشكيل حكومة جديدة، متمنيا لمن سيتم اختياره التوفيق الكامل في مهمته”.
ولم يخل بيان الرئيس الحريري من كشف حساب مع شريكه في التسوية الرئاسية، قبل ثلاث سنوات.
وأكد: عندما أعلن عن استقالة الحكومة تجاوبا مع الناس ولفتح المجال للحلول، أجد من يصر أني استقلت لأسباب مجهولة.
وعندما يصر الناس على محاسبة من في السلطة اليوم، وأنا منهم، وتغيير التركيبة الحكومية، وأنا على رأسها، أو بالحد الأدنى تحسين أدائها ومراقبته، يجدون من لا يريد إلا التصويب على من كانوا في السلطة قبل ثلاثين عاما.
وعندما أعلن للملأ، في السر وفي العلن، أنني لا أرى حلا للخروج من الأزمة الإقتصادية الحادة إلا بحكومة اخصائيين، وأرشح من أراه مناسبا لتشكيلها، ثم أتبنى الترشيح تلو الآخر لمن من شأنه تشكيل حكومة تكنو-سياسية، أواجه بأنني أتصرف على قاعدة “أنا أو لا أحد” ثم على قاعدة “أنا ولا أحد”. علما ان كل اللبنانيين يعرفون من صاحب هذا الشعار قولا وممارسة.
وأسوأ الإنكار هو ان من يعرفون كل هذه الوقائع ما زالوا يتحججون تجاه الرأي العام بأنهم ينتظرون قرارا من “سعد الحريري المتردد” لتحميلي، زورا وبهتانا، مسؤولية تأخير تشكيل الحكومة الجديدة.
ونفى مكتب الحريري ان تكون الأسماء المرشحة لرئاسة الحكومة من اقتراحاته، وأكد أنه “مع احترامه لجميع الأسماء المطروحة، أن خيار الرئيس الحريري سيتحدد مع الدعوة للاستشارات النيابية الملزمة ويعلن في بيان صادر عنه، وما عدا ذلك لا يتعدى محاولات سئمها اللبنانيون لإحراق أسماء أو الترويج لأخرى”.
وإذا كانت أوساط “حزب الله” لم تر موقف الرئيس الحريري بأنه الأخير، لا سيما بعد سقوط أسماء طرحت مثل سمير الخطيب (أحد أصحاب شركة خطيب وعلمي للمقاولات) ووزيرة الداخلية في الحكومة المستقيلة ريّا الحسن، فإن محطة الـO.T.V الناطقة بلسان التيار الوطني الحر، غمزت من قناة الرئيس الحريري، فقالت أنه بعدما ادرك صعوبة عودته إلى رئاسة الحكومة في ظل ما يطرحه من شروط تعجيزية ومستعصية ومستفزة للقوى البرلمانية، ونظراً إلى دقة المرحلة المقبلة اقتصادياً ومالياً وشعبياً.
وسط ذلك، واصل الرئيس عون لقاءاته الديبلوماسية لعرض الاوضاع الراهنة وتطوراتها، فاستقبل قبل ظهر أمس في قصر بعبدا، سفير روسيا لدى لبنان الكسندر زاسبكين في حضور وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي، واجرى معه جولة افق تناولت المستجدات المحلية والاقليمية.
واوضح السفير زاسبكين بعد اللقاء انه نقل الى رئيس الجمهورية موقف القيادة الروسية من التطورات في لبنان، مؤكدا وقوف موسكو الى جانب الدولة اللبنانية ودعمها لها في مواجهة التطورات الراهنة. واشار الى ان البحث تطرق الى العلاقات الثنائية بين البلدين والتي مضى 75 عاما على قيامها، لاسيما لجهة تطويرها في المجالات كافة. واكد السفير زاسبكين ان التعاون بين روسيا ولبنان قائم وسيشهد المزيد انطلاقا من علاقات الصداقة بين البلدين والشعبين الروسي واللبناني، مشيرا الى ان بلاده لن تتردد في التجاوب مع ما يطلبه لبنان في هذا الظرف الدقيق الذي يجتازه، وقال: “موسكو كانت الى جانب لبنان وستبقى”.
وأشارت مصادر مطلعة إلى ان “عدد وزراء الذين يحملون الصفة في الحكومة التي يجري التحضير لها السياسية في الحكومة العتيدة لن يتجاوز الخمسة، وبقية الوزراء تكنوقراط”، واوضحت ان “موعد الاستشارات الذي حدد الخميس قابل للتعديل، لا سيما ان هناك سلسلة اتصالات تجري مع الكتل النيابية من اجل حضورها في الوقت الذي يسجل فيه غياب نواب لدواعي السفر”، لكن المصادر قالت ان “هذه الإتصالات تتركز على الاسم”. مشيرة الى أنه “لا يمكن الخروج حتى الآن عن رغبة الرئيس الحريري في موضوع الأسماء”. وتحدثت عن ان “الموعد للاستشارات غير محسوم بعد اذا كان الجمعة او السبت المقبلين”، ويتردد ان انعدام التوافق على اسم هو من دفع الى التأجيل في الموعد مع العلم ان الحديث عن الاستشارات يشكل حضا للنواب في موضوع التسمية.
وقال بري بحسب ما نقل زواره: “الآن هناك محاولة إحراق لسمير الخطيب بعد إحراق محمد الصفدي وبهيج طباره ونواف سلام ورؤساء لجنة الرقابة على المصارف”.
وأكد استعداد المجلس للاستشارات الملزمة ما ان يحدد موعدها ورفض أي شكل من أشكال الـcapitol control، وقال إنه “لا ينام وعيونه تدمع لرؤية مآسي الناس”.
ونقل عن الوزير السابق طبارة قوله: اعتذرت لأني لمست ان الامور لن تمشي كما اريد. ورفض طبارة الخوض في تفاصيل التصور الذي يقترحه مكتفيا بالقول: هناك اسماء اخرى يجري البحث بها بينها اسم سيدة وسمير الخطيب. لذلك ليجربوا غيري.
وكان المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى إلى “المطلوب الاحتكام إلى الدستور، والاستجابة لمطالب الشعب المشروعة، ويكون ذلك بداية وفورا بالدعوة لإجراء الاستشارات النيابية الملزمة، لتسمية رئيس الحكومة المكلف بتشكيلها بحسب نص الدستور”.
وسط هذه الأجواء غير الواضحة حول مسار التأليف فإن مصادر سياسية مطلعة عن كثب عن الحراك الدولي الجاري بشأن الأزمة في لبنان ما تكشف عن وجود خلاف بين واشنطن وباريس حول نوعية الحكومة الجديدة، ويقابل ذلك ايضا خلاف اميركي- روسي حول دور ووجود حزب الله في الحكومة، حيث سأل المسؤولون الروس نظراءهم الأميركيين ما إذا كان استبعاد حزب الله عن الحكومة ينهي الدور الإيراني في لبنان والمنطقة.
وجزمت المصادر بأن طبخة التأليف لم تنضج بعد وهي ما تزال تحتاج إلى بعض الوقت، الا إذا ذهبت الأمور باتجاه حكومة مواجهة وهو قرار لم يتخذ بعد إلى الآن وقالت: اننا امام مأزق حقيقي فلا الانتفاضة قادرة على التحوّل إلى مشروع حكم، ولا الحكم قادر على تلبية مطالب الحراك وهو ما يضعنا امام حائط مسدود.
واعتبر خبراء في مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة في بيان الثلاثاء أن “قوات الأمن تقاعست عن التدخل لحماية المتظاهرين السلميين واعتقال مرتكبيها”، غداة دعوة مجلس الأمن الدولي في بيان إلى الحفاظ على “الطابع السلمي للاحتجاجات”. وحذرت منظمة العفو الدولية بدورها من أن هجمات اليومين الأخيرين “المنسقة على الأرجح يمكن ان تؤشر الى تصعيد خطير”، داعية السلطات إلى “حماية المتظاهرين والتمسك بحقهم في التظاهر السلمي”.
وحذّر وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال جميل جبق من النقص الحاصل في المعدات الطبية المستوردة من الخارج، مطالباً مصرف لبنان بالتدخل لتوفير المبالغ الضرورية اللازمة بالدولار لتسهيل عملية الاستيراد. وقال “نعاني من نقص كبير في المعدات والمستلزمات الطبية، وإذا استمر هذا الوضع قد نصل إلى وضع خطير”. ودعت الهيئات الاقتصادية إلى اقفال تام لكافة المؤسسات الخاصة في لبنان خلال الأيام الثلاثة المقبلة لـ”الضغط لتأليف حكومة”، محذرة من أن “آلاف المؤسسات باتت مهددة بالاقفال وعشرات آلاف الموظفين والعمال مهددون بفقدان وظائفهم”. وأعلنت نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري في بيان الإثنين أن “265 مؤسسة من المؤسسات التي تتعاطى الطعام والشراب أقفلت أبوابها نهائياً خلال شهرين”.