كتب رولان خاطر في “الجمهورية”:
تسير الأحداث بشكل دراماتيكي بعد قرار «حزب الله» على ما يبدو استنهاض شارعه بوجه الثورة، فتخطى «شارع الثورة» ليصل إلى شوارع ومناطق تستفزّ الوجدان الطائفي والحزبي.
عين الرمانة، حيث الأغلبية السياسية «للقوات»، كانت على موعد مع فتنة مسيحية – شيعية، حماها الجيش بروحه، كما يقول قواتيّو البلدة.
ويقول وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال ريشار قيومجيان لـ«الجمهورية» إنّ «هذا الأسلوب من التعامل لن يوصِل الى نتيجة، ولن يوقف الانتفاضة السلمية التي يعبّر عنها الشعب اللبناني لمحاربة الفساد وبناء دولة حديثة. يحاولون وضع عقبات أمام تشكيل الحكومة التي ينادي بها الشارع، وهي حكومة اختصاصيين مستقلين والضغط لإنتاج حكومة شبيهة بالحكومة السابقة. وبالتالي هناك هدفان لإثارة الفتنة، أولاً، وقف الانتفاضة وتعطيل مفاعيلها، وثانياً فرض مشيئتهم السياسية على الواقع اللبناني».
ورأى أنّ «حزب الله» يستكمل خطته لضرب الانتفاضة، عبر إثارة فتنة شيعية – سنيّة في «الرينغ»، ومسيحية مسيحية في بكفيا، وشيعية – مسيحية في عين الرمانة، التي منعها الجيش اللبناني، والذي لولاه لكان هناك عملية اجتياح لعين الرمانة.
وأكد أنّ «أيّ محاولات لشيطنة صورة الجيش لدى المسيحيين أو إثارة مشكلة بين الجيش والطرف المسيحي لن تنجح. فنحن متمسكون بالجيش والقوى الأمنية، وممنوع الفتنة وممنوع العودة الى الحرب الاهلية. ولن نُستدرج الى فخ الدخول الى الحرب الأهلية أو الى المواجهة مع الجيش».
«الكتائب»
بكفيا كما عين الرمانة، يجمعهما الانتماء الطائفي الواحد، لكن ما حصل يوحي كأنّ المنطقة جزيرة أمنية يُمنع مرور من هم لا يوالون الانتماء السياسي لحزب الكتائب.
الكتائبيون يرفضون هذا المنطق، والمعلومات تقول إنهم لم يتعرضوا لموكب «التيار» الذي كان يمرّ في البلدة إلا بعد ان حصل الاستفزاز، حيث عمد أحد مناصريه الى توقيف سيارته وسط الساحة، وشتم الرئيس أمين الجميّل ونجله سامي بأقسى التعابير، ما استفزّ شباب البلدة وحصل ما حصل.
عضو كتلة الكتائب النائب الياس حنكش اعتبر، في حديث لـ«الجمهورية»، أنه «لا توجد منطقة لبنانية حكراً على أحد وتحديداً بكفيا، لكن لا يمكن أن يقوم أحد بأقسى درجات الاستفزاز وبإطلاق الشتائم من دون ان ينتظر رد فعل عفوية من الأهالي»، مؤكداً في الوقت نفسه أنهم «يتواجهون مع أناس واعية ومدركة لخطورة الأوضاع، وهي تريد وأد الفتنة وتعمل على ضبط نفسها بحكمة».
وأضاف: «هناك قرار صدر بأنهم سيخربطون ويستفزّون. وهناك قرار بتقزيم الثورة من خلال إثارة فتنة في كل المناطق اللبنانية. أهالي السلطة يصرفون وقتهم لخربطة الثورة بدلاً من أن يعملوا على تحسين الوضع المالي والاقتصادي الخطر الذي نواجهه».
وسأل: هل الرئيس عون يعلم ما يحصل في البلد؟ اذا كان يعلم ولم يفعل شيئاً فهذه مشكلة، واذا كان لا يعلم فهناك مشكلة أكبر، لأنّ المعالجات غائبة والسياسات ليست على مستوى الازمة والتحديات». وأضاف: «ألا يقتضي ضمير الرئيس ومسؤوليته الوطنية الدعوة الى الاستشارات الملزمة؟».
وشدد على أنّ الشعب اللبناني والجيش الذي يعمل بقوة على وأد الفتنة هم ضحايا التقاعس والمراوغة، وتضييع الوقت وعدم المبادرة الى تشكيل حكومة تنقذ البلد. الجيش اليوم هو ضحية استلشاء السلطة السياسية».
«التيار الوطني الحرّ»
الردّ العوني كان واضحاً، «ما حصل في بكفيا غير مقبول وعلى اللبنانيين عدم الانزلاق نحو التشنجات، والمطلوب الابتعاد عن المواجهات وعن التحديات»، كما أكد عضو تكتل «لبنان القوي» النائب ماريو عون لـ«الجمهورية».
وذكّر بأنه منذ فترة وجيزة حصل تحرّك في منطقة البياضة والمطيلب والرابية من قبل بعض المتظاهرين وهم ينتمون الى حزب الكتائب، ولم يتصدى لهم مناصرو «التيار». وبالتالي، كل الطرق يجب ان تكون مفتوحة أمام كل اللبنانيين، ومرفوض أن تكون أي منطقة مسميّة على أحد».
ورفض مقولة انّ «التيار» ينفّذ أجندة «حزب الله»، وانّ هناك نوعاً من توزيع أدوار، وقال: «اذا كان هناك من يعتبر ذلك فهذا مردود له، وهذا أمر ليس واقعياً. فلنعد الى بداية الاحداث، ولنتذكر من افتعل مسألة إقفال الطرق وتحديداً في جل الديب. لبنان ليس جزراً أمنية ولن يكون».
نحو المستقبل!
يؤكد قيومجيان أنّ «الثورة يجب أن تمضي قدماً. لا خوف منها في المستقبل، لأنها ستنتج معايير ديموقراطية في العمل السياسي».
من جهته، يحذر النائب عون الشباب المتحمّسين اليوم، «كي لا يعيدوا كرّة الأيام السوداء التي عشناها سابقاً وما زلنا ندفع ثمنها حتى اليوم». وقال: «يجب عدم الوقوع في فخ ما يُرسم لنا من خارج الحدود اللبنانية».
أمّا النائب الياس حنكش فيؤكد أنّ «الثورة وصلت الى نقطة اللاعودة. وهناك ذهنية جديدة. بعد اليوم لا يستطيعوا أن «يخَيّطوا ويفَصّلوا» في السياسة على قياسهم، واذا أكملوا بهذا التعامل فستجرفهم الثورة مع كراسيهم».