كتبت غادة حلاوي في صحيفة نداء الوطن:
من انتظار إلى آخر، لا تزال المشاورات الحكومية تراوح مكانها. بتوصيف الثامن من آذار أن رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري “يمتهن حرق الأسماء”. تراجعت حظوظ المرشح سمير الخطيب، فيما لا يزال الثنائي الشيعي على موقفه من أن الحكومة الجديدة “إما يرأسها الحريري أو من يسميه”.
في رواية الساعات الأخيرة وفي ضوء بيان الحريري أول من أمس، أن المدير العام للأمن العام عباس ابراهيم ووزير الخارجية جبران باسيل زكيا ترشيح المهندس سمير الخطيب لرئاسة الحكومة. أعطى الحريري موافقته الأولية على ترشيح الخطيب ونصحه بلقاء القوى السياسية الأساسية والوقوف على تصوّرها للحكومة على أن يبحث معه ما تبقى من تفاصيل لاحقاً.
سادت أجواء تفاؤل دفعت مصادر بعبدا إلى الإعلان عن موعد مبدئي للإستشارات النيابية. وزاد منسوب التفاؤل بُعيد زيارة الخطيب إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري والاتفاق معه على تشكيل حكومة تكنو – سياسية مؤلفة من 24 وزيراً بينهم ستة وزراء سياسيين وغيرها من التفاصيل.
نصح بري الخطيب بزيارة الحريري والوقوف على رأيه، طلب الخطيب موعداً للقاء الحريري غير أن الموعد المنتظر لم يحدد بعد، ما دفع مصادر بعبدا إلى سحب موعد الاستشارات وتجميده لأنّ “الحريري لم يعطِ جواباً نهائياً وواضحاً على ترشيح الخطيب ولم يبحث معه تفاصيل الموضوع الحكومي”. وما كاد ينتشر خبر ترشيح الخطيب حتى عمم الأمين العام لـ”تيار المستقبل” على مناصريه أن “المستقبل” لم يسمّ أي مرشح بعد وهو في انتظار الإستشارات النيابية. بدا الحريري بالنسبة إلى الفريق الآخر وكأنه يكرر تجربة ترشيح الوزير السابق محمد الصفدي، أعطى موافقته المبدئية وحين حصل التوافق النهائي على ترشيح الصفدي لم يغطّه، وها هو يكرر السيناريو نفسه مع ترشيح الخطيب. لم يعلن موافقته النهائية، لا بل هو ربط رأيه بالموضوع بالشروع في الاستشارت النيابية ما دفع الفريق الآخر إلى التساؤل حول ما إذا كان الحريري “لا يزال على مقولة أنا أو لا أحد؟ أو أنه في انتظار تعليمة صريحة وواضحة من الأميركيين؟”.
كل التفاؤل تبخّر أمس، ليعود البلد أدراجه نحو انتظار جديد لكن هذه المرة لموقف واضح من الحريري حول ترشيح الخطيب. ولو أنّ البعض رأى في عدم تحديد الموعد مؤشراً الى رفض الحريري للخطيب.
تخشى قوى الثامن من آذار أن يعيد الحريري الكرّة مجدداً بحرق اسم الخطيب، خصوصاً بعد بيانه “المليء بالمغالطات” حسبما قرأته قوى 8 آذار: فما فعله الحريري أنه رمى الكرة في ملعبنا وكأنه يقول لنا إعملوا حكومة من دوني إن استطعتم، وهذا مستحيل، لا سيما إذا ما كان ذلك معطوفاً على قول النائب سمير الجسر للوكالة المركزية “إنّ لكتلة المستقبل مرشّحاً واحداً هو الرئيس الحريري”.
تصريح زاد منسوب حيرة الأطراف في ظل بيانين للحريري صدرا عنه أمس الأول، واحد يقول “ليس أنا بل أحد آخر” والثاني يقول إنّ موقفه يعلنه مع اعلان الاستشارات النيابية. ما عزز تساؤل القوى السياسية هل هي عودة إلى نقطة الصفر، وهل هو مؤشر الى أن لا إستشارات قريبة ولا حكومة في الأفق؟
تؤكد مصادر متابعة أنّ الاتصالات مستمرة ومكثفة، وعملية طرح الأسماء وحرقها ما زالت مستمرة. هناك أسماء غاية في الجدية وصلت إلى مرحلة التوافق عليها، لكن ثمة من يقول إنّ الحريري يريد رئاسة الحكومة بشخصه مهما كلف الأمر رغم إعلانه العزوف عن الترشح، لذلك هو يريد أن يكون محل مطالبة وإجماع لتحسين شروطه.
تلحظ هذه المصادر ان الحريري “محبط في مكان ما لجهة عدم التمسك الغربي به، لذلك هو يلعب على أكثر من خط وضمن أكثر من سيناريو ومنها استعمال الشارع ولكن أوراق لعبه قاربت على النفاد وهو ما يسبب ضيق هامش المناورة أمامه بشكل كبير خصوصاً وأنّ الأميركي والأوروبي لم يتوقفا عند مسألة الأسماء وأوصيا بتسريع تشكيل الحكومة”.
في اعتقاد قوى الثامن من آذار أنّ الحريري “يراوغ مجدداً بطرح اسم وزيرة الداخلية ريا الحسن كمرشحة لرئاسة الحكومة، مراهناً على عامل الوقت والشارع ما يعزز فرضية أن لا حكومة قبل شهر من اليوم وربما أكثر”. وما يعزز هذه الفرضية ما صدر عن الرئيس بري حول استغرابه “عدم قيام الحكومة المستقيلة بواجباتها”، وكأنّ الاتجاه نحو تعزيز خيار تصريف الأعمال تقطيع للوقت.
القصة كما تختصرها المصادر عينها أن “لا مشكلة للحريري في الداخل وإنما هو يحاكي المجتمع الدولي في مواقفه”، متحدثةً في هذا المجال عن أنه “أرسل موفداً إلى فرنسا قبل أيام لطلب المساعدة من أجل موقف أميركي وأوروبي، وكذلك طلب من الروس ضمانة معنوية خليجية لترؤسه الحكومة”.